05 نوفمبر 2023
الجزائر: الحراك والتيار
إن المتمعن في الحراك الشعبي بالجزائر يدرك جلياً أن صدى صوت تيارين بدأ يتردد.. الحراك الذي انطلق بشعار واحد أوحد والمتمثل في إسقاط النظام لم يزل قائماً ومهيمناً، إلا أن السبيل أو الشكل لمحوه أو الانتقال لجمهورية جديدة أصبح هو المفرق، الكل متفق ومصمم على تغيير وإزاحة المفسدين، لكن في تخطي المرحلة أو شكل تخطيها برز الانقسام.
التيار الفرنكفوني بجرائده وإعلامه وبعض من الأحزاب الديمقراطية التي ينعتها البعض بالعلمانية، ينادي ويطالب بمرحلة انتقالية، عكس التيار الثاني المتمثل في الأحزاب التقليدية وبعض من التيارات المناهضة تاريخياً لهيمنة الثقافة الفرنسية التي توافق على إجراء انتخابات رئاسية يعقبها ما بقي من إصلاح.
الجيش الذي كان ولم يزل مسانداً للحراك يعلن توافقه مع المرور السريع لانتخابات رئاسية، مع الوضع الحالي قد يكون للجيش حججه المعلنة وغير المعلنة، وقد يكون للتيار العلماني مبررات لتخوفه وهواجسه، إلا أن الحراك لا يزال متواصلاً..
على ضوء ما سبق، أرى أن سبب الخلاف حول شكل المرور لمرحلة جديدة، لا يكمن في تغيير النظام، فهذا أصبح ضرورة حتمية وقد بدأت، بل لأن البعض يرى فرصة الحديث عن الدستور وتغيير النظام، يراها سانحة لمراجعة البعض مما نعتبرها ثوابت، وبالتالي فبين ارتفاع سقف مطالب البعض من إسقاط النظام لمراجعة الثوابت، وبين هاجس الجيش وتخوفه من الانزلاق، نجد باقي الشعب محرك الحراك غير مشارك في أبعاد ومساعي التيارات غير المعلنة.
لو تغيرت حكومة بدوي بتشكيلة ووجوه جديدة مع صلاحيات محدودة، قد تضيع الكثير من الأوراق عن التيار العلماني، وقد تنكمش الأحزاب التقليدية التي لم تزل تهيمن على البعض من الإدارات والمؤسسات.
سقوط حكومة بدوي أراه يساهم ليس في تغيير النظام، فحسب بل يدعم ثقة الشعب في حراكه والتأكد من أن حملة العدالة ضد الفاسدين ليست مسرحية كما يروج.. ومحاولة هيمنة التيارات والإيديولوجيات على الحراك فشلت إلى يومنا، وما زالت كلمة الشعب موحدة وما زال شعارهم واحداً: "يتنحاو قاع"..
في انتظار ذلك.. البعض يرفع علماً غير العلم الوطني، وقد يدفع هذا آخرين للهتاف بشعارات جديدة، وقد تليه ردود فعل أخرى. إن كنا نريد ونطالب بتنحيتهم كاملاً، فما الجدوى من رفع علم غير العلم الوطني أو حتى معه؟!
حراكنا ليس لاسترجاع هوية أو دين أو عقيدة، بل لإزاحة نظام فاسد يحكم الجزائر، لأننا جزائريون انتفضنا ضد الفساد والفاسدين. يومياتنا كانت معاناة، مع تسييرٍ (إدارة) بدد الأموال وهجّر الأدمغة وضحك علينا بعشرات الانتخابات، تسييرٍ صنع أوليغارشيا اقتسمت الأراضي والمصانع، تسيير من طرف عائلات امتدت أذرعها كالأخطبوط بأعماق بحر خيرات الوطن..
أن نثير أو نتفاعل أو نرد على أي طرح ديني أو ثقافي أو جهوي في هذه المرحلة سيصب حتماً في انحراف الحراك الشعبي، لا غرابة في أن الكثير من الشخصيات والمجموعات حاولت ولم تزل تسعى لركوب الحراك بأفكارهم وميولهم وحتى بالإيحاء لإبراز شعارات ورسم خطط لا تخدم الوطن. إلا أن تماسك الشعب خيب الكثير من هذه المحاولات.
الأصعب في الثورة لا يكمن في اندلاعها، بقدر ما يكمن فيما يلي انتصارها. نشوبها سهل لأن الأسباب متوفرة والحلم قائم والشعار واحد، إلاّ أن تسيير ما يلي النصر وتحرك النعرات بكل أحجامها من الفردية للقبلية للجهوية.. أن نسقط نظاماً مستبداً وفاسداً لم نجد غير الشارع وحناجرنا، وبأروع السلوك رسمنا أجمل وأبهى الصّور لكل الشعوب لأجل حلم.. لم يكتمل.. فلنظل مواصلين كما صنعناه من أول يوم..
