كشف مصدر عسكري عراقي في هيئة رئاسة أركان الجيش، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، عن انسحاب 2350 جندياً، ضمن اللواء 23، التابع لقوات حرس الحدود، الفرقة الثانية، من الشريط الحدودي العراقي ـ السعودي المحاذي لمحافظة الأنبار، بما فيها معبر عرعر الدولي الرابط بين البلدين، ليحلّ مكان هؤلاء الجنود مقاتلون من الميليشيات الموالية للحكومة، وفرق عسكرية من المتطوعين الجدد في الجيش العراقي.
وأكد المصدر أن "انسحاب القوات لم يكن بسبب المعارك أو التهديد من الجماعات المسلّحة، ولكنه جاء ضمن عملية تعزيز أمن العاصمة بغداد ومدينة سامراء، واستبدالهم بمتطوعين جدد وطلاب من الكلية العسكرية الأولى، الذين أنهوا دراستهم قبل موعدها".
وأوضح أن "ميليشيا بدر، بقيادة وزير النقل هادي العامري، وميليشيا حزب الله العراق، بقيادة واثق البطاط، تساندان المتطوعين الجدد الذين توافدوا الى المنطقة منذ ظهر أمس، الخميس، وتسلّموا 23 مخفراً حدودياً مجهزين بكاميرات حرارية ومنظومات مراقبة".
ولفت الى أن "الاجراء شمل الحدود المحاذية لمحافظة الأنبار، فيما تلتزم قوات حرس الحدود والهجانة مكانها، في محافظة السماوة والصحراء الجنوبية من دون تغيير". وأشار المصدر العسكري الى أن "أقرب نقطة تماس بين الجانبين تبلغ نحو 2 كيلومتر، وهي مسافة يغطيها الجانب السعودي بسياج كهربائي وأبراج رصد عالية يصعب التسلّل من خلالها".
وتابع أنه "لو لم يكن (رئيس الوزراء العراقي نوري) المالكي، واثقاً من إجراءات الجانب السعودي في حماية حدوده، لما أقدم على تلك الخطوة التي سبقتها خطوة مماثلة مع الكويت قبل أيام".
ويشترك العراق مع السعودية بحدود يصل طولها الى 800 كيلومتر، وهي ذات طبيعة صحراوية، وتضمّ حقلاً للغاز الطبيعي وآبار نفط غير مستثمرة، فضلاً عن شبكة خطوط أنابيب للنفط، متوقفة عن العمل منذ العام 1991 عقب حرب الخليج.
وتقطن المنطقة الحدودية بين البلدين، عشائر شمر وعنزة والعبيد والرهوج والدليم والصبيحات، وهي العشائر التي أعلنت موقفها الرافض للمالكي، والمؤيد للحراك المسلّح في المدن الشمالية والغربية من البلاد.
وتضم المنطقة الحدودية مدن عرعر وجديدة عرعر داخل العراق، وتحمل مدن مجاورة لها في السعودية التسمية نفسها، فضلاً عن الطليحية والنخيب وبلدة الحجاج وقرى آبار أبو بكر.
وكان المتحدث باسم قيادة العمليات العراقية المشتركة، الفريق قاسم عطا، قد نفى، أمس الخميس، انسحاب القوات العراقية من الحدود مع السعودية، ووصف تلك الأنباء بـ"الكاذبة"، مشيراً الى أن "بضعة جنود مرتشين انسحبوا من تلك المنطقة".
إلا أن زعيم قبيلة شمر، الشيخ متعب الوكاع، أكد في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "أفراد الجيش سرقوا مواشي وممتلكات للقبيلة قبل انسحابهم من المكان". وقال الوكاع إن "ما شاهدناه كان انسحاباً طبيعياً وبطيئاً من المنطقة الحدودية، وأخذ الجنود معهم جميع آلياتهم، وبعد ساعات، وصل المئات من الجنود ومعهم أشخاص مسلحون بلباس مدني، واستقروا في المخافر الحدودية ورفعوا أعلام عراقية وأخرى دينية معروفة".
وأعرب الوكاع عن خشيته من أن تكون العملية برمّتها "لعبة جديدة من المالكي، لإشراك السعودية في الأزمة، وخصوصاً أن القوة التي وصلت تحمل مدافع هاون، وهو أمر غريب أن تحمل قوات حرس حدود مدافع الهاون معها".
وشهت المنطقة الحدودية مع السعودية، مطلع العام الجاري، توتراً مفتعلاً، غداة إطلاق ميليشيا "حزب الله العراقي" ستة قذائف هاون على مخافر حدودية سعودية، أسفرت عن أضرار مادية.