ونشرت مجلة "الجيش" الرسمية الناطقة باسم المؤسسة العسكرية افتتاحية بلهجة حادة تضمنت لائحة طويلة من الاتهامات ضد قوى تعتقد أنها تعرقل حل الأزمة السياسية الراهنة على خلفية الحراك الشعبي القائم في البلاد منذ 22 فبراير/ شباط الماضي.
وأفادت الافتتاحية بأنه "في الوقت الذي تعيش فيه بلادنا أزمة، يريد البعض ممن باعوا وضربوا المصلحة العليا للوطن عرض الحائط، ويتآمرون عليه جهارا نهارا، أن تراوح مكانها ويطول أمدها برفض الحلول المتاحة والممكنة التي من شأنها أن تتيح لبلادنا تجاوز هذه الأزمة".
ورد الجيش بانتقاد بالغ على طروحات نشرها رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش والجنرال المتقاعد حسن بن حديد في الصحف قبل أيام، وأكد "أن الأبواق ذاتها التي طالبت الجيش بالتدخل في الشأن السياسي خلال عشريات سابقة، هي نفسها التي تحاول اليوم عبثا أن تدفعه لذلك في هذه المرحلة، من خلال طرق شتى أبرزها ممارسة الضغط عبر رسائل مفتوحة ونقاشات وآراء تنشر على صفحات بعض الصحف للذهاب لفترة انتقالية على مقاسهم يعبثون فيها مثلما شاؤوا ويمررون مشاريعهم وأجندات عرابيهم الذين يكنون الحقد والضغينة للجزائر وشعبها".
وكان الجيش يتوجه بهذه الاتهامات إلى القوى المعارضة التي تطالب بفترة انتقالية، وتعارض الحل الدستوري المؤدي إلى انتخابات رئاسية في موعدها المقرر في الرابع من يوليو/ تموز المقبل، وإلى رئيس الحكومة السابق حمروش، والذي نشر قبل أيام مساهمة سياسية في صحيفة "الخبر" طالب فيها الجيش بعدم التصادم مع مطالب الشعب وفسر ضرورات المرحلة الانتقالية، فيما نشر الجنرال بن حديد رسالة مفتوحة إلى قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح دعاه فيها إلى اتخاذ مواقف سياسية خارج الحل الدستوري، وتسليم السلطة إلى الشعب.
وانتقد الجيش قوى وشخصيات سياسية أخرى سبق أن انتقدت مواقف الجيش المتمسك بالحل الدستوري، وشككت في نواياه السياسية، واعتبر أن "هذه الشرذمة والمغامرين يسعون لتنفيذ مخطط على جبهات عدة يهدف في نهاية المطاف لإيقاع بلادنا في أتون الفوضى والاختلال".
واتهم الجيش نفس القوى بمحاولة "السطو على حراك الشعب السلمي وركوب الموجة بما يخدم مصالحهم الضيقة، عبر السعي لفرض أنفسهم كناطقين باسم الشعب على أمل تأجيج الوضع وخلط الأوراق، وإيهام الجزائريين بأن تحرك القضاء للنظر في ملفات الفساد إنما جاء بإيعاز من المؤسسة العسكرية في محاولة خبيثة للتشويش على العدالة وإحباط عزائمها في إتمام إنجاز المهمة الموكلة لها وفقا للقانون".
وفي الفترة الأخيرة شككت قوى سياسية مدنية في حملة مكافحة الفساد وسلسلة التوقيفات التي مست عددا من رموز النظام السابق كالسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس بوتفليقة والمديرين السابقين للمخابرات الفريق محمد مدين والجنرال بشير طرطاق، ورجال أعمال بارزين كزعيم الكارتل المالي علي حداد ويسعد ربراب، واستدعاء المدير العام السابق للشرطة عبد الغني هامل ورئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى ووزير المالية الحالي محمد لوكال بصفته محافظ بنك الجزائر ووزيري التضامن السابقين السعيد بركات وجمال ولد عباس.
ودافع الجيش عن مواقفه المتعلقة بمنع حدوث فراغ دستوري، واعتبر أنه ورث وضعية سياسية استدعت جهدا لتطهير المحيط السياسي، ووصف ذلك بأنه "تفكيك الألغام "، التي قال إن "الشعب الجزائري يعرف من زرعها في كامل مؤسسات الدولة، وأن هذه الأزمة التي كنا في غنى عنها تم افتعالها بهدف زرع بذور عدم الاستقرار في الجزائر من خلال خلق بيئة مناسبة للفراغ الدستوري".
وأضاف "هؤلاء تسببوا عن قصد في نشوب هذه الأزمة وهم من يحاولون اليوم اختراق المسيرات ويبوحون بشعارات مشبوهة ومغرضة ويحرضون من خلالها على عرقلة كافة المبادرات البناءة التي تكفل الخروج من الأزمة، وقد برهنوا بذلك أنهم أعداء الشعب الذي يدرك رفقة جيشه كيف يحبط المؤامرات".