الجيش اليمني يتعهّد بملاحقة قَتَلَة الجنود الـ14 في حضرموت

10 اغسطس 2014
الجيش يتعهّد بمعاقبة قَتَلة الجنود (محمد حويس/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

لا تزال المجزرة التي ارتكبها تنظيم القاعدة بحق 14 جندياً في حضرموت، شرقي اليمن، الحديث الأوحد لليمنيين منذ حدوثها مساء الجمعة. ونعى الجيش، في بيان رسمي، الجنود المغدور بهم، كما أصدرت غالبية الأحزاب اليمنية بيانات إدانة، فيما نفذ تنظيم القاعدة هجمات جديدة بينها إعدام ضابط في الاستخبارات ومهاجمة مقار حكومية في لحج جنوبي البلاد. 

ونعت قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة وقيادة المنطقة العسكرية الأولى "استشهاد أربعة عشر جندياً من منتسبي المنطقة العسكرية الأولى والمغدور بهم على أيدي عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي، يوم الجمعة، وهم على حافلة نقل مدنية وبلباسهم المدني".

واستنكر بيان النعي، الصادر مساء السبت، "هذه الجريمة الشنعاء والوحشية التي تتنافى مع قيم ومبادئ ديننا الإسلامي الحنيف، بل وقيم الرجولة والشهامة والإنسانية"، مشيراً الى أن "ما أقدم عليه الإرهابيون من سرقة البنوك والمؤسسات في مدينة القطن، ومن جريمة بحق الجنود وهم على حافلة مدنية متجهين من سيئون إلى العاصمة صنعاء وبلباسهم المدني في منطقة حوطة شبام في محافظة حضرموت، إنما يذكّرنا بجريمة مستشفى العرضي في صنعاء وغيرها من الجرائم التي تكشف زيف ادعاء عناصر الشر والإرهاب بأنهم يدافعون عن الإسلام وشريعته السمحاء".

وترحّم البيان على أرواح الجنود، مؤكداً بأن الجُناة "سيلاحَقون عاجلاً أم آجلاً إلى كهوفهم المظلمة على أيدي زملاء الشهداء من منتسبي القوات المسلحة والأمن وجماهير الشعب اليمني حتى يتم ضبطهم وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم الرادع".

في السياق، أصدر عدد من الأحزاب اليمنية بيانات شجب وإدانة لهذه الحادثة التي وُصفت بـ"الجريمة الوحشية النكراء"، داعية أبناء الشعب للتلاحم مع الجيش في مواجهة عناصر الإرهاب. كما نظّم عدد من المنظمات الحقوقية وقفات احتجاجية تنديداً بالمجزرة التي أودت بحياة 14 جندياً أعزلاً.

من جهته، نشر تنظيم "القاعدة" صوراً للحافلة التي اختُطف منها 14 جندياً، مبرراً قتلهم بأنهم "روافض وحوثيين، (شيعة) سلموا الشمال للحوثي وجاؤوا لحرب أهل السنّة في الجنوب". ولاقى هذا التبرير استهجاناً شديداً عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وبحسب رواية "القاعدة"، فإن عناصر التنظيم رصدوا حافلة لإحدى شركات النقل الجماعي وهي تقل الجنود المنتمين للجيش، فاستوقفوها في الخط العام في مدينة شبام في حضرموت، القريبة من سيئون عاصمة وادي حضرموت. وأشارت الراوية التي نشرها التنظيم على حسابه في موقع التواصل "تويتر"، الى أن عناصر التنظيم استوقفوا الحافلة وأنزلوا الجنود ثم بدأوا بالتحقيق معهم للتأكد من انتمائهم للجيش اليمني، ومن ثم جرى ذبحهم.

وعلّق المتحدث الرسمي باسم جماعة أنصار الله (الحوثيين)، محمد عبد السلام، على الحادثة بالقول، إن "مواجهة ما يسمى بالقاعدة، تبدأ من العاصمة صنعاء بوضع تلك القوى الداعمة والمفرخة للتكفيريين، بكافة أشكالها السياسية والعسكرية والقبلية، خارج إطار النفوذ والتأثير على السلطات المركزية، وأن يقف الجميع لمواجهة هذه العناصر، وما عدا هذا هو زجّ بالجيش في معارك خاسرة وإضعاف لمعنوياته وإهدار لكرامته وحقوقه".

