أثارت تقارير صدرت أخيراً عن منظمات عراقية متخصصة حول انخفاض الثروة الحيوانية في البلاد لأدنى مستوياتها في نحو مائة عام، مخاوف المواطنين والمختصين من احتمالات تعرض العراق لنكسة غذائية، عززها الارتفاع المتواصل والكبير في أسعار اللحوم.
وبلغ متوسط سعر اللحوم الحمراء في العراق نحو 15 ألف دينار (12 دولاراً) للكيلوغرام، وهو سعر يتجاوز بكثير نظيره في أكثر البلدان العربية.
ويعزو مراقبون تراجع الثروة الحيوانية في بلاد الرافدين إلى توتر الأوضاع الأمنية منذ الاحتلال الأميركي في 2003، ولجوء أصحاب المواشي إلى نحرها أو بيعها بسعر بخس خوفاً من الحروب المتواصلة داخلياً، فضلاً عن نفوق أعداد كبيرة من الثروة الحيوانية بفعل الاشتباكات والقصف اليومي، فيما لا تزال عمليات تهريب الأبقار إلى كل من الأردن وسورية تسجل نشاطاً ملحوظاً.
وبحسب آخر إحصاء رسمي جرى في عام 2010 لعدد الثروات الحيوانية بالعراق، فقد بلغ عدد الأبقار 2.552 مليون رأس، فيما كانت أعداد الجاموس 285.5 ألف رأس والأغنام 7.722 ملايين رأس والماعز 1.474 مليون رأس والإبل 58.3 ألف رأس.
إلا أن تلك الثورة يمكن الآن أن تكون قد تراجعت بحدود 65% عما كانت عليه في 2010، وفق تقديرات منظمة التنمية الزراعية في العراق (مدنية)، فقد أدّت الحرب والقصف الجوي وقطع الطرق وتجريف المزارع والبساتين وقلة الرعاية الصحية إلى نفوق الكثير من تلك الثروات، فضلاً عن عمليات الذبح العشوائي للمواشي، وفق المنظمة.
وترى المنظمة أن الهجرة الداخلية كانت سبباً رئيساً في تراجع الثورة الحيوانية، فالقطاع الزراعي بوجه عام يقوم على الاستقرار. وهاجر نحو أربعة ملايين عراقي مساكنهم من غرب وشمال العراق، بسبب الحروب الدائرة هناك.
وفي تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، قال وكيل وزارة الزراعة العراقية مهدي القيسي: "الحرب والفوضى والنزوح، تلك أسباب قاهرة خلفت الأزمة"، مبيناً أن الثروة الحيوانية والسمكية أيضا تعرضت لنكسات خلال العامين الماضيين.
ويقدر رئيس منظمة التنمية الزراعية خالد العلي، خسائر العراق جراء هذا الفقدان الهائل بالثروة الحيوانية بأكثر من 5 مليارات دولار، تشمل البنى التحتية للثروة الحيوانية بالعراق كالمزارع والمعالف وبيوت الإيواء. ويضيف أن "القول بـ 65% غير نهائي وقد تكون النسبة أكثر خسائر إجمالية بالثروة الحيوانية في العراق.
وقال الخبير الاقتصادي والأستاذ في كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة كركوك يونس المعماري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن قطاع الثروة الحيوانية في محافظة نينوى فقد نحو 60% من قدراته منذ سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
وتعتبر نينوى واحدة من أهم المدن الزراعية على مستوى العراق، وتنتج وحدها نحو ربع إنتاج العراق من القمح والشعير.
وأضاف المعماري أن أكثر أنشطة تربية الأغنام والأبقار والجاموس توقفت في المحافظة، بسبب هجرة غالبية المهنيين في هذا القطاع.
اقرأ أيضاً: قصّابو العراق..أفراح بالعيد وأخرى بجني الأرباح