في تشرين الأول 2016 صدر التقرير العالمي للفجوة الجندرية من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي. من دون أية مقدمات، شغل لبنان المرتبة التاسعة في نهاية اللائحة التي تضم 144 بلداً، أي قبل "الطش" بقليل. كما كل عام، يصدر التقرير في الفصل الأخير كمؤشر سنوي يقيس التقدم الذي تحرزه البلدان في سدّ الفجوة الجندرية بين النساء والرجال في أربعة مجالات هي: التعليم والصحة والتمكين الاقتصادي والتمكين السياسي.
إذا نظرنا إلى معظم دول المنطقة، نجد أنها تحتل مراتب آخر عشرين بلداً في القائمة، ليأتي اليمن كآخر بلد (144)، ومن قبله سورية (142) والمملكة العربية السعودية (141) وإيران (139). لا أدري إذا كان إنصافاً أصلاً وضع مؤشرات مشتركة أو متشابهة بين مختلف البلدان لتقييم الوضع، أو إذا كان من العدل مثلاً أن نقول إن أيسلندا احتلت المرتبة الأولى في ردم الهوة الجندرية، في حين احتل اليمن المرتبة الأخيرة في ذلك؟ هل لظروف البلدان وواقعها في ظل الحروب أو النزاع أي معيار يُلحظ قبل المقارنة، أو قبل وضعها في قائمة واحدة ومؤشرات ثابتة؟
النظر في المجالات التي تُقاس فيها الفجوة الجندرية يؤكد عدم صوابية المقارنة. التعليم مثلاً في بلدان من مثل سورية واليمن في الوقت الحالي بات ترفاً. في ظل بلدان تعاني من قتل وتدمير وتهجير، لا يمكن أن نلحظ مؤشر التعليم بين فتيات يتم تزويجهن مبكراً كوسيلة حماية للفتيات من الاغتصاب وجرائم الحرب، وبين صبيان يتم دفعهم للعمل في سن مبكرة أو الانخراط في النزاع المسلّح. الصحة والتمكين الاقتصادي أو السياسي مستوى آخر للنقاش في معظم البلدان العربية التي تعاني من أزمات وحروب ونزاعات.
بالعودة إلى لبنان، وبالمقارنة مع العام السابق، نجد أن لبنان تقدّم درجتين، حيث شغل عام 2015 المرتبة 138 من أصل 145 بلداً، ليشغل هذا العام المرتبة 135 (من أصل 144 بلداً). لبنان ليس استثناءً في أية قاعدة. ليس هناك أي مبرر لوجود فجوة جندرية أصلاً. لكن بالنظر إلى خصوصية البلد، والتركيبة الطائفية والسياسية والأبوية، نجد أننا بحاجة إلى أكثر من العام 2095 ربما لنردم الفجوة الجندرية كما أشار تقرير عام 2014. ولعل أحد أبرز تجليات هذه التركيبة هو ضيق المحسوبيات الطائفية والسياسية والأبوية كما تُرجمت في الانتخابات الرئاسية التي جُسّدت في شخص الرئيس الجديد. إذا كان رئيس الجمهورية "بي الكل" (والد الجميع) بالنسبة لكثير من اللبنانيين/ات في إشارة واضحة إلى عمق الفكر الذكوري والأبوي، هل يعني ذلك أن تكون مرتبة لبنان في مؤشر الفجوة الجندرية في السنوات الست المقبلة أسوأ بكثير؟
(ناشطة نسوية)
اقــرأ أيضاً
إذا نظرنا إلى معظم دول المنطقة، نجد أنها تحتل مراتب آخر عشرين بلداً في القائمة، ليأتي اليمن كآخر بلد (144)، ومن قبله سورية (142) والمملكة العربية السعودية (141) وإيران (139). لا أدري إذا كان إنصافاً أصلاً وضع مؤشرات مشتركة أو متشابهة بين مختلف البلدان لتقييم الوضع، أو إذا كان من العدل مثلاً أن نقول إن أيسلندا احتلت المرتبة الأولى في ردم الهوة الجندرية، في حين احتل اليمن المرتبة الأخيرة في ذلك؟ هل لظروف البلدان وواقعها في ظل الحروب أو النزاع أي معيار يُلحظ قبل المقارنة، أو قبل وضعها في قائمة واحدة ومؤشرات ثابتة؟
النظر في المجالات التي تُقاس فيها الفجوة الجندرية يؤكد عدم صوابية المقارنة. التعليم مثلاً في بلدان من مثل سورية واليمن في الوقت الحالي بات ترفاً. في ظل بلدان تعاني من قتل وتدمير وتهجير، لا يمكن أن نلحظ مؤشر التعليم بين فتيات يتم تزويجهن مبكراً كوسيلة حماية للفتيات من الاغتصاب وجرائم الحرب، وبين صبيان يتم دفعهم للعمل في سن مبكرة أو الانخراط في النزاع المسلّح. الصحة والتمكين الاقتصادي أو السياسي مستوى آخر للنقاش في معظم البلدان العربية التي تعاني من أزمات وحروب ونزاعات.
بالعودة إلى لبنان، وبالمقارنة مع العام السابق، نجد أن لبنان تقدّم درجتين، حيث شغل عام 2015 المرتبة 138 من أصل 145 بلداً، ليشغل هذا العام المرتبة 135 (من أصل 144 بلداً). لبنان ليس استثناءً في أية قاعدة. ليس هناك أي مبرر لوجود فجوة جندرية أصلاً. لكن بالنظر إلى خصوصية البلد، والتركيبة الطائفية والسياسية والأبوية، نجد أننا بحاجة إلى أكثر من العام 2095 ربما لنردم الفجوة الجندرية كما أشار تقرير عام 2014. ولعل أحد أبرز تجليات هذه التركيبة هو ضيق المحسوبيات الطائفية والسياسية والأبوية كما تُرجمت في الانتخابات الرئاسية التي جُسّدت في شخص الرئيس الجديد. إذا كان رئيس الجمهورية "بي الكل" (والد الجميع) بالنسبة لكثير من اللبنانيين/ات في إشارة واضحة إلى عمق الفكر الذكوري والأبوي، هل يعني ذلك أن تكون مرتبة لبنان في مؤشر الفجوة الجندرية في السنوات الست المقبلة أسوأ بكثير؟
(ناشطة نسوية)