التيار الفرنكفوني بجرائده وإعلامه وبعض من الأحزاب الديمقراطية التي ينعتها البعض بالعلمانية، ينادي ويطالب بمرحلة انتقالية، عكس التيار الثاني المتمثل في الأحزاب التقليدية وبعض من التيارات المناهضة تاريخياً لهيمنة الثقافة الفرنسية التي توافق على إجراء انتخابات رئاسية يعقبها ما بقي من إصلاح.
الجيش الذي كان ولم يزل مسانداً للحراك يعلن توافقه مع المرور السريع لانتخابات رئاسية، مع الوضع الحالي قد يكون للجيش حججه المعلنة وغير المعلنة، وقد يكون للتيار العلماني مبررات لتخوفه وهواجسه، إلا أن الحراك لا يزال متواصلاً..
على ضوء ما سبق، أرى أن سبب الخلاف حول شكل المرور لمرحلة جديدة، لا يكمن في تغيير النظام، فهذا أصبح ضرورة حتمية وقد بدأت، بل لأن البعض يرى فرصة الحديث عن الدستور وتغيير النظام، يراها سانحة لمراجعة البعض مما نعتبرها ثوابت، وبالتالي فبين ارتفاع سقف مطالب البعض من إسقاط النظام لمراجعة الثوابت، وبين هاجس الجيش وتخوفه من الانزلاق، نجد باقي الشعب محرك الحراك غير مشارك في أبعاد ومساعي التيارات غير المعلنة.
لو تغيرت حكومة بدوي بتشكيلة ووجوه جديدة مع صلاحيات محدودة، قد تضيع الكثير من الأوراق عن التيار العلماني، وقد تنكمش الأحزاب التقليدية التي لم تزل تهيمن على البعض من الإدارات والمؤسسات.
سقوط حكومة بدوي أراه يساهم ليس في تغيير النظام، فحسب بل يدعم ثقة الشعب في حراكه والتأكد من أن حملة العدالة ضد الفاسدين ليست مسرحية كما يروج.. ومحاولة هيمنة التيارات والإيديولوجيات على الحراك فشلت إلى يومنا، وما زالت كلمة الشعب موحدة وما زال شعارهم واحداً: "يتنحاو قاع"..
في انتظار ذلك.. البعض يرفع علماً غير العلم الوطني، وقد يدفع هذا آخرين للهتاف بشعارات جديدة، وقد تليه ردود فعل أخرى. إن كنا نريد ونطالب بتنحيتهم كاملاً، فما الجدوى من رفع علم غير العلم الوطني أو حتى معه؟!
حراكنا ليس لاسترجاع هوية أو دين أو عقيدة، بل لإزاحة نظام فاسد يحكم الجزائر، لأننا جزائريون انتفضنا ضد الفساد والفاسدين. يومياتنا كانت معاناة، مع تسييرٍ (إدارة) بدد الأموال وهجّر الأدمغة وضحك علينا بعشرات الانتخابات، تسييرٍ صنع أوليغارشيا اقتسمت الأراضي والمصانع، تسيير من طرف عائلات امتدت أذرعها كالأخطبوط بأعماق بحر خيرات الوطن..
أن نثير أو نتفاعل أو نرد على أي طرح ديني أو ثقافي أو جهوي في هذه المرحلة سيصب حتماً في انحراف الحراك الشعبي، لا غرابة في أن الكثير من الشخصيات والمجموعات حاولت ولم تزل تسعى لركوب الحراك بأفكارهم وميولهم وحتى بالإيحاء لإبراز شعارات ورسم خطط لا تخدم الوطن. إلا أن تماسك الشعب خيب الكثير من هذه المحاولات.
الأصعب في الثورة لا يكمن في اندلاعها، بقدر ما يكمن فيما يلي انتصارها. نشوبها سهل لأن الأسباب متوفرة والحلم قائم والشعار واحد، إلاّ أن تسيير ما يلي النصر وتحرك النعرات بكل أحجامها من الفردية للقبلية للجهوية.. أن نسقط نظاماً مستبداً وفاسداً لم نجد غير الشارع وحناجرنا، وبأروع السلوك رسمنا أجمل وأبهى الصّور لكل الشعوب لأجل حلم.. لم يكتمل.. فلنظل مواصلين كما صنعناه من أول يوم..