لا يبدو أن الإنذارات المتعددة التي وجّهها الشعب الجزائري في مسيرات حاشدة رفضاً لولاية رئاسية خامسة للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، وصلت إلى مسامع قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، الذي اختار التغاضي عن هذه الرسائل والانحياز إلى اتجاه تثبيت النظام، بحجة الحفاظ على الأمن ومنع ضرب الاستقرار في البلاد. لكن الحراك الشعبي، الذي تواصل أمس الثلاثاء، في تظاهرات شارك فيها الآلاف من طلبة الجامعات، مع بروز ملامح دخول الجزائر في حالة عصيان مدني وإضراب عام، لا يبدو مهتماً بحسابات السلطة لاحتواء الموقف أو تهدئته، إذ يعوّل قادة الحراك على يوم الجمعة المقبل للرد على مناورة لمجموعة بوتفليقة، كآخر رسالة شعبية، قبل رسم واتخاذ خطوات تصعيدية لاحقة.
وبعدما كانت آمال الشارع بموقف واضح من قائد أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح ينحاز لصالح الشعب، في خطابه أمس، أمام القيادات العسكرية في الأكاديمية العسكرية في منطقة شرشال، غربي العاصمة، فإن قايد صالح اختار اللعب على المخاوف من تدهور الوضع الأمني، معلناً أن "الجيش الوطني الشعبي سيبقى ممسكاً بزمام ومقاليد إرساء" الأمن والاستقرار، في ما بدت رسالة ضد الحراك في الشارع. ودعا إلى التعامل الحذر مع الظروف الراهنة، ونبّه من أطراف لم يسمها اتهمها بمحاولة دفع الجزائر للعودة إلى محنة التسعينيات وتخريب منجز الأمن، مكرراً جملة تحذيرات من المساس بالأمن والاستقرار في الجزائر.
وقال في خطابه أمس، إن "إرساء الجزائر لكافة عوامل أمنها، من خلال القضاء على الإرهاب وإفشال أهدافه، بفضل الاستراتيجية الشاملة والعقلانية المتبناة، ثم بفضل التصدي العازم الذي أبداه الشعب الجزائري، وفي طليعته الجيش الوطني برفقة كافة الأسلاك الأمنية الأخرى، لم يرضِ بعض الأطراف". وقال إن هذه الأطراف، التي لم يسمها، "يزعجهم أن يروا الجزائر آمنة ومستقرة، بل يريدون أن يعودوا بها إلى سنوات الألم وسنوات الجمر التي عايش خلالها الشعب الجزائري كل أشكال المعاناة، وقدم خلالها ثمناً غالياً"، في إشارة إلى سنوات الحرب الأهلية. وتعهّد بالحفاظ على السلم، معتبراً أن الجيش منتبه إلى الأعداء الحقيقيين للجزائر. وطالب الشعب بالتعامل الحذر مع الظروف الراهنة، وقال "الشعب الذي أفشل الإرهاب وأحبط مخططاته ومراميه، هو نفسه المطالب اليوم، في أي موقع كان، أن يعرف كيف يتعامل مع ظروف وطنه وشعبه، وأن يعرف كيف يكون حصناً منيعاً لصد كل ما من شأنه تعريض الجزائر لأخطار غير محسوبة العواقب".
وبدا خطاب قائد الجيش كأنه يتجاوز حالة البلاد، التي تتجه للدخول في حالة عصيان مدني وإضراب عام، بعدما بدأ المحامون في عدد من الولايات، أمس الثلاثاء، بمقاطعة المحاكم والمجالس القضائية، تزامناً مع إعلان طلبة الجامعات الإضراب العام حتى الثامن من مارس/ آذار الحالي في كافة الجامعات، فيما تستعد قوى الحراك الشعبي ليوم حاسم، الجمعة المقبل. وأعلن المحامون في ولايات قسنطينة وجيجل وميلة وسكيكدة وقف النشاط القضائي حتى سحب ترشح بوتفليقة. كما أعلنت منظمة المحامين لمنطقة تيزي وزو تجميد ووقف العمل في المحاكم.
اقــرأ أيضاً
في غضون ذلك، شهدت شوارع العاصمة ومدن أخرى خروج آلاف الطلاب رافعين شعارات رافضة لترشح بوتفليقة، وللمطالبة بإنهاء حكمه، منها "الشعب لا يريد بوتفليقة والسعيد"، و"لا لحكم العصابة". وخرج طلاب الجامعة المركزية وبن عكنون وبوزريعة في تظاهرة حاشدة في ساحة أودان والبريد المركزي، وسط العاصمة، واحتلوا الشارع بشكل سلمي، فيما عجزت الشرطة وقوات الأمن عن صد الحشود. وتراجعت السلطات عن قرار سابق بشأن التشدد الأمني في التعامل مع المسيرات الحاشدة، بسبب التخوف من انزلاق الأوضاع وحدوث صدامات. وقال الطالب بن شريف حمادي، الذي يدرس في كلية الآداب: "نحن بصدد تصعيد الموقف إلى الإعلان عن إضراب عام عن الدراسة لغاية سحب ترشيح بوتفليقة".
