13 فبراير 2022
التغيير المعطّل في الجزائر
تعيش الجزائر على صفيح ساخن، ويبدو أن بلد المليون شهيد سوف يكون على موعد مع التغيير المفاجئ، وربما التمرّد المجتمعي، في ظل سيناريوهاتٍ واحتمالاتٍ مفتوحةٍ، وذلك نتيجة حالة الانسداد السياسي التي تعيشها البلاد منذ عدة سنوات، خصوصاً مع ارتفاع معدلات الاحتقان الاقتصادي والاجتماعي، والتي أثّرت عليها حالات الإضراب التي انطلقت في مناطق مختلفة، مثل بجاية والبويرة وتيزي وزو، في الأسابيع القليلة الماضية.
فمنذ أن تم تجديد انتخاب الرئيس الحالي، عبد العزيز بوتفليقة، عهدة رئاسية رابعة قبل عامين ونصف العام، والتكهنات تتزايد حول قدرة الرجل علي إدارة شؤون البلاد، بسبب تدهور أوضاعه الصحية بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. ما أثار أسئلةً كثيرة حول هوية من يديرون البلاد فعلياً، خصوصاً بعد الانقلاب الأبيض الذي قام به بوتفليقة علي قيادات الجيش والمخابرات، وأطاح قياداتهم التاريخية، مثلما حدث مع الجنرال توفيق (محمد مدين) الذي تمت إزاحته في خطوة مفاجئة قبل عام ونصف العام. وكان الجنرال توفيق الرجل القوي في النظام الذي أدار المشهد السياسي الداخلي في البلاد نحو ربع قرن، وتحديداً منذ أزمة الانتخابات البرلمانية عام 1992، وما تلاها من حربٍ أهليةٍ طاحنةٍ، راح ضحيتها ما يقرب من 200 ألف جزائري. كذلك تمت إعادة هيكلة المناصب العليا في الجيش، بحيث تم التخلص من القيادات القديمة، وأهمها وزير الدفاع الأسبق، خالد نزار، والذي كان بعضهم يعتبره الحاكم الفعلي للبلاد طوال مرحلة التسعينات و"صانع الرؤساء". أما اللافت فهو عودة نزار، أخيراً، إلى الساحة السياسية، على الرغم من الاتهامات التي تلاحقه، سواء بالفساد أو بالتعاون مع الفرنسيين. وحديث بعضهم عن تطلعه للمقعد الرئاسي، إذا ما حدث مكروه لبوتفليقة.
ظاهرياً، من يحكم الآن ليس بوتفليقة كشخص، وإنما مؤسسة الرئاسة، بالتعاون مع مجموعة من رجال الأعمال القريبين من سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس، والذين باتوا يتمتعون بنفوذ كبير أشبه بما كان يتمتع به رجال الأعمال في أواخر عهد الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك، الذين وطّدوا علاقتهم بنجله جمال، من أجل ترفيعه إلى الرئاسة. وتشهد الجزائر حالياً ما يبدو أنه صراعٌ بين الجيش ومؤسسة الرئاسة على خلافة بوتفليقة. لذا، لا تتوقف مناوشات الإعلاميين المحسوبين على الطرفين، والتي تضغط من أجل حسم الصراع لصالح كل طرف.
وبينما يدور الصراع حول الرئاسة على أشدّه، يعاني معظم الجزائريين أوضاعا اقتصادية واجتماعية صعبة، نتيجة فشل الحكومات المتعاقبة في تحقيق تنمية مستدامة طوال العقدين الماضيين، وذلك على الرغم من الثروات النفطية الهائلة للبلاد. وقد بدأ العام الجديد بزيادة في فاتورة المعيشة، بعد إقرار الحكومة الموازنة الجديدة، والتي حملت أعباءً إضافية على المواطنين، منها زيادة الضرائب على التجار، وارتفاع الأسعار، خصوصاً المواد الغذائية، ورفع أسعار الوقود. ويزداد الأمر صعوبةً مع تراجع إيرادات النفط، نتيجة تدنّي أسعاره في الأسواق العالمية. وهو ما يضع ضغوطاً جديدة على النظام الذي فشل في استغلال الاحتياطات النقدية التي كان يتباهى بها دوماً، والتي وصلت، بحسب بيانات النظام، إلى حوالي 200 مليار دولار من الاحتياطي النقدي الأجنبي.
في الوقت نفسه، تبدو أحزاب المعارضة في حالةٍ مهلهلة ومتشرذمةٍ ومنقسمة علي نفسها، كما جرت العادة طوال العقدين الماضيين. ويبدو معظمها مشغولاً بالاستعداد لخوض غمار الانتخابات النيابية المقرّرة هذا العام، والتي لا يُعتقد أنها سوف تكون نزيهةً وشفافةً في ظل قرار الرئيس، أخيراً، تعيين الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات.
