تشهد سوق السيارات المستعملة في الجزائر، قفزات غير مسبوقة في الأسعار، ما دفع الكثير من المواطنين إلى تفضيل شراء المركبات الجديدة المجمعة محليا عن طريق القروض الاستهلاكية، التي ارتفع الطلب عليها مؤخرا، في وقت لا تزال فيه الحكومة مصرة على تجميد استيراد السيارات الجديدة.
وفي سوق "القليعة" لبيع السيارات المستعملة في الضاحية الغربية من العاصمة الجزائر، بدت حركة الشراء ضعيفة، فالمعروض كان مرتفعا، بينما اكتفى الكثير من الزوار بالمشاهدة والسؤال عن الأسعار.
تجولنا مع "سعيد لعور" مواطن جزائري جاء ليشتري سيارة لا يتعدى سعرها 1.5 مليون دينار (13 ألف دولار) وهو أقصى ما خصصه الموظف في قطاع الاتصالات لشراء سيارة مستعملة، وبعد قرابة ساعة من البحث والسؤال، وصل سعيد إلى قناعة واحدة وهي استحالة شراء مركبة مناسبة بهذا المبلغ.
يقول سعيد لعور لـ "العربي الجديد": "هذا المبلغ في دول أخرى يسمح بشراء سيارة جديدة أما عندنا فلا يمكنه حتى شراء سيارة استُعملت لثلاث سنوات".
ويضيف: "أسعار السيارات المستعملة التي يعود تصنيعها لعامي 2016 و2017 لا تقل عن 2.2 مليون دينار (20 ألف دولار)، فسيارة كيا بيكانتو الكورية الجنوبية لا يتعدى سعرها 10 ألاف دولار في أوروبا أما عندنا ففاق سعرها 2 مليون دينار (19 ألف دولار) استُعملت لمدة سنة كاملة وهو أمر غير معقول".
وبتابع لعور:"لم يبق لي إلا حل واحد وهو التوجه للبنوك لاقتناء سيارة جديدة مجمعة في الجزائر، فسأدفع ما أملكه من مال والباقي أسدده على أقساط شهرية".
ويرى سعيد أنه مثل غيره من الكثير من الجزائريين ضحية لما وصفه بالفوضى التي تسيطر على سوق السيارات المستعملة، الذي ترفض الحكومات المتعاقبة تنظيمه، ما جعل المضاربين يسيطرون عليه ويحددون وجهة الأسعار بعيدا عن قاعدة العرض والطلب.
لكن محمد أمين، بائع سيارات مستعملة أو "روفندور" كما يلقبونه في الجزائر، وهي كلمة فرنسية تعني "بائع للمرة الثانية"، يقول، في حديث مع "العربي الجديد" إن" التهاب أسعار السيارات المستعملة مبرر، وهو راجع إلى انخفاض العرض بعد تجميد الاستيراد".
ويضيف أمين: "حتى وإن قل الطلب فإن الأسعار لا تنخفض لأننا لا نتحدث عن سلع استهلاكية لها تاريخ انتهاء صلاحية، فالسيارة إذا لم تبع هذا الأسبوع ستباع الأسبوع القادم أو الذي بعده، شرط ألا يرتفع عداد الكيلومترات المقطوعة كثيرا".
ويتابع :" ليس صحيحا أن السوق في قبضة السماسرة والمضاربين والوسطاء، فتحديد الثمن يجري بالاتفاق بين البائع والمشتري، فمن اقتنع بالسعر اشترى ومن لم يقتنع بحث عن بدائل أخرى".
وتشير بيانات الديوان الجزائري للإحصائيات لسنة 2016، إلى أن عدد السيارات في الجزائر يبلغ نحو 5.9 ملايين سيارة، منها 1.9 مليون سيارة متداولة في السوق المستعملة.
وحسب أكرم خلف الله، الخبير في سوق السيارات فإن "ارتفاع أسعار السيارات المستعملة بدأ مطلع العام الماضي، مع بداية تطبيق ما يعرف بنظام رخص الاستيراد، الذي وضع سقف ما يتم استيراده سنويا بـ 82 ألف سيارة".
ويقول خلف الله: "القرار جعل الجزائر البلد الوحيد في العالم، الذي يمكنك أن تشتري فيه سيارة وتستعملها لسنوات ثم تبيعها بنفس سعر شرائها أو أكثر أحيانا، وإذا ما هبط فيكون بشكل محدود وفي أسوأ الحالات".