في السياق، دعا قادة الحراك الشعبي في الجزائر إلى "يوم الكرامة"، الجمعة المقبل، للرد على آخر مناورة لمجموعة بوتفليقة، كآخر رسالة شعبية، قبل رسم واتخاذ خطوات تصعيدية لاحقة. وصمم الناشطون ملصقات لحراك الجمعة المقبل، واختاروا تسميتها "جمعة الكرامة"، تحمل أربعة شعارات "لا للعهدة الخامسة" و"لا لتزوير الإرادة الشعبية"، و"لا لانتحال شخصية الرئيس"، و"لا للتدخل الأجنبي". وقال الناشط حسين بن زينة، لـ"العربي الجديد"، إن "تظاهرات الجمعة ستكون الرسالة الأخيرة"، مضيفاً "نعتبر أن تعهدات الرئيس تشبه إلى حد كبير الوعود والتعهدات نفسها التي أطلقها الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في 13 يناير/ كانون الثاني، ولو قبل التونسيون بهذه التعهدات لما حققوا الانتقال الديمقراطي، وكذلك عموم الشعب الجزائري لا يجب أن يقبل بهذه المناورة ومحاولة الالتفاف الأخيرة من قبل السلطة عبر تعهدات غير مقبولة منهجياً وسياسياً"، مشيراً إلى أن "يوم الجمعة المقبل سيكون نزولاً شعبياً غير مسبوق".
من جهته، أكد المتحدث باسم تكتل "حركة مواطنة"، عبد الغني بادي، لـ"العربي الجديد"، أن تعهدات بوتفليقة الأخيرة متأخرة جداً، وقال "لا يمكن للرئيس الذي أدار ظهره للديمقراطية ومَركزَ كل السلطات بيده أن يقود البلاد إلى الديمقراطية والتوافق. هذه تعهدات تجاوزها الزمن والشارع"، مضيفاً أن "طلب بوتفليقة من الشعب مهلة عام إضافي لعقد مؤتمر توافق وطني وتعديل الدستور، بلا جدوى، والخيار الوحيد الآن هو الخضوع للإرادة الشعبية وإعلان حالة الشغور".
أما من جهة السلطة فبرزت، أمس، أنباء عن إمكان حصول تعديل حكومي وإقالة رئيس الحكومة أحمد أويحيى. وكشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، أنه قد يتم تكليف وزير الداخلية نور الدين بدوي أو مستشار الرئيس ووزير الخارجية السابق رمضان لعمامرة برئاسة الحكومة، بهدف تهدئة الشارع الغاضب من التصريحات المستفزة من أويحيى، مع الإبقاء على تركيبتها نفسها بهدف تلافي الدواعي الدستورية التي تفرض على الحكومة تقديم مخطط عمل أمام البرلمان.
أما بوتفليقة، فقد يمكث في المستشفى في سويسرا لفترة إضافية، بحسب ما كشفت مصادر مسؤولة لـ"العربي الجديد". وأضافت المصادر أن "الأطباء يعتقدون أن وضع بوتفليقة يستدعي فترة نقاهة إضافية، بما لا يتيح نقله في الوقت الحالي إلى الجزائر"، لافتة إلى أن "المجموعة المحيطة بالرئيس كانت تحاول نقله إلى الجزائر بهدف تصويره وبث لقطات عن عودته إلى البلاد، وتم إرسال الطائرة الرئاسية لإعادته، وجرى تجهيز فريق تلفزيوني لتصوير وصوله، لكن الفريق وصل إلى المطار، وعاد مع وصول الطائرة التي لم يكن الرئيس على متنها".
وقال في خطابه أمس، إن "إرساء الجزائر لكافة عوامل أمنها، من خلال القضاء على الإرهاب وإفشال أهدافه، بفضل الاستراتيجية الشاملة والعقلانية المتبناة، ثم بفضل التصدي العازم الذي أبداه الشعب الجزائري، وفي طليعته الجيش الوطني برفقة كافة الأسلاك الأمنية الأخرى، لم يرضِ بعض الأطراف". وقال إن هذه الأطراف، التي لم يسمها، "يزعجهم أن يروا الجزائر آمنة ومستقرة، بل يريدون أن يعودوا بها إلى سنوات الألم وسنوات الجمر التي عايش خلالها الشعب الجزائري كل أشكال المعاناة، وقدم خلالها ثمناً غالياً"، في إشارة إلى سنوات الحرب الأهلية. وتعهّد بالحفاظ على السلم، معتبراً أن الجيش منتبه إلى الأعداء الحقيقيين للجزائر. وطالب الشعب بالتعامل الحذر مع الظروف الراهنة، وقال "الشعب الذي أفشل الإرهاب وأحبط مخططاته ومراميه، هو نفسه المطالب اليوم، في أي موقع كان، أن يعرف كيف يتعامل مع ظروف وطنه وشعبه، وأن يعرف كيف يكون حصناً منيعاً لصد كل ما من شأنه تعريض الجزائر لأخطار غير محسوبة العواقب".
