الثورة الجزائريّة تلهم السينما العالميّة

31 أكتوبر 2014
مشهد من فيلم "زبانا" (Getty)
+ الخط -
رغم شهرة في الغرب للأعمال السينمائية التي تناولت الثورة الجزائرية، إلّا أنّها لم تصل إلى العالم العربي، ولا يعرف عنها المشاهدون العرب سوى فيلم "جميلة بوحيرد" الذي أخرجه يوسف شاهين في عام 1958 واختار لدور البطولة الفنانة ماجدة، وشارك فيه نجوم كبار منهم أحمد مظهر، ورشدي أباظة، ومحمود المليجي، وزهرة العلا. وشارك في كتابته أربعة من أهم الكتّاب، منهم: نجيب محفوظ ويوسف السباعي.

لاقى هذا الفيلم احتفاءً جزائرياً وعربياً كونه أُنتج قبل الاستقلال، رغم عدم دقّة أحداثه التي دارت خارج الروح الجزائرية. وقد يعزو بعض النقّاد الأمر إلى كون يوسف شاهين مصرياً، ما لم يعطِهِ انطباعاً كافياً عن المناخ الجزائري الذي يجب أن يغلب على الفيلم. لكنّ هذا العذر سيتلاشى أمام عظمة المخرج الايطالي جيلو بونتيكورفو الذي أخرج فيلم "معركة الجزائر" في عام 1966، أي بعد الاستقلال بأربعة أعوام، وشارك في كتابته فرانكو ساليناس.

لا شكّ أن "معركة الجزائر" لم يكن فيلماً فقط بميزانية خيالية آنذاك، بل كان رسماً دقيقاً لملامح التاريخ، ورصداً حقيقياً لتحوّلات شعب عاش أكثر من مئة عام تحت الاضطهاد، وذاق كل أنواع التعذيب على يد المستعمر، ما أدّى إلى منع عرضه لمدة 40 عاماً في فرنسا. نال هذا الفيلم ثلاثة أوسكارات وعدداً من الجوائز الأخرى حول العالم. وقد أثبت بونتيكورفو بذلك، أنّ لا علاقة للفن بالهويّة بل بالرغبة في صناعة تحفة إنسانية خالدة وصادقة.

كذلك استطاعت بعض الأفلام لمخرجين جزائريين نقل معاناة هذا الشعب وأمجاد ثورته، من أشهرها: "الأفيون والعصا"، الذي أخرجه أحمد راشدي في عام 1971. يتحدث الفيلم عن قرية صغيرة اسمها "تالة"، اختار ابنها الطبيب الالتحاق بجيش التحرير الوطني، فغادر حياة الترف بعدما رأى البؤس الذي يعيشه أهله.

عكس هذا الفيلم المعنى الحقيقي للتضحية والانتماء على الرغم من قساوة مشهد النهاية الذي يظهر عملية نسف "تالة" بالمتفجرات من طرف الجيش الفرنسي بعد فشله في جعلها تخضع لسلطته. الفيلم مقتبس عن رواية للكاتب الكبير مولود معمري. وقام ببطولته كل من سيد علي كويرات ومصطفى كاتب ومحيي الدين بشطارزي والممثلة الفرنسية ماري جوزي نات التي اختارت أن تقدّم دور فتاة جزائرية اسمها فرّوجة إيماناً منها بقضيتها.

من هذه الأفلام أيضاً: "دورية نحو الشرق" في عام 1971، و"وقائع سنين الجمر" في عام 1974، و"ريح الأوراس" في عام 1974، و"وريح الجنوب"، و"الليل يخاف من الشمس"، و"الحريق" في عام 1974.

ومن آخر الأعمال التي اهتّمت بنقل الثورة الجزائريّة على الرغم من الفترة الطويلة على مرورها، فيلم "زبانا"، الذي أخرجه سعيد ولد خليفة في عام 2012. يروي هذا الفيلم حياة الشهيد أحمد زبانا، وهو أول شهيد جرى إعدامه بوحشية بالمقصلة في تاريخ الثورة الجزائرية. قام ببطولته الممثل عماد بن شني. ولاقى الفيلم نجاحاً كبيراً، أثبت من خلاله أنّ الثورة الجزائرية ما زالت قادرة، بعد ستين عاماً، على إلهام السينما بالنضال من أجل الحرية.
المساهمون