وقال عبد السلام: "ليعرف الجميع أن المواجهات التي حصلت في السابق في كل من دماج وكتاف وحوث وحرض وعمران وأرحب، والآن في الجوف، هي معركة مع هذه العناصر التكفيرية، بدءاً من الداعم الرئيسي، حزب "الإصلاح"، وعلي محسن، وبيت الأحمر، ولم يكن هناك خيار، إما الدفاع عن النفس بكل كرامة وفخر واعتزاز، أو الذبح كالنعاج في ظل تصديق أن هناك دولة تحارب ما يسمى بالإرهاب، وهي تحتضن الإرهاب والتكفير بكافة أشكاله في مراكز الدولة العليا".

ونشر أحد شهود العيان، الذي كان على متن الحافلة على حسابه في موقع "فيسبوك"، شهادته لما رآه، مشيراً الى أن الجنود توجّسوا منذ صعودهم الحافلة بعد مغرب الجمعة، وأن السائق قام بتغيير خط السير حينما أُبلغ بوجود كمين لأتباع "القاعدة" ينتظر الحافلة، لكن مسلحي التنظيم لحقوا بالحافلة وقاموا بفرز جميع الركاب آخذين معهم الجنود ومبدين اعتذارهم لبقية الركاب.

وأفاد الشاهد أن القيادي في "القاعدة"، جلال بلعيدي، ألقى كلمة على الركاب بعد فصل الجنود عنهم، مبرراً بأن هؤلاء الجنود "روافض وحوثيين". وانطلقت الحافلة نحو صنعاء، فيما انطلق المسلحون بالجنود لينفذوا عليهم حكم الإعدام ذبحاً بالسكاكين في منطقة الحوطة.

وحسب الشاهد، فقد نجا جندي واحد تحفّظ عن كشف هويته للمسلحين. وقال الشاهد إن ركاب الحافلة أصيبوا بالرعب والصدمة حينما وصلهم خبر مقتل الجنود بعد وصول الحافلة إلى مدينة القَطْن، الواقعة على بُعد 35 كيلومتراً غرب سيئون.

في غضون ذلك، شنّ الطيران الحربي اليمني، يوم الجمعة، غارات جوية على أحد الأودية بالقرب من مدينة القطن في وادي حضرموت. وحسب مصادر محلية، فإن طائرات من نوع سوخوي حلقت صباح الجمعة على وادي سر، وشنت عدداً من الغارات على وادي جبهوض. ولم تتحدث المصادر عن حدوث خسائر في الأرواح أو الممتلكات.

وعزّز الجيش معسكراً تابعاً للأمن في مدينة القطن، بناقلتي جُند من اللواء 135 مشاة، بعدما اقتحم مسلحون من "القاعدة"، صباح الجمعة، المدينة واستمروا فيها لساعات قبل أن ينسحبوا منها.

في المقابل، أعلن تنظيم القاعدة في اليمن، عن قيامه بإعدام ضابط في الاستخبارات ومهاجمة مقار حكومية في لحج جنوبي البلاد.
وقال بيان على صفحة تابعة للتنظيم في موقع "تويتر" إن عناصره نفذوا مساء السبت، هجوماً على منشآت مدنية ومقار أمنية في مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج. وهي معسكر قوات الأمن الخاصة، مبنى الأمن السياسي، مقر ادارة المحافظة ومقر الأمن. وأكد استهداف معسكر قوات الأمن الخاصة بقذائف الهاون بالتزامن مع استهداف المقار الاخرى بقذائف الار بي جي.
وتأكد "العربي الجديد" من مصادر محلية من صحة معلومات البيان. وأشارت المصادر إلى حدوث الهجوم، بينما لم يصدر بيان رسمي عن السلطات اليمنية بشأن الهجوم حتى الآن. كما أكدت المصادر أن المسلحين اختفوا بعد الهجوم.
إلى ذلك، قال التنظيم في بيان آخر إن عناصره قتلوا رجل استخبارات وصفوه بـ"الجاسوس"، في حي "المساوى" رمياً بالرصاص بعدما "ثبت عمله مع الأمن السياسي اليمني" بحسب البيان.
كما نقلت مصادر يمنية أن مسلحين يعتقد بانتمائهم للقاعدة، اقتحموا مساء السبت، محلاً للصرافة في منطقة "فوّه" غربي مدينة المكلا ونهبوا ما بداخله من مبالغ مالية.