وبدا خطاب قائد الجيش كأنه يتجاوز حالة البلاد، التي تتجه للدخول في حالة عصيان مدني وإضراب عام، بعدما بدأ المحامون في عدد من الولايات، أمس الثلاثاء، بمقاطعة المحاكم والمجالس القضائية، تزامناً مع إعلان طلبة الجامعات الإضراب العام حتى الثامن من مارس/ آذار الحالي في كافة الجامعات، فيما تستعد قوى الحراك الشعبي ليوم حاسم، الجمعة المقبل. وأعلن المحامون في ولايات قسنطينة وجيجل وميلة وسكيكدة وقف النشاط القضائي حتى سحب ترشح بوتفليقة. كما أعلنت منظمة المحامين لمنطقة تيزي وزو تجميد ووقف العمل في المحاكم.
في غضون ذلك، شهدت شوارع العاصمة ومدن أخرى خروج آلاف الطلاب رافعين شعارات رافضة لترشح بوتفليقة، وللمطالبة بإنهاء حكمه، منها "الشعب لا يريد بوتفليقة والسعيد"، و"لا لحكم العصابة". وخرج طلاب الجامعة المركزية وبن عكنون وبوزريعة في تظاهرة حاشدة في ساحة أودان والبريد المركزي، وسط العاصمة، واحتلوا الشارع بشكل سلمي، فيما عجزت الشرطة وقوات الأمن عن صد الحشود. وتراجعت السلطات عن قرار سابق بشأن التشدد الأمني في التعامل مع المسيرات الحاشدة، بسبب التخوف من انزلاق الأوضاع وحدوث صدامات. وقال الطالب بن شريف حمادي، الذي يدرس في كلية الآداب: "نحن بصدد تصعيد الموقف إلى الإعلان عن إضراب عام عن الدراسة لغاية سحب ترشيح بوتفليقة".
في السياق، دعا قادة الحراك الشعبي في الجزائر إلى "يوم الكرامة"، الجمعة المقبل، للرد على آخر مناورة لمجموعة بوتفليقة، كآخر رسالة شعبية، قبل رسم واتخاذ خطوات تصعيدية لاحقة. وصمم الناشطون ملصقات لحراك الجمعة المقبل، واختاروا تسميتها "جمعة الكرامة"، تحمل أربعة شعارات "لا للعهدة الخامسة" و"لا لتزوير الإرادة الشعبية"، و"لا لانتحال شخصية الرئيس"، و"لا للتدخل الأجنبي". وقال الناشط حسين بن زينة، لـ"العربي الجديد"، إن "تظاهرات الجمعة ستكون الرسالة الأخيرة"، مضيفاً "نعتبر أن تعهدات الرئيس تشبه إلى حد كبير الوعود والتعهدات نفسها التي أطلقها الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في 13 يناير/ كانون الثاني، ولو قبل التونسيون بهذه التعهدات لما حققوا الانتقال الديمقراطي، وكذلك عموم الشعب الجزائري لا يجب أن يقبل بهذه المناورة ومحاولة الالتفاف الأخيرة من قبل السلطة عبر تعهدات غير مقبولة منهجياً وسياسياً"، مشيراً إلى أن "يوم الجمعة المقبل سيكون نزولاً شعبياً غير مسبوق".
من جهته، أكد المتحدث باسم تكتل "حركة مواطنة"، عبد الغني بادي، لـ"العربي الجديد"، أن تعهدات بوتفليقة الأخيرة متأخرة جداً، وقال "لا يمكن للرئيس الذي أدار ظهره للديمقراطية ومَركزَ كل السلطات بيده أن يقود البلاد إلى الديمقراطية والتوافق. هذه تعهدات تجاوزها الزمن والشارع"، مضيفاً أن "طلب بوتفليقة من الشعب مهلة عام إضافي لعقد مؤتمر توافق وطني وتعديل الدستور، بلا جدوى، والخيار الوحيد الآن هو الخضوع للإرادة الشعبية وإعلان حالة الشغور".
أما بوتفليقة، فقد يمكث في المستشفى في سويسرا لفترة إضافية، بحسب ما كشفت مصادر مسؤولة لـ"العربي الجديد". وأضافت المصادر أن "الأطباء يعتقدون أن وضع بوتفليقة يستدعي فترة نقاهة إضافية، بما لا يتيح نقله في الوقت الحالي إلى الجزائر"، لافتة إلى أن "المجموعة المحيطة بالرئيس كانت تحاول نقله إلى الجزائر بهدف تصويره وبث لقطات عن عودته إلى البلاد، وتم إرسال الطائرة الرئاسية لإعادته، وجرى تجهيز فريق تلفزيوني لتصوير وصوله، لكن الفريق وصل إلى المطار، وعاد مع وصول الطائرة التي لم يكن الرئيس على متنها".