أعلنت وزيرة الدولة في وزارة العدل السودانية، نعمات الحويرص، قبل أيام، عزم السودان على المصادقة على اتفاقية مكافحة التمييز ضد المرأة، المعروفة اختصاراً باسم "سيداو"، فأحدث التصريح جدلاً واسعاً وخلف ردود أفعال عديدة.
وأرسل رجل الدين المثير للجدل، محمد علي الجزولي، رسالة مفتوحة إلى الحركة الإسلامية الحاكمة، حملت عنوان "اضربوا سفهاءكم"، وكتب الجزولي الذي يوقع بياناته بصفة المنسق العام لتيار الأمة الواحدة، في الرسالة التي انتشرت بشكل واسع، أن "التوقيع على سيداو يُعد أكبر جريمة بحق الأسرة، وأكبر خيانة للأمة. التوقيع لن يزيد السودان إلا ضنكا وشقاء وفقرا".
وعدد الجزولي مخالفات (سيداو) للشريعة الإسلامية، ومنها جعل الحاكمية لنصوص الاتفاقية على الشريعة الإسلامية، ودعوة الاتفاقية إلى رفض تفريق الشريعة بين دور الرجل والمرأة بمطالبتها بالمساواة المطلقة، ومطالبتها كذلك برفض أحكام الشريعة في إعطاء المرأة مهراً، وجعل الطلاق بيد الرجل، ووضع عدة للمرأة، وطريقة تقسيم الميراث، وكذلك عدم معارضة عمل النساء في الدعارة لحساب أنفسهن، ودعوة الاتفاقية لنشر الثقافة الجنسية بين الأطفال، وشرعنة العلاقات الجنسية خارج الزواج، والسماح بزواج غير المسلم من المسلمة، ومنع تعدد الزوجات.
ومع زيادة الانتقادات في البرلمان، خرجت وزارة العدل بتصريح جديد نفت فيه التوصية أو الدفع باتفاقية "سيداو" إلى المجلس الوطني (البرلمان) للمصادقة عليها، قبل أن تؤكد وزيرة الضمان والتنمية الاجتماعية، مشاعر الدولب، مجدداً اتجاه السودان إلى التوقيع على الاتفاقية مع التحفظ على كل البنود التي تخالف الشريعة الإسلامية.
وتدخلت هيئة علماء السودان (شبه حكومية)، مؤكدة عدم جدوى التوقيع على الاتفاقية الدولية، مشيرة إلى أن "التحفظ غير مجدٍ، ولا يغير من مقاصد الاتفاقية". وأشار رئيس الهيئة، محمد عثمان صالح، في تصريح صحافي، إلى اعتراض عدد من الدول الأوروبية على تحفظ السعودية والبحرين وتونس على هذه البنود، ولفت إلى قدرة الجمعية العمومية للأمم المتحدة على إسقاط أي تحفظ، ما يجعل الاتفاقية ملزمة لهذه الدول.
وتعنى "سيداو" بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة ووقع عليها كثير من الدول، لكن دولاً مثل الولايات المتحدة لم تصادق بعد على الاتفاقية، فيما رفضتها دول، أبرزها إيران والفاتيكان والصومال والسودان، وصدقت عليها السعودية وتونس والبحرين، مع تحفظات على بنود تراها مخالفة للشريعة الإسلامية.
ويؤكد مراقبون أن الخرطوم تتعرض لضغوط تهدف إلى مصادقة البرلمان السوداني على الاتفاقية، بينها عرقلة الاتحاد الأوروبي انضمام السودان إلى منظمة التجارة العالمية، بسبب امتناعه عن الانضمام إلى معاهدات حقوقية دولية، بينها "سيداو".
وفي مقابل الاعتراضات، تدعم جماعات دينية وناشطون وكتاب بارزون التوقيع على الاتفاقية، وتؤكد الناشطة في مجال حقوق المرأة، لمياء الجيلي، أن "الاتفاقية لا تتعارض مع الأديان لأنها تقر حقوق طبيعية للمرأة في العمل والأجر المتساوي والتعليم وغيرها"، مضيفة أن "معظم الدول الإسلامية وقعت وصادقت على الاتفاقية، حتى بعض الدول التي كانت لديها تحفظات بدأت سحبها تدريجياً، مثل الكويت".
وأوضحت الجيلي لـ"العربي الجديد" أن "السودان تعهد في أكثر من مناسبة للمجتمع الدولي بالمصادقة على سيداو، وأطراف عدة داخل الحكومة مؤيدة لسيداو، مثل وزارة العدل، ووزارة الرعاية الاجتماعية، غير أن الحملات التي يدشنها المتشددون هي التي تعطل التوقيع".
اقــرأ أيضاً
وقالت أم سلمة الصادق المهدي، من هيئة "شؤون الأنصار" التي يقودها رئيس الوزراء السابق، الصادق المهدي، إن "الهيئة عقدت سابقاً ورشة لمناقشة (سيداو)، وعرضت فيها أوراقاً قانونية وشرعية، وتوصيات الورشة توصلت إلى أنه لا شيء في بنود (سيداو) يتعارض مع الشريعة".
وأوضحت لـ"العربي الجديد" أن "الاتفاقية تتعارض فقط مع الفقه الصوري المكرس لدونية النساء، وهيئة شؤون الأنصار معترضة فقط على لغة الحقوق في الاتفاقية، التي جاءت جافة ولا تناسب جو الأسرة ومبادئ المودة والرحمة".
