أثار توجه الحكومة الجزائرية نحو فرض حزمة جديدة من الضرائب على المواطنين، في قانون الموازنة العامة للسنة المقبلة، سخط الأحزاب السياسية والنقابات العمالية التي اتهمت الحكومة بتبني أسهل الحلول عبر تحميل المواطن مسؤولية فشلها في إدارة شؤون البلاد.
وتبدو الحكومة الجزائرية متمسكة بفكرة "توسيع الوعاء الضريبي" السنة المقبلة، من خلال إقرار ضرائب ورسوم جديدة على السلع والخدمات، وحتى على الممتلكات، حيث أكد رئيس الوزراء عبد المالك سلال أول من أمس، أن "الحكومة ستقر ضرائب جديدة في قانون المالية لسنة 2017 (الموازنة العامة)، ستكون خفيفة ولا تضر بقدرة المواطن الشرائية".
إلا أن هذه التطمينات لم تجد آذانا صاغية عند الأحزاب السياسية والنقابات العمالية، التي تراها مجرد مسكنات مؤقتة، وترى أن الحكومة تسعى إلى تغطية فشلها في إدارة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد من خلال جيوب المواطنين.
ويصف عثمان معزوز، القيادي في حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (التيار الليبرالي)، فرض ضرائب جديدة على المواطنين بـ "سرقة محفظة الجزائريين".
وقال النائب البرلماني السابق ونائب رئيس الحزب، لـ "العربي الجديد"، إن "القدرة الشرائية ستكون أمام امتحان صعب من خلال إقرار حزمة جديدة من الضرائب والرسوم ابتداء من يناير (كانون الثاني) 2017".
ويرى معزوز أن "الحلول المؤقتة أصبحت هي سياسة حكومتنا الاقتصادية، فهي تلخص السرقات التي تقوم بها الحكومة من جيب المواطن"، وفق تعبيره.
من جانبها، حذرت الأمينة العامة لحزب العمال (اليسار)، لويزة حنون، الحكومة من مغبة التخطيط لرفع الرسوم والضرائب التي ستولد ضغطا جبائيا على المواطنين.
ووصفت المرأة الحديدية، كما يلقبها الجزائريون، قانون الموازنة العامة للسنة القادمة بـ "الآلة الكاسحة التي ستدمر كل مناعات البلاد بإفقار الشرائح المتوسطة والتهاوي نحو الأسفل، والاستفزاز الذي يراد منه زج الجزائر في الانكماش الاقتصادي".
واقترحت زعيمة العمال في الجزائر على الحكومة ضرورة تحصيل الديون المتواجدة لدى صندوق النقد الدولي، لمواجهة الأزمة، عوض وضع إجراءات تقشفية قاسية والتي تطاول المواطن بطريقة مباشرة.
وعلى نفس الطريق، سار النائب البرلماني وأمين عام حركة الإصلاح الوطني (التيار الإسلامي)، فيلالي غويني، الذي قال إن الحكومة تسعى إلى تصحيح "الفشل بالظلم"، وهو أمر غير مقبول.
وحذر غويني الحكومة من فرض سياسة "شد الحزام" القاسية، والتي تهدد بتفجير الأوضاع في البلاد.
من جانبها، لا تزال النقابات العمالية المستقلة تنسق فيما بينها للرد على قرارات الحكومة، حيث أخذ التكتل النقابي الذي تشكل لمواجهة قرار تعديل "نظام التقاعد" في التوسع بدخول نقابات جديدة، مما رفع عدد النقابات المنضوية في التكتل إلى 20 نقابة من مختلف القطاعات.
وتعهدت النقابات بالدخول في حركات احتجاجية كبيرة، إذا تمسكت الحكومة بقراراتها، بداية من إلغاء التقاعد المُسبق وصولا إلى فرض قانون المالية 2017، وما يحمله من ضرائب جديدة.
وتعتزم الحكومة الجزائرية إقرار رسوم ضريبية جديدة في قانون المالية للسنة القادمة "الموازنة العامة"، وذلك بحثا عن مصادر تمويل جديدة للخزينة العامة التي تعرف عجزا يتوقع أن يصل إلى 30 مليار دولار عند نهاية 2016.
وحسب المشروع التمهيدي لقانون المالية للعام المقبل 2017، والذي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، فإن الضرائب الجديدة ستمس "كفاءة الطاقة" ابتداء من يناير/ كانون الثاني المقبل، من أجل توجيه المواطنين لاستخدام الآلات الأقل استهلاكا للطاقة، بالإضافة إلى فرض ضريبة جديدة على الممتلكات المنقولة المستعملة، في مقدمتها السيارات والمركبات، حيث ستخضع هوامش الربح المحققة في عمليات بيعها لرسوم جديدة تدخل تحت غطاء "الرسم على النشاط المهني"، أو بما يُعرف في الجزائر بـ"TAP".
كما قررت الحكومة، وفق مشروع قانون المالية الجديد، الرسوم المفروضة على مادتي "الماء" و"التبغ"، وذلك لترشيد استهلاكهما، حيث تشمل تسعيرة الماء، بداية من السنة المقبلة لنظام التعريفتين، بحيث تطبق التعريفة الأولى على صغار المستهلكين، والتعريفة الثانية تطبق على المستهلكين الكبار، كالمصانع والمؤسسات، وبالتالي تقلص الحكومة المخصصات المالية الموجهة لدعم استهلاك المياه.
وخفضت الجزائر الإنفاق العام، وقلّصت دعم الطاقة، ورفعت أسعار المحروقات، وجمّدت مشاريع بنية تحتية بهدف مواجهة تداعيات تهاوي أسعار النفط.