الجيش الأميركي يلغي عقود المجندين المولودين خارج الولايات المتّحدة

16 سبتمبر 2017
المجندون الأجانب تطوّعوا للخدمة لتسريع حصولهم على الجنسية(جون مور/Getty)
+ الخط -
أفادت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أن موظفي التجنيد في الجيش الأميركي ألغوا عقود مئات المجندين المولودين خارج الولايات المتّحدة، خلال الأسبوع الماضي، مما أدى لقلب حياتهم رأساً على عقب، وتعريض عدد منهم للترحيل.

ونقلت الصحيفة عن خبراء عسكريين قولهم إن مجنّدي برنامج المهاجرين، المعروف رسمياً باسم "برنامج الانضمام الحيوي للمصلحة القومية" (مافني)، بلغوا حوالى 10400 جندي منذ 2009، ويمتلك هذا العدد القليل نسبياً من مجندي برنامج مافني مهارات مهمة للغاية، كاللغات الأجنبية التي تحتاجها قيادة العمليات الخاصة بشدة، وهم بدورهم يتطوعون في الجيش الأميركي مقابل الحصول على الجنسية الأميركية بشكل أسرع.


إلا أنه، بحسب الصحيفة، يمكن لتجنيد الأجانب أن يولد كمية مضاعفة من العمل بالنسبة لموظفي التجنيد، الذين عليهم مراعاة النظم والسياسات المتغيرة، كما أن فحوص الأمن متعددة المستويات قد تستغرق أشهراً أو حتى سنوات، في حين تقتضي الأوامر الصارمة تجنيد المجندين بسرعة، مما يسبب إحباط موظفي التجنيد. وذكرت الصحيفة أن عدة موظفي تجنيد تخلوا عن عقود المجندين للتخلص من عملية التجنيد المرهقة، والتي تشمل تحقيقات مكثفة في خلفية كل شخص.

ونقلت الصحيفة عن ناعومي فيردوغو، وهي مسؤولة سابقة في البنتاغون، أن المجندين المهاجرين يتعرضون بالفعل لفحوصات متشددة مبالغ بها بالمقارنة مع أي مجندين آخرين، مشيرة إلى حالة متطرفة لمجند من الهند، تخرج من جامعة هارفارد، ويقاتل حالياً في صفوف القوات الخاصة، تم استدعاؤه لعمليات فحص أمني محدثة.



وبحسب وثائق داخلية حصلت عليها الصحيفة من البنتاغون، فقد جرى تعليق برنامج "مافني" في الخريف الماضي، بعدما أعرب مسؤولون عن قلقهم من المتسللين الأجانب، بالرغم من غياب أي تهديدات واضحة.

وأكد موظفون سابقون للصحيفة وجود مشاعر مناهضة للهجرة تنتشر في البنتاغون منذ سنوات، فقد عمل مسؤولون سابقون ومسؤولون أمنيون من إدارة باراك أوباما على تعقيد عملية تجنيد المهاجرين بإضافة المزيد من الفحوص الأمنية لحاملي التأشيرات، والذين سبق أن فحصتهم وزارتا الخارجية والأمن الداخلي.

ويتزامن هذا التعطيل لعقود المجندين مع ما وصفته الصحيفة بأنه حقل ألغام سياسي يجول فيه الرئيس دونالد ترامب، حيث يعمل مع خصومه الديمقراطيين على حسم مصير برنامج "الحالمين"، أي المهاجرين غير الموثقين الذين جاؤوا إلى الولايات المتحدة وهم أطفال، في حين لا يتوقف عن تأجيج مؤيديه المعادين للمهاجرين.

وأفادت الصحيفة أن كلاً من السيناتور الديمقراطي كامالا هاريس والجمهوري ريتشارد دوربين قاما، يوم الثلاثاء الماضي، باقتراح تعديل لمشروع قانون تفويض وزارة الدفاع، وذلك للاحتفاظ بمجندي برنامج "مافني" ريثما يتم الانتهاء من التحقيقات الطويلة الجارية حول خلفياتهم. واقتبست الصحيفة تغريدة هاريس التي جاء فيها أن "هؤلاء الرجال والنساء الشجعان جندوا أنفسهم بينما الإدارة الحالية تدير ظهرها، علينا تمرير التعديل لحماية هؤلاء المجندين".




وأشارت مارغريت ستوك، وهي ضابطة متقاعدة كانت من مؤسسي برنامج مافني، لـ"واشنطن بوست"ـ إلى أنها تلقت عشرات الرسائل المحمومة من المجندين هذا الأسبوع، مضيفة أن هناك ضغوطاً مالية كبيرة على قيادة التجنيد. وبحسب ستوك فإن إلغاء عقود المجندين الأجانب، والتي تستهلك الكثير من الموارد المالية، خيار جذاب بالنسبة لبعض المسؤولين. وعلقت ستوك بالقول إن ما يجري "عمليات تطهير تدمر حياة كثيرين، لدينا حرب مستمرة ونحن بحاجة إلى هؤلاء الناس".

وليس واضحاً بعد، بحسب تحليل الصحيفة، ما إذا كان مسؤولو البنتاغون قد اعتبروا مواقف البيت الأبيض الصارمة بشأن الهجرة دعوة لخفض ميزانية برنامج "مافني"؛ إلا أن البنتاغون نفى أي عملية إلغاء جماعي لعقود تجنيد المهاجرين، وأكد عدم وجود أي حوافز للقيام بذلك، إلا أن المجندين المهاجرين يسرّحون تلقائياً في غضون سنتين ما لم "يختاروا بشكل صريح" البقاء لسنة إضافية.


لكن بعض المجندين المسرحين الذين قابلتهم الصحيفة أكدوا عدم تجاوزهم السنتين. وقد رفض البنتاغون الرد عندما سألته الصحيفة ما إذا كانت التوجيهات الأخيرة تضمنت عبارات غامضة يبدو أنه أسيء تفسيرها.
وذكرت مجندة مهاجرة، اشترطت عدم ذكر اسمها، أن عقدها ألغي بعد أيام من تقدمها بطلب تجديده، مشيرةً إلى أنها معرضة للترحيل إلى موطنها الأصلي في إندونيسيا، والتي تجرد مواطنيها من الجنسية في حال تطوعوا في جيش أجنبي، أو تعهدوا بالولاء لدولة أخرى.

كما نقلت الصحيفة عن لولا مامادزانوفا، وهي مهاجرة من قيرغيزستان، وإحدى المجندات المسرحات الأسبوع الماضي، أن موظفي التجنيد لجؤوا إلى عدة "خدع قذرة" لكي يفصلوها؛ فقد أرسلوا رسائل قصيرة للمجندين المهاجرين يسألونهم ما إذا كانوا يريدون البقاء في الجيش، مع اشتراط الرد خلال عشر دقائق. أكدت مامادزانوفا أنها لم تتلق أي رسالة، وقد سمعت لاحقاً أن موظفي التجنيد استخدموا رقماً خاطئاً لمراسلتها. وبحسب وثيقة الفصل التي حصلت عليها الصحيفة، فقد تم إلغاء خدمتها يوم 7 أيلول/سبتمبر الماضي لأنها "رفضت التجنيد". ورفض مسؤول التوظيف في الثكنة التي كانت تخدم بها مامادزانوفا التعليق عندما اتصلت به الصحيفة، إلا أنه اتصل بالمجندة السابقة بعد دقائق لتصحيح الحجّة، شارحاً أن وضعها غير القانوني كمهاجرة هو سبب التسريح.


المساهمون