الجزائر في صور وطوابع بريدية

27 نوفمبر 2018
يتحدث إلى أحد الزبائن (العربي الجديد)
+ الخط -

فاروق عزوق جزائري يهوى كتابة تاريخ الجزائر من خلال صور وطوابع بريدية وغيرها، ويحلم أن يمنحه المسؤولون محلاً لعرض ما يملك

في شارع العربي بن مهيدي وسط العاصمة الجزائرية، طاولة صغيرة وطوابع بريدية قديمة وصور لشخصيات سياسية جزائرية وأخرى عالمية، تختصر بعضاً من تاريخ البلاد والأحداث التي شهدتها، وربّما تعكس حنيناً إلى زمن ولّى.

اعتاد فاروق عزوق أن يأتي إلى هذا المكان يومياً. قلّة، وهو واحد منهم، يهتمون بجمع التفاصيل القديمة. منذ 18 عاماً، ورث فاروق هذا الأمر عن والده، الذي كان قد ورثه بدوره عن جد فاروق، الذي لطالما أحب جمع الصور القديمة والطوابع البريدية وبطاقات تعود لشخصيات تاريخية. فاروق أيضاً وجد نفسه منخرطاً في جمع هذه الأشياء، حتى جعل منها حرفته، "وصارت تسري في عروقي مثل الدم".

يقول: "عملي هذا جعلني أكثر ثقة بنفسي بسبب حب الناس واهتمام المارة من زبائن وفضوليين جزائريين وأجانب بالاطلاع على ما لدي. وعادة ما يأخذ الفضوليون قسطاً من الراحة من خلال الأسئلة التي يطرحونها، ويلتقطون صوراً للذكرى. يتأملون صور شهداء ثورة التحرير، وصور الرؤساء والمسؤولين، كما أن بعض الطوابع البريدية تؤرخ لأحداث وفترات مهمة، أو تحكي قصصاً مختلفة عن تاريخ الجزائر والعالم".

يحلم بأن تمنحه البلدية محلاً (العربي الجديد) 


ويؤكّد فاروق لـ "العربي الجديد" أنّه يحاول خلق أفكار جديدة للترويج لتاريخ الجزائر، وذلك من خلال الصور القديمة والطوابع البريدية. حتى إنه فاز بالجائزة الأولى في معرض الجزائر للطوابع، بعد جمعه طوابع بريدية تتعلق بالفترة الانتقالية التي أعقبت استقلال الجزائر مباشرة ودحر الاستعمار الفرنسي، ما بين الخامس من يوليو/ تموز 1962 وبداية نوفمبر/ تشرين الثاني في عام 1962، إذ عرفت الجزائر وقتها طوابع فرنسية تحت مسمّى الجمهورية الفرنسية، قبل أن تبادر الحكومة المؤقتة الجزائرية في نوفمبر/ تشرين الثاني بإصدار أول طابع بريدي في تاريخ الجزائر المستقلة. فكرته نالت إعجاب كثيرين، هو الذي اختار تأريخ الجزائر المستقلة الفتية في تلك الفترة.

بعض مما يعرضه (العربي الجديد) 


بعد سنوات من العمل في الشارع، حيث يعرض بضاعته الثمينة، يتمنّى أن تستجيب بلدية الجزائر الوسطى والمسؤولون في العاصمة الجزائرية لطلبه، وهو الحصول على محل صغير لعرض بضاعته واستقبال الزوار. "أريد أن أرتاح وقد تعبت طيلة 18 عاماً. أستطيع تقديم الكثير، لكنني أحتاج إلى محل". ويلفت إلى تلقيه عروضاً كثيرة خارج الوطن، ليتولّى تنظيم معارض وفعاليات، لكنه رفض. ولأنه ما زال يستقبل الهواة من محبي هذه الحرفة في الشارع، يتمنى أن يحظى بمساحة تكون عبارة عن مقهى تاريخي تزينه الطوابع والصور والبطاقات. يضيف: "سبق لي أن شاركت في معارض دولية خلال عامي 1989 و1990 في كل من ألمانيا وسويسرا". وحلمه هو أن يستمرّ في جمع الطوابع خلال الفترات المختلفة. واليوم، بات اسمه جزءاً من دفتر القيد الجزائري الذي يضم أهم الأسماء الجزائرية والأماكن التاريخية.



ويقول محمدي مقران، وهو صاحب وكالة سياحية في العاصمة الجزائرية، إنه لا يمل من زيارة هذا المعرض المفتوح في الهواء الطلق كلما سمحت له الفرصة. يضيف: "أستمتع بالبحث عن صور أو طوابع بريدية وأوراق نقدية. كثيرون مثلي ما زال لديهم حنين إلى الأبيض والأسود وكل ما هو قديم".

صورة قديمة (العربي الجديد) 


ومن بين ما يعرضه فاروق صور لرؤساء الجزائر هواري بومدين والشاذلي بن جديد وشهداء بارزين في ثورة الجزائر، وصور تحكي التاريخ والمسار الرياضي للفريق الجزائري لكرة القدم خلال عقود سابقة بالأبيض والأسود. وعادة ما يحدّد فاروق الأسعار بحسب قيمة كل صورة أو طابع أو ورقة نقدية. وفي بعض الأحيان، يجد نفسه عاجزاً عن بيع ما يملك بسبب قيمته التاريخية، ويفضل الاكتفاء بعرضه فقط. لدى فاروق ورقة نقدية تحمل صورة الزعيم الأفريقي الذي ناهض التمييز العنصري، نيلسون مانديلا. والكثير من هواة جمع العملات النقدية القديمة، وهواة جمع الطوابع البريدية القديمة، نظموا ما يشبه "بورصة أو "مزاداً علنياً" من أجل اقتنائها. ويقول إن هناك زبائن يتصلون به هاتفياً من ولايات عدة يسألونه عما إذا كان قد جلب أغراضاً جديدة وأوراقاً نقدية. لا يريد أن يخسر زبائنه وزواره وأصدقاءه الذين تعرف إليهم خلال سنوات من العمل، وهم من هواة جمع الصور والطوابع والقطع الفنية التاريخية والعملات الورقية والمعدنية. لذلك، كتب على ورقة وضعها أعلى مجموعة من السلع ذات القيمة التاريخية والباهظة الثمن: "لن أبيعها".

دلالات