يبقى الوجود الفلسطيني في فرنسا قليل العدد، مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى، فهم لا يتجاوزون بأحسن التقديرات 5 آلاف نسمة، ومعظمهم يحملون الجنسية الفرنسية. حضر معظم هؤلاء منذ السبعينيات من أماكن متعددة من الوطن العربي، فهم إما طلاب أصلاً كانوا قد قدموا للدراسة ثم استقروا، أو كانوا قد تعلموا بالمغرب العربي، بعد أن تعلموا اللغة الفرنسية. وهناك هجرة قادمة من لبنان، بعد الحرب الأهلية بسنوات الثمانينيات، وخصوصاً من العائلات الفلسطينية المسيحية، بالإضافة إلى بعض رجال الأعمال القادمين من دول الخليج العربي، وبعض العصاميين القادمين من فلسطين أو الأردن.
بشكل عام يتمتّع أعضاء الجالية بوضع اجتماعي جيد، ولكن قلة عددهم لا تسمح لهم بالظهور بشكل واضح، كالجاليات العربية الأخرى. ومن ناحية الاندماج فإن الجالية الفلسطينية في فرنسا تعتبر من أكثر الجاليات اندماجاً.
كانت هناك محاولات عديدة لإيجاد جالية مُنظمة وفعالة، ولكن الخلافات الفلسطينية الداخلية حالت دون ذلك، ففي عام 1998، أُنشئت جمعية باسم الجالية، في مدينة مومبيلية الفرنسية، ولكنها انتهت سريعاً، بسبب الخلافات على إدارتها، أدى ذلك في ما بعد لإنشاء جمعية أخرى، اختارت اللامركزية أسلوب عمل، إذ أُسست لها فروع متعددة داخل المناطق الفرنسية المختلفة، ذات الوجود الفلسطيني، مُمَثلة كلها بلجنتها الإدارية. وبالتوازي مع هذه الجمعية الجامعة، وُجدت جمعيات أخرى، بأهداف محدودة، كجمعية زمن فلسطين، المُهتمة بالثقافة والفن والتاريخ، أو جمعية مُنتدى فلسطين المواطنة، المُهتمة بالبُعد العلماني وحقوق المرأة، أو جمعية الملتقى الفلسطيني أو جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين.
تضاف إلى ذلك جمعيات مُتخصصة، وأهمها تجمع الأطباء الفلسطينيين بفرنسا، الذي استطاع منذ عشر سنوات فرض وجود علمي طبي، داعم للقطاع الطبي الفلسطيني، مع التركيز على التعليم ونقل المعرفة، عن طريق البعثات الطبية لأرض الوطن ومخيمات الشتات، أو استقبال وفود طبية للتعلم داخل المستشفيات الطبية، وعقد مؤتمر طبي فلسطيني فرنسي سنوي في باريس، بالإضافة إلى حملات الإغاثة المُتعددة.
للأسف، فإن الانقسام الفلسطيني، منذ أكثر من عشرين عاماً، رمى بظلاله على تنظيم الجالية بفرنسا، وأعاق إمكانية إيجاد تجمع شامل فعال، يستطيع التعبير والضغط داخل فرنسا، لصالح القضية الفلسطينية. لكن ذلك لم يمنع الجمعيات المذكورة أعلاه وغيرها والأفراد، من العمل الدؤوب ليلاً ونهاراً لرفع راية فلسطين، إما عن طريق المظاهرات أو المشاركة بالفعاليات الفرنسية، كالعمل مع منصة فلسطين، التي تضم أكثر من 40 جمعية فرنسية، أو جمعية أوروبا فلسطين ذات النشاطات العديدة والتوجه اليساري، وتعمل جميعها في الوسط النقابي والسياسي الفرنسي، للتأثير على القرار الرسمي.
الانتماء الفكري والحزبي للفلسطينيين في فرنسا، والذي في بعض الأحيان يعود لعشرات السنين، أصبح برأيي المُعيق الأكبر لتوحيد الجالية، ونحن نعتقد بفرنسا، كباقي الجاليات بأوروبا، بحقنا في الانتماء السياسي، والمشاركة في العمل الفلسطيني العام، داخل وخارج فلسطين، ولكن مفهوم توحيد الجالية، لا يمكن أن يتم إلا على أُسس توافقية، أي العمل فقط من خلال ما يُسمى الثوابت الوطنية، والتي يتفق عليها الجميع. التنوع الفكري والسياسي هو دليل حيوية المجتمع الفلسطيني، ولكن ذلك لا يجوز أن يُعيق توحيد العمل.
الجالية الفلسطينية يجب أن تُبنى إذاً على الثوابت فقط، وتترك الأفكار الفلسفية وغيرها للنقاش خارج الأطر الرسمية. بفرنسا كما ببقية أوروبا، يجب ألا ننسى أن الجالية هي جزء من الشعب الفلسطيني، ورافد قوي لحراكه وداعم لحقوقه، ولكنها بنفس الوقت جزء من المجتمعات الغربية، التي اختارت أن يعيش أبناؤها بها. الاهتمام بجيل الأبناء وانتمائهم الفلسطيني هو أيضاً هاجس دائم، حتى تبقى فلسطين حية جيلاً بعد جيل، مهما طال الزمن، وامتدت المسافات.
