في أقل من أسبوع، عقد التحالفان السياسيان الرئيسيان في بغداد، تحالفا "الفتح" و"سائرون"، بزعامة كل من هادي العامري، القيادي في مليشيا "الحشد الشعبي"، ورجل الدين مقتدى الصدر، اجتماعين متتاليين، أسفرا للمرة الأولى عن حلحلة واضحة في الأزمة الحالية، تضمنت الاتفاق على حسم أسماء مرشحي الوزارات الشاغرة، وإنهاء لمناصب حكومية بالوكالة، وتسمية رؤساء اللجان البرلمانية، وإقرار قانون يتعلق بالحرب على الفساد.
وجاء التوافق مفاجئاً في ما يتعلق بملفات عدة، في وقت أكدت مصادر سياسية عراقية أن ملف الوجود العسكري الأميركي في العراق، وتصاعد حدة الجدل حوله، هو ما سرّع عملية التوافق وحقق تقارباً بين الجانبين، بعد جفاء استمر لأكثر من ثلاثة أشهر.
ويتوقع أن ينتج عن التوافق الحالي، مطلع شهر آذار/مارس المقبل، استكمال الحكومة العراقية، من خلال التصويت على وزارات الداخلية والدفاع والعدل والتربية، إلا أن الاتفاق الذي اعتبر منجزاً بين الطرفين يتمثل بالخروج برؤية موحدة إزاء التواجد الأميركي في العراق. وفي هذا الشأن، قال مسؤول قريب من مجريات الحوارات، لـ"العربي الجديد"، إنّ "ملف القوات الأميركية والدعوات لإخراجها من العراق، كان نقطة الارتكاز التي قربت بين التحالفين، وأسهمت بعقد اجتماعاتهما".
في المقابل، أوضح المصدر أنّ "قضية وزارة الداخلية لا تزال نقطة اختلاف بين التحالفين السياسيين"، وأنّ "اللجان المشتركة التي شكلاها، تبحث أسماء بديلة لمرشح الفتح فالح الفياض"، مبيناً أنّ "الأسبوع المقبل سيشهد اجتماعاً آخر، قد يخرج بمعطيات مهمة، من خلال التوافق على مرشح للداخلية، لتُحسم هذه الجدلية".
ويرفض تحالف "سائرون" ترشيح الفياض لحقيبة الداخلية، ويصر على استبداله، الأمر الذي عرقل إكمال التشكيلة الحكومية.
ولفت المصدر الى أن الطرفين يشتركان حالياً في مشروع مسودة قرار إخراج القوات الأجنبية من العراق وفقاً لجدول زمني، وهما سيجريان مشاورات مع الحكومة حول ذلك.
من جهته، قال النائب عن تحالف "الإصلاح"، علي البديري، في تصريح صحافي، إنّ "اجتماع تحالفي الفتح وسائرون جاء نتيجة شعورهما بخطر التحركات الأميركية المشبوهة، التي وصلت الى حدّ النزول والتجوال في الشوارع داخل المدن، فضلاً عن تحركاتهم من خلال تحقيق لقاءات مع شخصيات سياسية ونواب وشيوخ عشائر".
وأضاف البديري أنّ "زعيم تحالف الحكمة، عمّار الحكيم شعر أيضاً بخطر هذه التحركات، وأطلق مبادرة لوضع حد لها، والتوافق على إكمال التشكيلة الحكومية"، معتبراً أنّ "لقاءات سائرون والفتح ومبادرة الحكيم خطوات باتجاه إجهاض التحركات الأميركية في العراق".
وأشار النائب عن تحالف "الإصلاح" الى أنّ "الكتل السياسية جميعها متفقة تماماً على استراتيجية عمل واحدة، لدعم الدولة رغم وجود خلافات في ما بينها".
ويؤكد تحالف "سائرون" أنّ الحلول الوسطية مع "الفتح"، ستنهي أزمة التشكيلة الحكومية.
وفي هذا الصدد، قال النائب عن التحالف، جبار العتّابي، إنّ "اجتماعاتنا مع الفتح لا تخص التشكيلة الحكومية فحسب، بل محاور أخرى، تخص التواجد الأميركي أيضاً".
وأكد العتّابي أنّ "الحلول الوسطية ستنهي الخلاف بشأن التشكيلة الحكومية، ومن ثم سنعمل مع الكرد للتوافق بشأن مرشحهم لوزارة العدل".
يشار الى أنّ حكومة عبد المهدي دخلت في المائة يوم الثانية من عمرها، في وقت لا تزال فيه أربع وزارات شاغرة حتى الآن، (الدفاع والداخلية والعدل والتربية)، بسبب الخلاف بين الكتل بشأن المرشحين لها.