التعذيب يتربّص بنساء كردستان

16 أكتوبر 2014
العنف ضد النساء يتطلّب قوانين (فرانس برس)
+ الخط -
أصداء جريمة قتل الشابة دينا (15 سنة) على يد زوجها، الذي يكبرها بعشرين عاما، وتشويهها في منتصف مايو/أيار الماضي، ما زالت حاضرة. فالعثور على جثة الفتاة في أحد شوارع محافظة دهوك في إقليم كردستان العراق، يعكس حجم المخاوف على واقع حياة المرأة في الإقليم.

تعكس الإحصاءات الرسمية واقعاً مخيفاً على صعيد حرية المرأة في كردستان. فأكثر من خمسة آلاف و307 حالات عنف، سجلت في عموم مدن الإقليم، عام 2013. وتنوعت الانتهاكات ما بين القتل بحجة الدفاع عن الشرف، والاعتداء بالضرب، والاغتصاب.
وتقول مسؤولة منظمة جيان (الحياة) بهار منذر، إنّ "الشابة دينا لم تكن المرأة الوحيدة التي قتلت بحجة الدفاع عن الشرف. بينما في بعض القضايا اظهرت التحقيقات أنّ دوافع القتل كانت مختلفة تماما، ومنها الشك والغيرة، والطمع في الميراث، أو المشاجرات العائلية التي يتحجج القاتل فيها بالشرف". وتتهم منذر "الجهات الأمنية والقضائية في الإقليم، بالتقاعس عن مكافحة جرائم قتل النساء".

وتتحدث منذر، عن دينا، فتقول إنّها شوّهت بالكامل. فقد "قطع زوجها ثدييها وشوه أعضاءها التناسلية، ثم اقتلع عينيها، قبل أن يقتلها بأكثر من 20 رصاصة، في أنحاء متفرقة من جسدها، ليلقيها بعد ذلك في أحد شوارع مدينة دهوك، ويفرّ إلى جهة مجهولة". وتشير إلى أنّه، ورغم "مرور أكثر من خمسة أشهر على هذه الجريمة المروعة، لم يعتقل القاتل. وما زال الصمت المطبق يطغى على جرائم العنف المرتكبة باسم الشرف في الإقليم".

من جهتها، تعزو الحقوقية والناشطة المدنية روشنا رضا، أسباب انتشار ظاهرة العنف تجاه النساء في الإقليم إلى "زيادة وعي المرأة بحقوقها، والمطالبة بها، وتحررها من الأفكار البالية، وانفتاحها على العالم، سواء من خلال الإنترنت أو السفر أو العمل". وتضيف أنّ هذا الإنفتاح "يتعارض مع تقاليد المجتمع الكردي، الذي يعيش حالة من الازدواجية، ما بين تطبيق الثقافة الغربية، والرجوع الدائم الى العادات والتقاليد".

وترجّح رضا أن "يكون معدل العنف في المناطق الأخرى من العراق، أكثر مما هو عليه في إقليم كردستان، لكنّ ما يحصل هنا، هو وجود متابعة واحصاءات سنوية معلنة، وهذا من خلال تقدم النساء ببلاغات لدى تعرضهن للعنف. أمّا في مناطق العراق الأخرى فهنالك تكتم شديد على الأمر". وتلفت إلى أنّ "محاكم الإقليم تنظر يوميا ما يقارب 15 دعوى خاصة بتعنيف النساء. وهناك إحصاءات صادرة عن منظمات حكومية وغير حكومية، تشير إلى تعرض 30 % من النساء في الإقليم الى أنواع مختلفة من العنف، منها الجسدي واللفظي والجنسي".
وتؤكد رضا أنّ "تحول العنف ضد النساء إلى ظاهرة "يجعلنا بحاجة إلى تطبيق عقوبات أكثر صرامة. فالزوجة عندما تتقدم بشكوى ويجد الزوج أنّ عقوبته بسيطة، فسيكرر العنف مرة أخرى. كما تنتهي القضايا غالباً بتنازل المرأة عن حقها القانوني، عن طريق الصلح. وهو ما يبقي العنف الموجه ضد المرأة". وتنتقد رضا القضاء بالقول: "للأسف فالمحاكم لدينا تنظر لمثل هذه القضايا من زاوية العادات والتقاليد، فتبدي تساهلاً كبيراً مع الرجال".

بدورها، تؤكد عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، أثمار الشطري أنّ "هناك إحصاءات متبادلة بين المفوضية العليا لحقوق الإنسان وإقليم كردستان بشأن حالات الإنتحار، وجرائم قتل النساء بدافع الشرف. وهناك مؤشرات كثيرة لحالات العنف ضد المرأة أغلبها مرتبط بمفاهيم عشائرية ما زالت سائدة حتى اليوم". وتضيف الشطري، أنّ "المفوضية تعمل على عقد سلسلة ورش في كردستان، لتعريف المرأة بحقوقها وفقا للقانون، وتثقيف المجتمع حول ضرورة نبذ الممارسات القائمة، وتوعيته بشأن أهمية دور المرأة".
المساهمون