وفي وقت مازالت الحكومة التونسية تدرس بحذر التمديد الثالث للحجر الصحي العام بعد إقرار مجلس الأمن القومي اليوم ضرورة التمديد بعد 19 إبريل/ نيسان الجاري، يستقبل التونسيون بخوف وأسف كبيرين قرب حلول شهر رمضان بسبب عدم قدرتهم على الاستعداد على غرار كل عام، من خلال عادات التسوق والتبضع وإعداد مستلزمات طاولات الإفطار ولوازم شهر العبادات.
وزادت تصريحات مفتي الديار التونسية عثمان بطيخ من هواجس التونسيين، حول تزامن شهر رمضان مع وباء كورونا، إذ أرجع مسألة الصوم أو عدمه إلى الأطباء وإلى مجلس الأمن القومي.
وقال بطيخ، في تصريحات صحافية "إن وباء كورونا محل اهتمام كل التونسيين والعالم، مبيناً أن دور رجال الدين هو إنارة الرأي العام".
وحول صيام شهر رمضان في زمن الوباء، أوضح بطيخ "أن القرار يعود للأطباء الذين يجب أن يجتمعوا لتقييم الوضع"، مضيفاً "الأمر يعود أيضا للقرارات الصادرة عن مجلس الأمن القومي... وحينها لكل حادث حديث" على حد تعبيره.
واعتاد التونسيون من مختلف الشرائح على الاستعداد لشهر رمضان قبل أسابيع من انطلاقه حيث تحرص العائلات التونسية، وخصوصا كثيرة الأفراد على التبضع وشراء مستلزمات الشهر الكريم من البهارات والبقول والمصبرات والمعجنات وغيرها من المواد الغذائية والمنكهات.
كما اعتاد التونسيون، قبل انطلاق شهر رمضان، على الإقبال بكثافة على الأسواق والمحلات التي تشهد اكتظاظاً منقطع النظير حتى أن السلطات والتجار يعدون مخازن خاصة لهذه الفترة.
ويمثل شهر رمضان عادة مصدراً لازدهار تجارة صغار الباعة والجوالة أيضاً، ويزداد الإقبال على محلات بيع المرطبات وحلويات السهرات ولوازم السمر، وحلويات العيد دون أن ينسى التونسيون محلات بيع ملابس العيد ومحلات الملابس التقليدية أيضاً التي يزداد رواجها والإقبال عليها من قبل المصلين الحرصاء على أداء صلاة التراويح وصلاة العيد باللباس التونسي الأصيل.
وتقول سعاد، مرتدية كمامة واقية، خلال وقوفها في طابور مغازة عامة "رمضان هذا العام ليس كأي رمضان، لقد فقدنا نكهة التسوق استعداداً للشهر المعظم كما السنوات الماضية". وأضافت لـ"العربي الجديد" أشعر بمرارة شديدة لما لهذا الشهر من اعتبار أسري وعائلي ومجتمعي، ولا أتخيل أني لن ألتقي أفراد أسرتي وأخوتي وأبنائهم ولا نسهر سوياً أمام شاشات التلفاز.. أخشى ما أخشاه أن يطول الحجر ويتواصل التباعد الأسري ونقضي رمضان أنا وزوجي وابنتي منفردين في شقتنا الصغيرة.. وقد اعتدنا أن نمضي ما تيسر منه في منزل العائلة الكبير..".
وقال أستاذ علم الاجتماع حسان موري في حديث لـ"العربي الجديد" إن "رمضان في زمن كورونا سيكون مختلفاً وقاسياً، إذ سيُحرم التونسيون من أهلهم ومن عاداتهم بسبب التعليمات الصحية وضرورات الالتزام بالحجر الصحي العام"، مشيراً الى أن رمضان كان يمثل مناسبة دينية واجتماعية للتقارب الأسري والعائلي في وقت يوجب الوباء التباعد والالتزام بالتواصل عن بعد.
وبين موري أن التونسيين سيتأثرون جداً بسبب ضرورات وباء كورونا الذي سيحرمهم من أداء صلاة التراويح والشعائر الدينية في المساجد والجوامع في وقت يعرف رمضان طفرة في ارتياد دور العبادة، كما سيخلف إلزام الناس بعدم زيارة أهلهم وذويهم أثاراً نفسية ومجتمعية، فلم يعتد الناس، خصوصاً في رمضان، قطع العلاقات، مما يزيد من مخاوف كسر التعليمات الصحية لدى البعض ممن يعدون قضاء رمضان وسط العائلة والأهل أمراً ضرورياً.
ولفت المتحدث إلى أن التونسيين يقضون جزءاً هاماً من شهر رمضان في المقاهي وفضاءات الترفيه، ما ينذر بتضاعف الصعوبات النفسية في ظل تواصل غلق المقاهي وفضاءات الترفيه بسبب كورونا، مشيراً إلى أن هذا الوباء سيخلف صعوبات كبيرة وقد يعمق التباعد الأسري.
ويتوقع مراقبون ركوداً في عدة مهن وحرف بسبب وباء كورونا حيث اعتادت عدد من العائلات التونسية الانطلاق في شراء ثياب العيد ومستلزماته قبل انطلاق الشهر الكريم، خوفاً من الزحام والاكتظاظ، مما يخيف أصحاب محلات الملابس والتجار، كما أن الاحتكار وغياب بعض المواد الغذائية سيُصعب عمل محلات الحلويات الممنوعة من النشاط بسبب الحجر الصحي العام.