واضطر تونسيون إلى الانتقال من محافظة إلى أخرى للحصول على جراياتهم أو رواتبهم، في حين ظل بعضهم الآخر ينتظر لساعات من أجل سحب أمواله، كما عمد عدد منهم، صباح اليوم، إلى إغلاق الطريق في وسط مدينة الحمامات نتيجة تأزم وضعهم المالي بسبب تواصل الإضراب.
وأكدت الثمانينية فاطمة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنها انتظرت عدة أيام للحصول على منحة الشيخوخة التي تتقاضاها، والتي تشكل مورد رزقها الوحيد، مبينة أنها اضطرت للنهوض باكرا والانتظار أمام مكتب البريد الذي سمعت أنه سيفتح أبوابه استثنائيا.
وأوضح ابنها أنّ مصالحه تعطلت ليرافق والدته المسنة، وأنّ هذه الإضرابات غير المبررة تعطل مصالح المواطنين، مضيفا: "ظروف العديد من التونسيين صعبة، وعدم حصولهم على أموالهم يجعلهم في وضع أصعب، كما أن الانتظار لساعات بسبب الضغط الحاصل على بعض المكاتب المفتوحة يزيد من الاحتقان".
وقال المواطن فتحي إنه قطع 20 كلم للوصول إلى مكتب البريد علّه يسحب أمواله، خصوصاً أن أغلب المكاتب مغلقة، واصفا الإضراب بـ"الظالم" لأنه يتزامن مع سحب المسنين والمتقاعدين لجراياتهم، مضيفا: "كان بالإمكان تنظيم إضراب ليوم واحد، ولكن تواصله قرابة الأسبوع غير منطقي".
واتكأ المسن محمد على شجرة بعدما أعياه التعب، محاولا أن يجد مكانا بين جموع المواطنين الذين تجمهروا داخل مكتب البريد، علّه يتمكن من سحب أمواله، مؤكدا أن لديه حوّالة سيسحبها اليوم وأنه لم يكن يعرف بإضراب أعوان البريد بل فاجأه الأمر.
وعبرت مواطنة تدعى آمنة عن استيائها العميق من الإضراب، واصفة ما يحصل بالإهانة للتونسيين وللمسنين منهم، الذين ينتظرون من الصباح الباكر أمام المكاتب وبعضهم لا يملك مليما واحدا، في حين اضطر آخرون إلى شراء أدوية ومواد غذائية لأطفالهم وبالتالي لا حول ولا قوة لهم، مشيرة إلى أنه من غير المقبول استمرار الإضراب وتعطيل مصالح التونسيين.
وأفاد المكلف بالإعلام في البريد التونسي نبيل الرايس، لـ"العربي الجديد"، بأنه على أثر الإضراب المفتوح لمكاتب البريد، تم فتح بعض المكاتب لتأمين العمل والخدمات للتونسيين بتونس العاصمة وفي عدد من المحافظات، مضيفاً أن انفراج الأزمة مرتبط بالطرف النقابي.
وقال إنّهم يستنكرون الإضراب المفاجئ، ويأملون من كافة البريديين التحلي بروح المسؤولية وتغليب المصلحة العامة.
وأصدر البريد التونسي بياناً جاء فيه أنه "على أثر اعتصام عدد من أعوان البريد التونسي بمقر وزارة الإشراف منذ 19 أغسطس/آب، والتحاق مجموعات من زملائهم الذين غادروا مقار عملهم، وتسبب ذلك بغلق مكاتب البريد وتعطل إسداء الخدمات البريدية والمالية فيها، فإن البريد التونسي يعبر عن استنكاره الدخول في إضراب مفاجئ لم تراع فيه الإجراءات والتراتيب الجاري بها العمل، وقلقه الشديد إزاء ما ترتّب عن الإضراب من إضرار بمصالح المواطنين إضافة إلى تكبد المؤسسة لخسائر مالية فادحة".
وأضاف البيان أن "الإدارة العامة للبريد مضطرة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، خاصة في حال تواصل الانقطاع عن العمل، وأن الأبواب لا تزال مفتوحة أمام الحوار والتفاوض للتوصل إلى حلول تراعي ديمومة المؤسسة وتضمن مصالح المواطن".
وطالبت الجامعة العامة للبريد التونسي (النقابة) سلطة الإشراف بتطبيق اتفاق 16 فبراير، والمتعلق بتخصيص نسبة 2 بالمائة من كتلة الأجور للترقيات، والترفيع في تذاكر الأكل ومنحة عيد الأضحى، وإسناد القروض والالتزام بتطبيق الاتفاقيات، وإنهاء التفاوض في النظام الأساسي، بحسب بيان لها.