التونسيون يشيدون بالانتقال السلس للسلطة: فخورون بديمقراطيتنا

26 يوليو 2019
تونس تنجح في الاختبار الديمقراطي (ياسين قايدي/ الأناضول)
+ الخط -
لم تثن أجواء الحزن والمرارة، إثر وفاة رئيس الجمهورية التونسي الباجي قائد السبسي، أمس الخميس، التونسيين عن الحرص على سلامة انتقال السلطة، والإشادة بسلاسة الإجراءات وسيرها وفق مقتضيات الدستور، ما عكس فخرهم بما أنجزوا وما أرسوا من مؤسسات تحرس الديمقراطية.

وبقي شارع الحبيب بورقيبة، القلب النابض للعاصمة، محرار الشارع التونسي ومرآة له فالحركة فيه لم تتوقف. وبصرف النظر عن الرسائل السلبية التي سعت بعض القنوات الأجنبية لبثها وإشاعة الخوف في صفوف التونسيين ومحاولة إرباك عملية انتقال السلطة، لم يؤثر ذلك في شيء من صلابتهم وقدرتهم على مواجهة هذه المحنة. فالاختلافات في المواقف وفي تقييم أداء رئيس الجمهورية لم تحجب عن عيون التونسيين مناقب الفقيد، وحتى أشد مناصريه وذوي القربى من أسرته أو من عائلته السياسية أبدوا تمسكا أيضا بمؤسسات الدولة وضرورة حمايتها من أي منزلق.
الخامس والعشرون من يوليو/ تموز، تاريخ له أكثر من معنى لدى التونسيين، فهو يذكرهم وفق حديث الناشط النقابي والسياسي، ماهر حمدي، بـ "ذكرى الجمهورية وباغتيال الشهيد محمد البراهمي، واليوم تضاف ذكرى وفاة أول رئيس منتخب للجمهورية التونسية وتأبينه من قبل التونسيين جميعا".
وأكد حمدي، الذي يعد من أبرز معارضي السبسي في بعض خياراته السياسية وخاصة قانون المصالحة الذي خاض ضده تحركات عدة، في حديثه لـ"العربي الجديد" أنه "يحق للتونسيين أن يفخروا اليوم بأن دماء الشهداء التي سالت خلال ثورة 17 ديسمبر لم تذهب هباء، فانتقال السلطة في تونس سار بسلاسة وفي أطره الدستورية".
وتابع قائلا: "رغم نقيصة المحكمة الدستورية التي لم ترس بعد، لم يعش المشهد السياسي ارتباكا أو تعثرا، خلال ساعات من إعلان وفاة الرئيس تولى رئيس البرلمان (محمد الناصر) الرئاسة وأقسم اليمين الدستورية وراجعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مواعيد الاستحقاقات وفق ما يفرضه الدستور".
وإن كان حمدي ناشطا سياسيا ملما بالوضع، فإن كثيرين من الذين التقاهم "العربي الجديد" في الشارع الكبير كانوا على الموقف ذاته. وقالت في هذا الصدد دليلة، ذات الأربع والخمسين سنة، إنها وإن تأسفت على وفاة رئيس تكن له كثيرا من التقدير لأنه يعيد في ذاكرتها صورة باني الدولة الحديثة الحبيب بورقيبة، فإن أشد ما لفت انتباهها أن البلاد نجت من أي سيناريو سيئ. وخلال متابعتها للأنباء على شاشات التلفزة وفي الإذاعات، وجدت أن انتقال السلطة تم في ظرف زمني قياسي. وأضافت لـ"العربي الجديد" أن شعورا عميقا بالارتياح أصابها حين مرورها بشارع الحبيب بورقيبة ورؤية الناس على المقاهي ودوريات الأمن في كل مكان تمارس عملها بصورة اعتيادية.
واعتبر المواطن الصادق خلال حديثه لـ "العربي الجديد" أن "كثيرا من الحنكة والدهاء السياسي ستفتقدها الساحة السياسية، لكن ذلك لا يقلل من شأن الإنجاز التونسي الذي اتضحت معالمه أكثر وتجلت خلال هذه المحنة". ودعا كل الفرقاء السياسيين إلى الوحدة واللحمة وأن يتجنبوا الخطاب السياسي المتشنج الذي يفرق ولا يجمع. وختم بالدعوة للالتفاف حول المؤسستين الأمنية والعسكرية وتدعيم جهودهما في مواجهة الإرهاب وكل من يتربص بالبلاد.

"برافو للتونسيين" هو تعليق محمد، وهو مصطاف جزائري تحدث إليه "العربي الجديد"، وعبر عن إعجابه بمدى انضباط التونسيين طبقة سياسية وشعبا لأحكام دستور ثورتهم، وأبرز أن هذا النموذج الديمقراطي يعطي أملا للكثيرين بأن الديمقراطية ممكنة في بلادهم وليست حكرا على دول الغرب ولا تليق إلا بهم، على حد تعبيره. وشدد على أن تونس أثبتت خلال هذا اليوم الحزين والصعب في آن واحد بأنها خطت خطوات كبيرة في اتجاه الديمقراطية وإرساء مؤسسات تسير البلاد وأنها لا تقف على أشخاص حتى وإن كانوا في رأس الدولة ومن أعمدتها.
ورأى بلال وهو شاب في الثلاثينيات من عمره، أن "الامتحان الصعب الذي مرت به البلاد وأداء طبقتها السياسية ومؤسستيها الأمنية والعسكرية يبين أنه لا مجال لما يروج له من محاولات انقلابية أو سيناريوهات تربك البلاد، بل يظهر كم الوعي لدى كل مكونات المجتمع التونسي بضرورة استكمال الانتقال الديمقراطي وفق مقتضيات الدستور وعبر سلط منتخبة".

المساهمون