أظهرت بيانات صادرة عن البنك المركزي الجزائري اليوم الخميس، أن الاقتصاد نما بنسبة 2.2% في العام الماضي 2017 متباطئاً من نمو بلغ 3.3% في العام 2016 بسبب ضعف أداء قطاع الطاقة، في وقت بلغ التضخم في العام الماضي 5.6% مقارنة بـ6.4% في 2016.
وتؤكد هذه الأرقام الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد الجزائري، في ضوء تراجع أسعار النفط في السوق العالمية، ما دفع "صندوق النقد الدولي" إلى تقديم اقتراحات للحكومة بهدف تعزيز مكانة الاقتصاد.
وينظر خبراء اقتصاديون جزائريون، إلى أن التوصيات التي اقترحها "صندوق النقد" لحل الأزمة الاقتصادية في البلاد، كانت نتيجة طبيعية لما أسموه فشل سياسات الحكومة في ضبط المؤشرات الاقتصادية، إلا أنهم لا يرون في هذه المقترحات "حلاً للأزمة".
والإثنين الماضي، وجّهت بعثة صندوق النقد الدولي إلى الجزائر انتقادات للحكومة، بشأن الإجراءات المتخذة لمواجهة تبعات الأزمة النفطية.
ودعا الصندوق، الجزائر، إلى تنفيذ خفض تدريجي في سعر الصرف، كأحد أدوات تحقيق التوازن بين الإصلاح الاقتصادي والمالي، وبذل جهود للقضاء على سوق الصرف الموازية (السوق السوداء)، كما طالب الحكومة بالاستدانة من الخارج، لتأمين السيولة اللازمة لنفقاتها الاستثمارية، بهدف تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط.وترفض السلطات الجزائرية، اللجوء إلى الاستدانة من الخارج، بدعوى "رهنها لسيادة البلاد".
وبلغ الدين الجزائري الخارجي، حتى العام الماضي، 3.85 مليارات دولار فقط، وفقاً لما صرح به محافظ بنك الجزائر (البنك المركزي)، محمد لوكال.
واعتبر الصندوق أن طباعة النقود لتمويل العجز، يجب أن يقابله "وضع ضمانات وقائية قوية"، وينبغي أن "تشمل حدوداً كمية وزمنية صارمة على التمويل النقدي".
ومن أبرز توصيات صندوق النقد، تنفيذ خفض تدريجي لسعر صرف العملة المحلية (الدينار)، أي تنفيذ تعويم جزئي للعملة المحلية.
وأضاف أنه "حذّر وعدد من الخبراء، من خطورة إجراءات طباعة النقد لسد العجز، لكن الحكومة صمّت آذانها، والآن جاءها التحذير من صندوق النقد".
واعتبر أن "تبعات طباعة النقد، ستبدأ أعراضها في الظهور على المديين القصير والمتوسط، أي بعد نحو 8 شهور من الآن".
ورفض الخبير الاقتصادي اقتراح "النقد الدولي" بتعويم جزئي للعملة الجزائرية، "لأن الدينار الجزائري لا يخضع لمعايير اقتصادية واضحة (..) تسيير سعر الصرف يتم بقرارات سياسية وإدارية".
وأضاف أن "لا يمكن الحديث عن تعويم الدينار بهذه الطريقة، نظراً إلى أن عملية التعويم ستزيد من فقدان ثقة الجزائريين، ويدفعهم إلى البحث عن ملاذات آمنة لأموالهم كالعقارات (داخل وخارج البلاد) والعملات الأجنبية".
ورأى الخبير المالي فرحات آيت علي، أن التوصيات "لم تأت بجديد" لحل الأزمة الجزائرية، مقارنة بما اقترح عامي 2017 و2016، و"كانت عموماً غير مقبولة واقتصرت على شيء إضافي وحيد، وهو ما تعلق بتحذيرات طباعة النقد لسد العجز".
وأضاف أن "أكثر من 20 خبيراً جزائرياً، سبق أن حذروا الحكومة من اللجوء إلى خيار إصدار النقد لسد العجز، لكنها لم تستمع للتحذيرات".
وأكد أن "الحكومة غير قادرة على مرافقة الإصدار النقدي، بإجراءات من شأنها امتصاص الصدمات التضخمية، وتلك المتعلقة بارتفاع الأسعار وانهيار القدرة الشرائية للمواطنين".
ويصف آيت علي، مقترح الصندوق بالتعويم الجزئي للعملة المحلية، بـ"الغريب، يمكن أن تصل تداعياته، لو طبق، إلى احتجاجات للشعب في الشوارع".
وبرر وصفه من منطلق أن "تعويم الدينار تدريجياً سيصل بقيمته إلى أسعار الصرف المتداولة في السوق السوداء (الموازية)، وهذا إجراء سيكون له تأثير على الأصول الموجودة في البلاد، في غياب استراتيجية إعادة توزيع المداخيل".
يتفق كمال رزيق، المحلل وأستاذ الاقتصاد في جامعة "البليدة" الحكومية، مع رأي سابقه بشأن التعويم التدريجي للعملة المحلية.
يقول إن "تعويم العملة المحلية المنخفضة أصلاً حالياً، من شأنه أن يتسبب في تفاقم أكثر لنسب التضخم، ويزيد في تدهور القدرة الشرائية، وقد يدفع بالفئات الضعيفة إلى الشارع للاحتجاج".
ووصلت معدلات التضخم في الجزائر 7%، حتى نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفق الجهاز المركزي للإحصاء. وتزايدت الضغوط المالية على الجزائر، خلال السنوات الأخيرة، مع انخفاض أسعار النفط العالمية، منذ النصف الثاني من 2014، في ظل اعتماد اقتصاد البلاد بقوة على العائدات النفطية، حيث تشكل مبيعات النفط والغاز 60% من الميزانية، و95% من إجمالي الصادرات.
وشهدت أسعار العديد من السلع والخدمات ارتفاعات كبيرة. وقامت الحكومة بالعديد من الإجراءات، لمعالجة الأزمة الاقتصادية، منها التوسع في طباعة النقود لسد الفجوة التمويلية.
وخسر الدينار الجزائري الكثير من قيمته نتيجة الأزمة الاقتصادية، إذ يسجل في كل أسبوع أرقاماً غير مسبوقة مقابل الدولار والعملة الأوروبية الموحدة (اليورو)، ما جعل المخاوف تتزايد من انهيار بات وشيكاً للعملة الجزائرية.
وكان "البنك المركزي الجزائري" طالب، في بداية السنة الجارية، البنوك العاملة في الدولة، باستقطاب مدخرات المواطنين والأموال المتداولة خارج القطاع المصرفي، عبر طرح منتجات بنكية جديدة، في وقت تشهد البنوك أزمة سيولة، وفق خبراء مصرفيين.
(العربي الجديد، الأناضول)