ونشرت الرئاسة بيانا ذكرت فيه أنه "تناهى إلى علم رئيس الدولة عبد القادر بن صالح فحوى المداخلة التي تقدم بها "منتدى المجتمع المدني للتغيير"، اعتبرها خطوة إيجابية في سبيل تجسيد المسعى الذي اقترحته الدولة"، مشيرا إلى أن هذا الاقتراح من شأنه أن يكون ''أرضية لتشكيل فريق من الشخصيات الوطنية التي ستوكل لها مهمة قيادة مسار تسهيل الحوار".
وأكد البيان أن بن صالح يعتبر أن "الشخصيات التي اقترحها المنتدى مؤهلة تماما لأداء هذه المهمة النبيلة خدمة لوطننا، شريطة أن تبدي موافقتها على ذلك"، وأعلن أنه "ستتم مباشرة مشاورات من أجل الإفضاء إلى تشكيل هذا الفريق الذي سيعلن عن تركيبته النهائية قريبا، حيث يتعين أن تتوفر لدى هذه الشخصيات شروط المصداقية والاستقلالية، وأن لا يكون لها انتماء حزبي أو طموح انتخابي، شخصيات تبرز بفعل سلطتها المعنوية أو شرعيتها التاريخية، السياسية أو الاجتماعية المهنية".
وكان بيان الرئاسة يشير إلى قائمة تضم 13 شخصية سياسية وأكاديمية اقترحها تكتل مدني يضم منظمات وهيئات مدنية نشطة في الجزائر، اعتبر أنها قادرة على المساعدة في تشكيل هيئة الحوار الوطني التي قرر بن صالح تشكيلها في غضون أيام، ضمت أيضا وزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي، ورئيسي الحكومة الأسبقين مولود حمروش ومقداد سيفي، ورئيس البرلمان الأسبق كريم يونس، والخبيرة في القانون الدستوري فتيحة بن عبو، والناشط الحقوقي مصطفى بوشاشي.
لكن عددا كبيرا من هذه الشخصيات أعلنت تحفظها على المشاركة في هيئة الحوار، وانتقدت طرح اسمها دون استشارتها، كالمناضلة الثورية جميلة بوحيرد، فيما طرحت عدة شخصيات أخرى مقترحة اشتراطات سبق أن طرحتها قوى المعارضة، قبل الدخول في أي حوار، تتعلق بضرورة رحيل رموز النظام، وإطلاق سراح المساجين السياسيين ومعتقلي الرأي، وفتح الفضاء العام ووسائل الإعلام المختلفة أمام جميع الآراء والتوجهات بكل حرية، ورفع كافة القيود المسلطة على المتظاهرين، كالاعتقالات وغلق الطرقات ومنع التنقل إلى العاصمة يوم الجمعة، ورحيل حكومة نور الدين بدوي.
وفي الثالث من يوليو/ تموز الماضي، طرح الرئيس بن صالح مقترح آلية حوار غير مباشر تعهد قيادته وتسييره إلى شخصيات وطنية مستقلة ذات مصداقية، ودون انتماء حزبي، وتحظى بشرعية تاريخية وسياسية وأكاديمية، وليس لها أي طموح انتخابي، وهي الهيئة التي ستكون لها سلطة معنوية وكامل الحرية في استدعاء المكونات السياسية والمدنية والشعبية إلى الحوار، وفي مناقشة كامل القضايا المرتبطة بآليات تنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة، وتحديد تاريخها، بالتوافق مع المكونات السياسية والمدنية.
وشككت بعض الأطراف والناشطين في إمكانية وجود "تلاعب سياسي من قبل السلطة بالمجتمع المدني، لدفعه لإطلاق قائمة أولية من وسطاء الحوار لجس نبض الشارع والفاعلين في المشهد السياسي والشعبي".
وفي السياق، علق الناشط السياسي والحقوقي مقران آيت العربي على التطورات المتعلقة بقائمة الوسطاء بقوله: "نتساءل من استجاب لمن؟ ومن أعد القائمة؟ ومن يروّض من؟ ومن هم أصحاب المبادرة؟ ألم تصبح المسألة واضحة؟ ألا يوجد من يخدم ورقة الطريق للسلطة؟ والغريب أن هناك أشخاصا حضروا اجتماع معظم المبادرات ووافقوا على نتائجها رغم تناقضها في الوسيلة والهدف. وأين موقف المبادرين من المسؤولين الذين رفضهم الشعب"؟
وأضاف "من حق كل شخص أو مجموعة من الأشخاص أن تقترح ما تشاء، وأن تتخذ المبادرة التي تراها جديرة بالمساهمة في حل أزمة النظام. ولكن المبادرات لا تلزم إلا أصحابها. ومن ثم، فإن المجموعة المقترحة للحوار كطرف أو كوسيط لا تمثل، ولا يمكن أن تمثل، إلا من اقترحها. ومهما كان، فلا يمكنها تمثيل الثورة الشعبية. ولا أحد يمثل هذه الثورة".
وشدد على أن "الحراك قدم مطالب واضحة لا يقبل التنازل عنها. مما يجعله حكما وليس طرفا. وأنه لا يمكن لأحد أن يدّعي تمثيل الحراك لكون ذلك سيؤدي حتما إلى الخروج عن المطالب الشعبية".
ويشترط آيت العربي إجراءات للتهدئة قبل نجاح أي حوار، حيث يقول: "لا يمكن لأي حوار أن ينجح قبل أن تتخذ السلطة إجراءات واضحة وملموسة تتمثل في الإفراج عن جميع معتقلي الرأي بدون قيد أو شرط، ومنع استعمال القوة من طرف أجهزة الأمن ضد المتظاهرين المسالمين، واتخاذ إجراءات تأديبية وجزائية ضد الأعوان وضباطهم الذين يستعملون العنف بدون مبرر قانوني، وفك الحصار أيام الثلاثاء والجمعة على مدينة الجزائر، واحترام حرية التنقل وفتح وسائل الإعلام العمومية للنقاش الحر".