في ظل أوضاعٍ مرتبكةٍ كهذه، لن يكون التغيير القادم في الجزائر هادئاً أو تدريجياً، ولربما تنزلق البلاد باتجاه فوضى اجتماعية واقتصادية، نتيجة تأزم المشهد وفشل السلطة والمعارضة في الاستجابة لطموحات مواطنيهم.
فمنذ أن تم تجديد انتخاب الرئيس الحالي، عبد العزيز بوتفليقة، عهدة رئاسية رابعة قبل عامين ونصف العام، والتكهنات تتزايد حول قدرة الرجل علي إدارة شؤون البلاد، بسبب تدهور أوضاعه الصحية بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. ما أثار أسئلةً كثيرة حول هوية من يديرون البلاد فعلياً، خصوصاً بعد الانقلاب الأبيض الذي قام به بوتفليقة علي قيادات الجيش والمخابرات، وأطاح قياداتهم التاريخية، مثلما حدث مع الجنرال توفيق (محمد مدين) الذي تمت إزاحته في خطوة مفاجئة قبل عام ونصف العام. وكان الجنرال توفيق الرجل القوي في النظام الذي أدار المشهد السياسي الداخلي في البلاد نحو ربع قرن، وتحديداً منذ أزمة الانتخابات البرلمانية عام 1992، وما تلاها من حربٍ أهليةٍ طاحنةٍ، راح ضحيتها ما يقرب من 200 ألف جزائري. كذلك تمت إعادة هيكلة المناصب العليا في الجيش، بحيث تم التخلص من القيادات القديمة، وأهمها وزير الدفاع الأسبق، خالد نزار، والذي كان بعضهم يعتبره الحاكم الفعلي للبلاد طوال مرحلة التسعينات و"صانع الرؤساء". أما اللافت فهو عودة نزار، أخيراً، إلى الساحة السياسية، على الرغم من الاتهامات التي تلاحقه، سواء بالفساد أو بالتعاون مع الفرنسيين. وحديث بعضهم عن تطلعه للمقعد الرئاسي، إذا ما حدث مكروه لبوتفليقة.
ظاهرياً، من يحكم الآن ليس بوتفليقة كشخص، وإنما مؤسسة الرئاسة، بالتعاون مع مجموعة من رجال الأعمال القريبين من سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس، والذين باتوا يتمتعون بنفوذ كبير أشبه بما كان يتمتع به رجال الأعمال في أواخر عهد الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك، الذين وطّدوا علاقتهم بنجله جمال، من أجل ترفيعه إلى الرئاسة. وتشهد الجزائر حالياً ما يبدو أنه صراعٌ بين الجيش ومؤسسة الرئاسة على خلافة بوتفليقة. لذا، لا تتوقف مناوشات الإعلاميين المحسوبين على الطرفين، والتي تضغط من أجل حسم الصراع لصالح كل طرف.
وبينما يدور الصراع حول الرئاسة على أشدّه، يعاني معظم الجزائريين أوضاعا اقتصادية واجتماعية صعبة، نتيجة فشل الحكومات المتعاقبة في تحقيق تنمية مستدامة طوال العقدين الماضيين، وذلك على الرغم من الثروات النفطية الهائلة للبلاد. وقد بدأ العام الجديد بزيادة في فاتورة المعيشة، بعد إقرار الحكومة الموازنة الجديدة، والتي حملت أعباءً إضافية على المواطنين، منها زيادة الضرائب على التجار، وارتفاع الأسعار، خصوصاً المواد الغذائية، ورفع أسعار الوقود. ويزداد الأمر صعوبةً مع تراجع إيرادات النفط، نتيجة تدنّي أسعاره في الأسواق العالمية. وهو ما يضع ضغوطاً جديدة على النظام الذي فشل في استغلال الاحتياطات النقدية التي كان يتباهى بها دوماً، والتي وصلت، بحسب بيانات النظام، إلى حوالي 200 مليار دولار من الاحتياطي النقدي الأجنبي.
في الوقت نفسه، تبدو أحزاب المعارضة في حالةٍ مهلهلة ومتشرذمةٍ ومنقسمة علي نفسها، كما جرت العادة طوال العقدين الماضيين. ويبدو معظمها مشغولاً بالاستعداد لخوض غمار الانتخابات النيابية المقرّرة هذا العام، والتي لا يُعتقد أنها سوف تكون نزيهةً وشفافةً في ظل قرار الرئيس، أخيراً، تعيين الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات.
في ظل أوضاعٍ مرتبكةٍ كهذه، لن يكون التغيير القادم في الجزائر هادئاً أو تدريجياً، ولربما تنزلق البلاد باتجاه فوضى اجتماعية واقتصادية، نتيجة تأزم المشهد وفشل السلطة والمعارضة في الاستجابة لطموحات مواطنيهم.