وأعلن الجزائر، متأخراً، دعمه لاتفاق الصخيرات، إذ قال المتحدث باسم الخارجية الجزائرية، بن علي الشريف، في تصريح صحافي، إنّ "الجزائر يشيد بالتوقيع على الاتفاق السياسي من قبل الأطراف الليبية المشاركة في الحوار بإشراف الأمم المتحدة". وعبّر بن شريف عن ارتياح الجزائر لما حصل، واصفاً الاتفاق بـ"المكسب الذي من شأنه تمكين ليبيا، البلد الشقيق والمجاور، من استعادة السلم والأمن والاستقرار". وتابع: "ندعو كافة الأشقاء الليبيين إلى تبنّي هذا المسعى والانضمام إلى الاتفاق السياسي بهدف توفير كافة ظروف تنفيذه السريع والملائم في سبيل تسوية نهائية ودائمة لهذا النزاع".
وشدّد المتحدث باسم الخارجية الجزائرية على أنّ "في هذه المرحلة الحساسة والحاسمة، نؤكد بقاءنا إلى جانب الشعب الليبي، وسنضمّ جهودنا إلى جهود دول الجوار والمجتمع الدولي الهادفة إلى مساعدة هذا البلد الشقيق لتكريس السلم والأمن بشكل نهائي، وتعزيز الوحدة والمصالحة الوطنية".
وعلى الرغم من أنّ الجزائر، أبرز دول الجوار الليبي، وشارك في كل جولات الحوار السابقة والاجتماعات الدولية التي عقدت في جنيف وروما وتونس، المعنيّة بالأزمة الليبية، لم يحضر ممثل رسمي عنه أثناء توقيع الاتفاق، واكتفى بتمثيل منخفض على مستوى سفيره في الرباط. ويعيد مراقبون الغياب الجزائري إلى الخلافات السياسية الحادة بين المغرب والجزائر، واتخاذ الأخير قراراً بخفض مستوى تمثليه في أي من الاجتماعات الدولية التي تُعقد في المغرب. والحدود المغربية ــ الجزائرية مغلقة منذ العام 1994، بعد تعرُّض فندق سياحي في مراكش لإطلاق نار على سياح، واتهم المغرب الجزائر بالتورط في الحادث.
في السياق ذاته، يعلّق مصدر دبلوماسي جزائري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ غياب تمثيل حضور وزير الخارجية، إلى جانب نظرائه وزراء خارجية كل من تركيا، وقطر وإسبانيا، وإيطاليا، وتونس، التوقيع على اتفاق الصخيرات، يعود إلى أنّ الأطراف الليبية نفسها بدت متناقضة في مواقفها، "وهذا ما اتضح لنا سلفاً منذ اجتماعات تونس وروما. كنا نجد صعوبة كبيرة في فهم مواقف طرفَي النزاع، لكننا نأمل مع ذلك، في أن ينهي اتفاق الصخيرات الأزمة في هذا البلد".
اقرأ أيضاً: "إملاء الصخيرات": استعجال التوقيع للتدخل عسكرياً في ليبيا
ويرى متابعون للسياسة الخارجية الجزائرية، أنّ توقيع الأطراف الليبية على اتفاق سياسي يكرّس الموقف الجزائري الذي كان يدفع باتجاه هذه الحلول. ويقول المحلل السياسي، رئيس تحرير صحيفة "الجديد" الجزائرية، رشيد شويخ، لـ"العربي الجديد"، إن الجزائر كان أبرز القوى التي أفشلت خططاً مصرية وإقليمية لتنفيذ تدخُّل عسكري في ليبيا. حاولت مصر إقناع دول عربية وغربية بإرسال قوات إلى ليبيا، ونفّذت فعلياً عملية عسكرية داخل هذا البلد، لكن حدة الموقف الجزائري المدعوم بموقف تونس، دفعت القاهرة إلى التراجع عن الخيار العسكري".
في سياق آخر، يحمل الدعم الجزائري لاتفاق الصخيرات، أملاً كبيراً في أن يسهم استقرار ليبيا واستعادة الدولة لسيطرتها على كامل المناطق، وخصوصاً الجنوبية، والشريط الحدودي، في منع نشاط ووجود المجموعات المسلحة. وينظر المسؤولون الجزائريون بعين الريبة إلى التنظيمات التي تنشط خلف الحدود الليبية، والتي يرتبط بعضها بتنظيمَي "القاعدة" و"داعش". كما أنّ المجموعة الإرهابية التي نفّذت الهجوم على منشأة النفط في عين أميناس في ولاية اليزي الجزائرية في يناير/ كانون الثاني 2013، انطلقت من الحدود الليبية بعدما وصلت إلى هناك قادمة من شمال مالي. واستفادت هذه المجموعة من تمويل السلاح الذي حظيت به من جماعات ليبية.
كما أنّ للجزائر هدفاً آخر من خلال تنفيذ الاتفاق، يكمن في محاربة التهريب الذي يمثل جزءاً مهماً من الأنشطة التجارية في المناطق الحدودية. في هذا الصدد، يقول شويخ: "علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أنّ سكان الجنوب تربطهم علاقات عائلية بالعائلات الليبية. وكانت هذه المناطق تعتمد في اقتصادها على ما يتم جنْيَه من التهريب، وإنْ كان هذا الأخير يحمل طابعاً خاصاً بين الجزائر وليبيا، إذ يتم تهريب القطع الميكانيكية والذهب وبعض المنتجات. يعني أن التهريب كان في تجاه واحد من ليبيا إلى الجزائر. أمّا معطيات ما بعد الاستقرار، فتشير إلى أنّ التهريب سيكون متبادلاً".
اقرأ أيضاً: الجزائر تشيد باتفاق الفرقاء الليبيين