وقال الكاتب الصادق إسماعيل، لـ"العربي الجديد"، إن "من مصلحة السودان التوقيع على تلك الاتفاقية وتطبيق بنودها، خصوصاً في مجتمعنا المتعدد الذي يحتاج إلى تقنين وضع المرأة بصورة تتيح لها الحماية الكاملة لأداء دورها في المجتمع، والادعاء بأن الاتفاقية تتعارض مع الشريعة الإسلامية هو قول مردود، لأن التطور التشريعي في الإسلام الذي تبنته بعض الدول مثل تونس، أثبت مردوداً إيجابياً على دور المرأة في المجتمع، وساهم في توعيتها، وبالتالي توعية المجتمع ككل".
وأوضح أن "توقيع السودان على الاتفاقية سيكون تتويجاً لدور المرأة البارز في التاريخ السوداني منذ زمن (الكنداكات) الذي ينعكس في حمل المرأة للعبء الأكبر في الحفاظ على وحدة المجتمع في ظل الاضطراب السياسي والتردي الاقتصادي، والغياب القسري للرجل بسبب الهجرة أو الحروب أو ساعات العمل الطويلة".
من جهته، يقول نائب رئيس تحرير صحيفة "المجهر السياسي"، عبد الله رزق، إن موافقة الحكومة، التي تأخرت كثيراً، لم تأت نتيجة قناعة أكيدة بالاتفاقية، وإنما هي تعبير عن استجابة للضغوط الغربية، وللاشتراطات المتعلقة بشطب اسم السودان من القائمة الأميركية للبلدان الراعية للإرهاب.
وأضاف لـ"العربي الجديد" أن "الموقف الجديد والإيجابي من الاتفاقية، الذي يجيء بعد عقود من الرفض المتعنت، هو موقف هشّ. الحكومة أسست موقفها من (سيداو) على حيثيات دينية يصعب التراجع عنها، وهذا ظهر في المواقف المتناقضة للجهات ذات الصلة"، مؤكداً أن "كل الأطراف تدرك أنه لا مفر لها في نهاية الأمر من قبول الاتفاقية".
ويؤكد مراقبون أن الخرطوم تتعرض لضغوط تهدف إلى مصادقة البرلمان السوداني على الاتفاقية، بينها عرقلة الاتحاد الأوروبي انضمام السودان إلى منظمة التجارة العالمية، بسبب امتناعه عن الانضمام إلى معاهدات حقوقية دولية، بينها "سيداو".
وفي مقابل الاعتراضات، تدعم جماعات دينية وناشطون وكتاب بارزون التوقيع على الاتفاقية، وتؤكد الناشطة في مجال حقوق المرأة، لمياء الجيلي، أن "الاتفاقية لا تتعارض مع الأديان لأنها تقر حقوق طبيعية للمرأة في العمل والأجر المتساوي والتعليم وغيرها"، مضيفة أن "معظم الدول الإسلامية وقعت وصادقت على الاتفاقية، حتى بعض الدول التي كانت لديها تحفظات بدأت سحبها تدريجياً، مثل الكويت".
وأوضحت الجيلي لـ"العربي الجديد" أن "السودان تعهد في أكثر من مناسبة للمجتمع الدولي بالمصادقة على سيداو، وأطراف عدة داخل الحكومة مؤيدة لسيداو، مثل وزارة العدل، ووزارة الرعاية الاجتماعية، غير أن الحملات التي يدشنها المتشددون هي التي تعطل التوقيع".
وأوضحت لـ"العربي الجديد" أن "الاتفاقية تتعارض فقط مع الفقه الصوري المكرس لدونية النساء، وهيئة شؤون الأنصار معترضة فقط على لغة الحقوق في الاتفاقية، التي جاءت جافة ولا تناسب جو الأسرة ومبادئ المودة والرحمة".
وقال الكاتب الصادق إسماعيل، لـ"العربي الجديد"، إن "من مصلحة السودان التوقيع على تلك الاتفاقية وتطبيق بنودها، خصوصاً في مجتمعنا المتعدد الذي يحتاج إلى تقنين وضع المرأة بصورة تتيح لها الحماية الكاملة لأداء دورها في المجتمع، والادعاء بأن الاتفاقية تتعارض مع الشريعة الإسلامية هو قول مردود، لأن التطور التشريعي في الإسلام الذي تبنته بعض الدول مثل تونس، أثبت مردوداً إيجابياً على دور المرأة في المجتمع، وساهم في توعيتها، وبالتالي توعية المجتمع ككل".
وأوضح أن "توقيع السودان على الاتفاقية سيكون تتويجاً لدور المرأة البارز في التاريخ السوداني منذ زمن (الكنداكات) الذي ينعكس في حمل المرأة للعبء الأكبر في الحفاظ على وحدة المجتمع في ظل الاضطراب السياسي والتردي الاقتصادي، والغياب القسري للرجل بسبب الهجرة أو الحروب أو ساعات العمل الطويلة".
من جهته، يقول نائب رئيس تحرير صحيفة "المجهر السياسي"، عبد الله رزق، إن موافقة الحكومة، التي تأخرت كثيراً، لم تأت نتيجة قناعة أكيدة بالاتفاقية، وإنما هي تعبير عن استجابة للضغوط الغربية، وللاشتراطات المتعلقة بشطب اسم السودان من القائمة الأميركية للبلدان الراعية للإرهاب.
وأضاف لـ"العربي الجديد" أن "الموقف الجديد والإيجابي من الاتفاقية، الذي يجيء بعد عقود من الرفض المتعنت، هو موقف هشّ. الحكومة أسست موقفها من (سيداو) على حيثيات دينية يصعب التراجع عنها، وهذا ظهر في المواقف المتناقضة للجهات ذات الصلة"، مؤكداً أن "كل الأطراف تدرك أنه لا مفر لها في نهاية الأمر من قبول الاتفاقية".