يعيش الاقتصاد الجزائري أزمات متواصلة منذ بدء تراجع أسعار النفط في منتصف عام 2014، وارتفعت حدة المشكلات مؤخراً مع زيادة الأسعار في مقابل تراجع القدرة الشرائية للمواطنين.
وتلفت المؤشرات الاقتصادية إلى تأثر المواطنين بإجراءات التقشف الحكومية، مع ارتفاع حدة التضخم وفق البيانات الرسمية إلى 8% منذ بداية العام.
ووضعت الحكومة الجزائرية سقف 30 مليار دولار كأقصى حد يمكن استغلاله في استيراد بضائع من الخارج هذه السنة، وذلك بعد أن نجحت السنة الماضية في خفض فاتورة الواردات إلى 48 مليار دولار، مقابل 57 مليار دولار في عام 2015.
ولتحقيق هذا الرهان، جمدت الحكومة مختلف عمليات الاستيراد إلا المواد واسعة الاستهلاك، كالحليب والقمح والشعير وبعض الأصناف من الأدوية، إلا أن هذا الإجراء أدى إلى رفع الأسعار في الأسواق المحلية بأكثر من 30% على المواد واسعة الاستهلاك.
وتأثرت الملفات ذات أبعاد اجتماعية كالبطالة بهذا الإجراء، لترتفع إلى 10%. ورافق الأزمة، تقلص كبير في احتياطات الجزائر من النقد الأجنبي التي هوت من 193 مليار دولار نهاية 2013، إلى 112 مليار دولار نهاية فبراير/شباط الماضي، هبوطاً إلى مستوى 108 مليارات دولار نهاية يونيو/ حزيران الماضي، وفق أرقام رسمية للسلطات.
وقامت السلطات بتعويم الدينار جزئياً مطلع الشهر الحالي، وقال محافظ بنك الجزائر (المركزي الجزائري) محمد لوكال إن الدينار الجزائري فقد 30% من قيمته أخيراً، جراء اعتماد البنك المركزي سياسة التعويم الموجه (المدار) لامتصاص تداعيات تهاوي عائدات النفط، وكبح فاتورة الواردات.
وأثارت هذه الخطوة التي لم يكشف عنها البنك المركزي إلا بعد تنفيذها مخاوف المتابعين للشأن الاقتصادي الجزائري، إذ انعكست إجراءات التعويم الجزئي للدينار، على مداخيل الطبقات المتوسطة والضعيفة، التي ستتضرر كثيراً قدرتها الشرائية جراء ارتفاع أسعار الاستهلاك الداخلي الذي هو مستورد بنسبة 70%.
وتشير البيانات الرسمية إلى توقعات بلوغ العجز في الميزانية العامة 30 مليار دولار، وأكثر من 15 مليار دولار عجزاً في الميزان التجاري.
وتعيش الجزائر العضو في منظمة "أوبك" أزمة اقتصادية منذ ثلاث سنوات جراء تراجع أسعار النفط، وتقول السلطات إن البلاد فقدت أكثر من نصف مداخيلها من النقد الأجنبي، التي هوت نزولاً من 60 مليار دولار في 2014 إلى 27.5 مليارا نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي.