قبل أيام استعاد بعض الناشطين على موقع "فيسبوك" تصريحاً للفنانة، ماجدة الرومي، في برنامج "العراب" مايو/أيار 2008 الذي عُرض على قناة MBC من تقديم نيشان، وأعلنت فيه الرومي إعجابها بنظام الرئيس الراحل، حافظ الأسد، وابنه رئيس النظام الحاكم، اليوم، بشار الأسد، ووصفت النظام السوري بالدولة "الممسوكة" وذات كيان مُستقل، ومحافظ عليه وأملت أن يتعلم اللبنانيون من النظام السوري كيفية الحفاظ على الشعب اللبناني.
هذا الكلام جاء بعد يومين من أحداث السابع من مايو/أيار 2008 في لبنان عندما اقتحمت عناصر من حزب الله المقرات التابعة لتيار المستقبل وعاثت فساداً وتخريباً في بيروت، حيث سقط عشرات الضحايا في التقاتل المذهبي، وجاءت الحلقة وسط هذه الظروف لتعلن الرومي مواقف سياسية يستعيدها الفيديو الذي نُشر بعد ثماني سنوات من عرض الحلقة.
وقد أثار الفيديو علامات استفهام مجدداً حول علاقة الفنان بالأنظمة السياسة، وأهمية عدم الانجرار وراء تصريحات انفعالية أو عاطفية قد تؤدي إلى خسارة مدوية للفنان في رصيده الشعبي.
ردود الفعل على ماجدة الرومي جاءت عبر المتابعين على موقع "فيسبوك". فقال بعضهم إنه ليس مستغرباً على الرومي أن تصرّح مثل هذا التصريح وهي المعروف عنها الانقلاب بالمواقف السياسية. وكتب آخرون أن الرومي غنت قصيدة "حاصر حصارك" للشاعر الفلسطيني الراحل، محمود درويش، هدية منها للعماد ميشال عون إبان معارضته الحكم السوري للبنان نهاية الثمانينيات، وقبل نفيه إلى باريس، لمدة زادت عن 15 عاماً. وبالتالي لا يمكن لهذا التصريح أن يكون جدياً أو مقصوداً خصوصاً أنه جاء عام 2008، أي بعد فترة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، وما حملته هذه المرحلة من تداعيات سياسية، ضد الوجود السوري في لبنان.
وعلق آخرون، إن دعم ماجدة الرومي لرأس النظام السوري، جاء بعد حرب تموز العام 2006، عندما كان التأييد لا يزال قائماً في لبنان لسورية، وقبل اندلاع الثورة السورية في العام 2011.
لكن ماجدة الرومي ليست وحدها التي كانت تؤيد النظام السوري، حتى اليوم لا يزال بعض الفنانين اللبنانيين يجاهرون علناً بتأييد هذا النظام، فيما التزم بعضهم الآخر الصمت بعد أن حفلت مواقع التواصل الاجتماعي في الأشهر الأولى للثورة السورية بتذكير عدد كبير منهم بمواقفهم قبيل الثورة السورية، ومنهم الفنانة نجوى كرم والفنان فارس كرم وجورج وسوف، وملحم بركات، وجوليا بطرس.
هؤلاء وبعد سنوات من الثورة السورية أصبحوا بعيدين جداً عن مؤازرة النظام السوري ويلتزمون الصمت تجاه الثورة، حتى أنهم لا يردون على أسئلة الصحافيين حول رأيهم في ما يجري في سورية، كما لا يعلقون على أي حدث أمني أو إنساني يتعرض له السوريون المهاجرون أو المقيمون في سورية.
النظام يتدخل في الأعمال الفنية
في الوقت نفسه يصر بعض الفنانين السوريين على الرغم من فظاعة آلة القتل المتمثلة في النظام على تأييد بشار الأسد، خصوصاً أن المعلومات تؤكد أن النظام السوري نفسه يدعم هؤلاء بطريقة أو بأخرى في شؤونهم الفنية، وأعمالهم ويعمد بالتالي إلى التدخل لدى شركات الإنتاج الموالية له وتكليفها بضرورة مساندة ممثل على حساب ممثل آخر، مهما كان تاريخ هذا الممثل. حصل ذلك في مسلسل "باب الحارة أخيراً، فمُنح الممثل، مصطفى الخاني، المعروف بـ "النمس" دوراً رئيسياً في الجزء الثامن الذي عُرض في رمضان، هذا العام، وأتى ذلك على حساب الممثل، عباس النوري، الذي اعتذر عن مواصلة تعاقده على بطولة الجزء التاسع بناء على ما حصل، وكيفية تقسيم الأدوار، وتساءل متابعون عن أسباب دخول الممثلة، سلاف فواخرجي، المعروفة بتأييدها المطلق للنظام السوري في المسلسل نفسه وبعد سبعة أجزاء من العمل، ومنحها، أيضاً، بطولة مطلقة على حساب بعض الفنانات اللواتي عملن وقتاً طويلاً في المسلسل نفسه.
ذنب المعارضين
في الجهة المقابلة، نجد أنّ الفنانين المعارضين لهذا النظام، إن كان في لبنان أو سورية أو أي بلد آخر دفعوا ثمن مواقفهم من خلال "المحاسبة والعقاب". فتعرضوا لحملات تشويه سمعتهم على مواقع التواصل تحديداً من قبل ما يعرف بـ"الجيش السوري الإلكتروني".
أمثلة كثيرة يمكن أن نعطيها لعل أبرزها الفنانة، أصالة نصري، التي كانت من أوائل الفنانين السوريين الذين جاهروا بضرورة سقوط نظام البعث، ما جرّ عليها مئات الحملات التي ذكرتها بـ"فضل آل الأسد عليها"، إلى جانب استعمال الخلاف بينها وبين شقيقتها ريم نصري.
وكذلك الممثلون يارا صبري ومكسيم خليل ومي سكاف، وجمال سليمان، وسامر المصري، وجهاد عبده، بعضهم يقيم اليوم في القاهرة ودبي وتركيا، وفرنسا، ما حمل نقابة الفنانين السوريين التي يقودها الممثل، زهير رمضان، إلى الإعلان عن لائحة كبيرة بشطب عضوية عدد من الفنانين المعارضين لنظام الأسد، بحجة واهية، وهي أنهم لا يسددون الاشتراكات السنوية المفروضة للنقابة أو لجمعية الفنانين السورية. وبالتالي مصادرة أملاك بعض الفنانين الذين اعترضوا على سياسة النظام السوري وفضلوا الرحيل عن سورية، حتى تنتصر الثورة وتنتهي الحرب.