التلوّث يهدّد بحيرة بايكال

12 مارس 2017
تُعرف بكائناتها البحرية (ألكساندر نيمينوف/فرانس برس)
+ الخط -
بايكال هي أعمق بحيرة للمياه العذبة في العالم، وتقع في سيبيريا على بعد أكثر من خمسة آلاف كيلومتر شرق موسكو. تُعرف بمناظرها الخلابة ونباتاتها وكائناتها المائية. لكنّها في الوقت الحالي، تواجه تحديات بيئيّة عدّة قد تهدّد مستقبلها، ما دفع خبراء في مجال البيئة إلى دقّ ناقوس الخطر، خصوصاً مع انتشار طحلب سام يهدّد بيئتها الفريدة من نوعها.

ويرى الخبير في منظمة "غرينبيس روسيا" المعنيّة بحماية البيئة، ميخائيل كريندلين، أنّ المشاكل الأبرز التي تواجه بحيرة بايكال تتمثّل في التلوّث الناتج عن مياه الصرف الصحي والنفايات، وانتشار طحلب سبيروجيرا، وخطط لبناء محطات كهرومائية جديدة على نهر سيلينغا في منغوليا.

ويقول كريندلين لـ "العربي الجديد" إنّ "ثمّة خططاً لإقامة ثلاث محطات كهرومائية في منغوليا قد تؤدّي إلى انخفاض منسوب المياه في البحيرة، بينما تشكّل مشاريع إنشاء تجمّعات سياحيّة ببنيتها التحتية الضخمة في محيط بايكال، ضغطاً إضافياً على بيئة البحيرة".

وكانت روسيا ومنغوليا قد اتفقتا مؤخراً على تأليف مجموعة عمل مشتركة للنظر في القضايا البيئية المتعلقة بخطط إقامة سدود على نهر سيلينغا الذي يصب في بايكال، وتقدّر حصته من التدفقات المائية إلى البحيرة بنحو 50 في المائة. وسبق لوزارة البيئة الروسية أن عارضت مشروع منغوليا وساهمت في أن يجمّد البنك الدولي تمويله لمنغوليا، مقترحة خيارات بديلة لإمدادات الطاقة الكهربائية من روسيا. لكنّ منغوليا التي تستورد نحو ثمانية في المائة من حاجاتها من الطاقة الكهربائية من روسيا، و12 في المائة من الصين، ترى أنّ إقامة سدود سيحقّق لها استقلاليّة في مجال الطاقة ويقلّل من استهلاك الفحم.

من جهةٍ أخرى، يكمن الخطر الأكبر الذي تواجهه بايكال، في انتشار طحلب سبيروجيرا السام الذي يقضي على إسفنج البحيرة، ويؤدّي إلى تكاثر بكتيريا تعدّ خطيرة في المياه.

بحسب تقرير أعدّه باحثان من المركز الوطني للبحوث العلمية في فرنسا، فإنّ بايكال تواجه أزمة بيئيّة غير مسبوقة. كذلك فإنّ استمرار عمل المنشآت الصناعيّة من دون إنشاء محطّات حديثة لمعالجة مياه الصرف الصحي جنوب البحيرة وشمالها، يمثّل أحد أكثر العوامل خطورة على مستقبلها. ويرى الباحثان أنّه من بين الأسباب المحتملة لانتشار الطحلب، زيادة عدد السياح على سواحل بايكال، ما أدّى إلى تلوّثها بالفوسفور الذي تحويه المنظفات. ووصل الأمر إلى حدّ بات سكان محليّون يشكون من جودة المياه، وقد باتت غير صالحة للشرب.

ويحذّر كريندلين من أنّ "تلوث البحيرة قد يؤدّي إلى تغيّر المحتوى الكيميائي لمياهها، واستمرار انتشار سبيروجيرا، وانقراض بعض الكائنات المائية، وإحداث خلل في الغذاء". ويوضح أنّه "لا يجوز فصل تحديات بايكال عن تلك التي تواجهها البيئة والغابات المحيطة بها"، مضيفاً أنّ "الغابات تعدّ جزءاً من محمية بايكال، ويساهم الرماد الناجم عن حرائق الغابات في تلوّث البحيرة كذلك".

وعن الحلول، يرى كريندلين أنّه "لا بدّ من منع إقامة سدود جديدة، في وقت يتعيّن على المحطّات الكهرومائية العاملة بالفعل ألا تأخذ مصالحها التجارية بعين الاعتبار فحسب، بل مصلحة البحيرة كذلك". يضيف أنّه "ينبغي إجراء أبحاث حول أسباب انتشار سبيروجيرا وكيفيّة الحد من ذلك، وعلى الحكومة مراقبة منسوب المياه".

مؤخّراً، دعت جمهورية بورياتيا الروسية المطلّة على بايكال، إلى تمويل دراسات حول انتشار طحلب سبيروجيرا من ميزانية الفدرالية. ومنذ عام 2011، بدأ علماء برصد أولى التغيّرات في مياه البحيرة وانتشار الطحلب في عشرات المواقع منها، وفي مقدمتها أماكن تدفّق السياح. على سبيل المثال، زار نحو 800 ألف سائح جزيرة أولخون في عام 2014.

وتقدّر حصّة بايكال في الاحتياطات العالميّة من المياه العذبة بنحو 20 في المائة، وكان يطلق عليها اسم "البحيرة الأكثر نقاء في العالم"، ويبلغ طول محيطها نحو ألفَي كيلومتر. كذلك يبلغ عمق البحيرة المدرجة على قائمة التراث العالمي لمنظّمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، 1620 متراً. وتعدّ بايكال أكبر بحيرة في روسيا وسادس أكبر بحيرة في العالم.
ولا تقلّ مناظر بايكال في الشتاء جمالاً عنها في الصيف. ولعلّ خير شاهد على نقائها مقطع فيديو انتشر على الإنترنت مؤخراً، يظهر جمال البحيرة المتجمّدة.

دلالات
المساهمون