ويضيف أن "أسواق السيارات المستعملة يسيرها أشخاص يستغلون نقص العرض من المركبات الجديدة ويستثمرون أموالا ضخمة في الموديلات القديمة ويتحكمون في الأسعار، فعندما تتوجه إلى السوق لبيع سيارتك يعترض طريقك أشخاص يعرضون عليك الشراء ويطلبون منك مغادرة السوق فورا، لأن هؤلاء لديهم سيارة أو أكثر مشابهة تماما لوضع سيارتك، ووجودك في السوق يزعجهم ولا يسمح لهم بفرض السعر الذي يريدونه".
ويتابع أن "الإشكال لا يزال يطرح في الجزائر، هل ترفض الحكومة تنظيم سوق السيارات المستعملة من خلال غلق الأسواق العشوائية وفتح نقاط بيع معتمدة، أم أنها عجزت وهزمها المضاربون"؟
ويبقى الحل حسب الجمعية الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك يكمن في اتخاذ بعض القرارات الحكومية البديلة لإحداث توازن في سوق السيارات المستعملة، حيث يقترح رئيس الجمعية مصطفى زبدي، رفع الحظر على استيراد السيارات المستعملة.
ويقول زبدي لـ "العربي الجديد" إن "على الحكومة السماح باستيراد سيارات مستعملة بشروط، منها ألا يتعدى عمر السيارة أربع سنوات وأن يستورد الشخص سيارة واحدة كل 10 سنوات".
ويضيف أنه "لا يمكن أن نجمد الاستيراد ونمنع استيراد السيارات المستعملة، ونترك السوق بين يدي المضاربين والمحتكرين".
وكانت الجزائر قد وضعت منتصف سنة 2015 نظام "رخص الاستيراد"، وحددت الحكومة السنة الماضية حجم السيارات المسموح باستيرادها بـ 82 ألف وحدة بقيمة مليار دولار، بعدما كانت تستورد قرابة 450 ألف وحدة سنوياً، على أن يخفض الرقم هذه السنة إلى 50 ألف وحدة، إلا أنها فاجأت الوكلاء بعدم منح رخص الاستيراد لهذه السنة، وذلك لتشجيع مصانع تجميع السيارات المحلية.
اقــرأ أيضاً
وفي سوق "القليعة" لبيع السيارات المستعملة في الضاحية الغربية من العاصمة الجزائر، بدت حركة الشراء ضعيفة، فالمعروض كان مرتفعا، بينما اكتفى الكثير من الزوار بالمشاهدة والسؤال عن الأسعار.
تجولنا مع "سعيد لعور" مواطن جزائري جاء ليشتري سيارة لا يتعدى سعرها 1.5 مليون دينار (13 ألف دولار) وهو أقصى ما خصصه الموظف في قطاع الاتصالات لشراء سيارة مستعملة، وبعد قرابة ساعة من البحث والسؤال، وصل سعيد إلى قناعة واحدة وهي استحالة شراء مركبة مناسبة بهذا المبلغ.
يقول سعيد لعور لـ "العربي الجديد": "هذا المبلغ في دول أخرى يسمح بشراء سيارة جديدة أما عندنا فلا يمكنه حتى شراء سيارة استُعملت لثلاث سنوات".
ويضيف: "أسعار السيارات المستعملة التي يعود تصنيعها لعامي 2016 و2017 لا تقل عن 2.2 مليون دينار (20 ألف دولار)، فسيارة كيا بيكانتو الكورية الجنوبية لا يتعدى سعرها 10 ألاف دولار في أوروبا أما عندنا ففاق سعرها 2 مليون دينار (19 ألف دولار) استُعملت لمدة سنة كاملة وهو أمر غير معقول".
وبتابع لعور:"لم يبق لي إلا حل واحد وهو التوجه للبنوك لاقتناء سيارة جديدة مجمعة في الجزائر، فسأدفع ما أملكه من مال والباقي أسدده على أقساط شهرية".
ويرى سعيد أنه مثل غيره من الكثير من الجزائريين ضحية لما وصفه بالفوضى التي تسيطر على سوق السيارات المستعملة، الذي ترفض الحكومات المتعاقبة تنظيمه، ما جعل المضاربين يسيطرون عليه ويحددون وجهة الأسعار بعيدا عن قاعدة العرض والطلب.