(رئيس تجمع الأطباء الفلسطينيين في أوروبا)
بشكل عام يتمتّع أعضاء الجالية بوضع اجتماعي جيد، ولكن قلة عددهم لا تسمح لهم بالظهور بشكل واضح، كالجاليات العربية الأخرى. ومن ناحية الاندماج فإن الجالية الفلسطينية في فرنسا تعتبر من أكثر الجاليات اندماجاً.
كانت هناك محاولات عديدة لإيجاد جالية مُنظمة وفعالة، ولكن الخلافات الفلسطينية الداخلية حالت دون ذلك، ففي عام 1998، أُنشئت جمعية باسم الجالية، في مدينة مومبيلية الفرنسية، ولكنها انتهت سريعاً، بسبب الخلافات على إدارتها، أدى ذلك في ما بعد لإنشاء جمعية أخرى، اختارت اللامركزية أسلوب عمل، إذ أُسست لها فروع متعددة داخل المناطق الفرنسية المختلفة، ذات الوجود الفلسطيني، مُمَثلة كلها بلجنتها الإدارية. وبالتوازي مع هذه الجمعية الجامعة، وُجدت جمعيات أخرى، بأهداف محدودة، كجمعية زمن فلسطين، المُهتمة بالثقافة والفن والتاريخ، أو جمعية مُنتدى فلسطين المواطنة، المُهتمة بالبُعد العلماني وحقوق المرأة، أو جمعية الملتقى الفلسطيني أو جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين.
تضاف إلى ذلك جمعيات مُتخصصة، وأهمها تجمع الأطباء الفلسطينيين بفرنسا، الذي استطاع منذ عشر سنوات فرض وجود علمي طبي، داعم للقطاع الطبي الفلسطيني، مع التركيز على التعليم ونقل المعرفة، عن طريق البعثات الطبية لأرض الوطن ومخيمات الشتات، أو استقبال وفود طبية للتعلم داخل المستشفيات الطبية، وعقد مؤتمر طبي فلسطيني فرنسي سنوي في باريس، بالإضافة إلى حملات الإغاثة المُتعددة.
للأسف، فإن الانقسام الفلسطيني، منذ أكثر من عشرين عاماً، رمى بظلاله على تنظيم الجالية بفرنسا، وأعاق إمكانية إيجاد تجمع شامل فعال، يستطيع التعبير والضغط داخل فرنسا، لصالح القضية الفلسطينية. لكن ذلك لم يمنع الجمعيات المذكورة أعلاه وغيرها والأفراد، من العمل الدؤوب ليلاً ونهاراً لرفع راية فلسطين، إما عن طريق المظاهرات أو المشاركة بالفعاليات الفرنسية، كالعمل مع منصة فلسطين، التي تضم أكثر من 40 جمعية فرنسية، أو جمعية أوروبا فلسطين ذات النشاطات العديدة والتوجه اليساري، وتعمل جميعها في الوسط النقابي والسياسي الفرنسي، للتأثير على القرار الرسمي.
الانتماء الفكري والحزبي للفلسطينيين في فرنسا، والذي في بعض الأحيان يعود لعشرات السنين، أصبح برأيي المُعيق الأكبر لتوحيد الجالية، ونحن نعتقد بفرنسا، كباقي الجاليات بأوروبا، بحقنا في الانتماء السياسي، والمشاركة في العمل الفلسطيني العام، داخل وخارج فلسطين، ولكن مفهوم توحيد الجالية، لا يمكن أن يتم إلا على أُسس توافقية، أي العمل فقط من خلال ما يُسمى الثوابت الوطنية، والتي يتفق عليها الجميع. التنوع الفكري والسياسي هو دليل حيوية المجتمع الفلسطيني، ولكن ذلك لا يجوز أن يُعيق توحيد العمل.
الجالية الفلسطينية يجب أن تُبنى إذاً على الثوابت فقط، وتترك الأفكار الفلسفية وغيرها للنقاش خارج الأطر الرسمية. بفرنسا كما ببقية أوروبا، يجب ألا ننسى أن الجالية هي جزء من الشعب الفلسطيني، ورافد قوي لحراكه وداعم لحقوقه، ولكنها بنفس الوقت جزء من المجتمعات الغربية، التي اختارت أن يعيش أبناؤها بها. الاهتمام بجيل الأبناء وانتمائهم الفلسطيني هو أيضاً هاجس دائم، حتى تبقى فلسطين حية جيلاً بعد جيل، مهما طال الزمن، وامتدت المسافات.
(رئيس تجمع الأطباء الفلسطينيين في أوروبا)