تشير السيدة إلى والدة مصطفى العجوز: "لقد اشتد المرض على والد ووالدة مصطفى منذ انقطاع أخباره، ونريد جميعاً جلاء الموضوع".
يبعد منزل عائلة وهبة عن عرسال كيلومترات قليلة، ويقع في أحد أحياء القرية الفقيرة. تستقبلك عبارة "اللبوة لن تركع" قبيل الوصول إلى المنزل عبر الطريق غير المعبّدة.
في الساحة الصغيرة أمام الدار، تستقبل عائلة وهبة الجيران القادمين للسؤال عن مصير معيلهم الوحيد. تحضر القهوة المرة سريعاً للزوار، كأنها جزء من عزاء غير معلن فرضه مصير مصطفى المجهول على المنزل والجوار.
تقلّب زوجة الجندي الأسير في هاتفها الجوال في صوره القديمة بحثاً عن مواساة لها. أما والدته فاحتضنت صورتين قديمتين لمصطفى بالزي العسكري، الأولى في حفل زفاف شقيقته والثانية في استوديو تصوير.
يجلس محمد، أحد أشقاء مصطفى، بين زوجة شقيقه ووالدته. يقلّب الرجل كفيه لدى سؤاله عن آخر المستجدات: "لا بصيص أمل لدينا. لا أحد يخبرنا شيء عن مصطفى، الموظف الوحيد في العائلة والمعيل الأساسي". يعمل شقيق محمد في محل للحلاقة في اللبوة، أما والده العجوز فقد أقعده المرض إلى جانب أحد أبنائه المعوقين في المنزل.
يكرر محمد الكلام نفسه بعبارات مختلفة، فالمعطيات القليلة الوحيدة التي ترد إلى العائلة من وجهاء اللبوة تُفيد بأن اسم مصطفى مطروح لإطلاق سراحه. "لا تأكيد إن كان حياً أم ميتاً"، يقول أحد وجهاء القرية الذي تولّى نقل اسم مصطفى إلى هيئة العلماء المسلمين، التي تفاوض المجموعات المسلحة لإطلاق سراح الأسرى العسكريين.
يشير الرجل إلى أهمية إطلاق مصطفى "لقطع الطريق أمام المصطادين في الماء العكر من أبناء اللبوة، الذين حرّضوا أقرباء مصطفى على قطع الطريق أمام قافلة المساعدات الإنسانية التي حاولت دخول عرسال قبل أيام".
يشوب التوتر علاقة أبناء اللبوة وعرسال منذ انطلاقة الثورة السورية. أهالي عرسال تبنوا الثورة واحتضنوا اللاجئين السوريين. في المقابل، وقف أهالي اللبوة إلى جانب حزب الله، وزاد من حدّة اصطفافهم تساقط صواريخ المعارضة السورية على قريتهم.
وصل الخلاف إلى ذروته مطلع العام الحالي عندما قطع أهالي اللبوة الطريق الوحيد المؤدي إلى عرسال بالسواتر الترابية. يقول بعض أهالي اللبوة إنه لا إجماع في القرية على معاداة عرسال، الجارة السنية الأكبر في البقاع الشمالي. ويأملون في إعادة الهدوء إلى النفوس من خلال إطلاق وهبة.
وعلى الطرف الآخر، تقول مصادر في هيئة العلماء المسلمين إن "إسم وهبة مطروح في المفاوضات الجارية مع المسلحين، أسوةً بغيره من العسكريين الذين تعمل الهيئة على إعادتهم إلى أهاليهم".
حتى ذلك الحين، يبقى القلق مسيطراً على عائلة وهبة التي أعلنت رفضها المشاركة في قطع الطرقات، بانتظار عودة ابنها.