لكن محمد أمين، بائع سيارات مستعملة أو "روفندور" كما يلقبونه في الجزائر، وهي كلمة فرنسية تعني "بائع للمرة الثانية"، يقول، في حديث مع "العربي الجديد" إن" التهاب أسعار السيارات المستعملة مبرر، وهو راجع إلى انخفاض العرض بعد تجميد الاستيراد".
ويضيف أمين: "حتى وإن قل الطلب فإن الأسعار لا تنخفض لأننا لا نتحدث عن سلع استهلاكية لها تاريخ انتهاء صلاحية، فالسيارة إذا لم تبع هذا الأسبوع ستباع الأسبوع القادم أو الذي بعده، شرط ألا يرتفع عداد الكيلومترات المقطوعة كثيرا".
ويتابع :" ليس صحيحا أن السوق في قبضة السماسرة والمضاربين والوسطاء، فتحديد الثمن يجري بالاتفاق بين البائع والمشتري، فمن اقتنع بالسعر اشترى ومن لم يقتنع بحث عن بدائل أخرى".
وتشير بيانات الديوان الجزائري للإحصائيات لسنة 2016، إلى أن عدد السيارات في الجزائر يبلغ نحو 5.9 ملايين سيارة، منها 1.9 مليون سيارة متداولة في السوق المستعملة.
وحسب أكرم خلف الله، الخبير في سوق السيارات فإن "ارتفاع أسعار السيارات المستعملة بدأ مطلع العام الماضي، مع بداية تطبيق ما يعرف بنظام رخص الاستيراد، الذي وضع سقف ما يتم استيراده سنويا بـ 82 ألف سيارة".
ويقول خلف الله: "القرار جعل الجزائر البلد الوحيد في العالم، الذي يمكنك أن تشتري فيه سيارة وتستعملها لسنوات ثم تبيعها بنفس سعر شرائها أو أكثر أحيانا، وإذا ما هبط فيكون بشكل محدود وفي أسوأ الحالات".
ويضيف أن "أسواق السيارات المستعملة يسيرها أشخاص يستغلون نقص العرض من المركبات الجديدة ويستثمرون أموالا ضخمة في الموديلات القديمة ويتحكمون في الأسعار، فعندما تتوجه إلى السوق لبيع سيارتك يعترض طريقك أشخاص يعرضون عليك الشراء ويطلبون منك مغادرة السوق فورا، لأن هؤلاء لديهم سيارة أو أكثر مشابهة تماما لوضع سيارتك، ووجودك في السوق يزعجهم ولا يسمح لهم بفرض السعر الذي يريدونه".
ويتابع أن "الإشكال لا يزال يطرح في الجزائر، هل ترفض الحكومة تنظيم سوق السيارات المستعملة من خلال غلق الأسواق العشوائية وفتح نقاط بيع معتمدة، أم أنها عجزت وهزمها المضاربون"؟
ويبقى الحل حسب الجمعية الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك يكمن في اتخاذ بعض القرارات الحكومية البديلة لإحداث توازن في سوق السيارات المستعملة، حيث يقترح رئيس الجمعية مصطفى زبدي، رفع الحظر على استيراد السيارات المستعملة.
ويقول زبدي لـ "العربي الجديد" إن "على الحكومة السماح باستيراد سيارات مستعملة بشروط، منها ألا يتعدى عمر السيارة أربع سنوات وأن يستورد الشخص سيارة واحدة كل 10 سنوات".
ويضيف أنه "لا يمكن أن نجمد الاستيراد ونمنع استيراد السيارات المستعملة، ونترك السوق بين يدي المضاربين والمحتكرين".
وكانت الجزائر قد وضعت منتصف سنة 2015 نظام "رخص الاستيراد"، وحددت الحكومة السنة الماضية حجم السيارات المسموح باستيرادها بـ 82 ألف وحدة بقيمة مليار دولار، بعدما كانت تستورد قرابة 450 ألف وحدة سنوياً، على أن يخفض الرقم هذه السنة إلى 50 ألف وحدة، إلا أنها فاجأت الوكلاء بعدم منح رخص الاستيراد لهذه السنة، وذلك لتشجيع مصانع تجميع السيارات المحلية.