التعثر المالي يلاحق الأردنيين... عشرات الآلاف مهددون بالسجن وبيع الممتلكات بسبب كورونا

05 سبتمبر 2020
كورونا أضر بمختلف الأعمال في الأردن (فرانس برس)
+ الخط -

تتسع قضايا التعثر المالي للأفراد والشركات في الأردن، حتى باتت المحاكم تعجّ بآلاف القضايا، في ظل التداعيات الاقتصادية الناجمة عن جائحة فيروس كورونا الجديد، الذي نال من قدرات الكثير من المواطنين على سداد الالتزامات المالية للدائنين والموردين.

ويشير مختصون في الشأن المالي إلى تجاوز عدد القضايا المعدلات المسجلة العام الماضي، والتي تشير البيانات الرسمية إلى بلوغها نحو 134 ألف قضية تعثر، إذ بدأت المحاكم اعتباراً من مطلع سبتمبر/ أيلول الجاري في نظر هذه القضايا بعد عطلة القضاة الشهر الماضي.

ولم تتمكّن الحكومة من إنجاز التعديلات التي اقترحتها سابقاً على قانون التنفيذ للحد من العقوبات بحق المتعثرين مالياً، خاصة عقوبة حبس المدين، إذ تقدّم عدد من النواب بمذكرة العام الماضي لإجراء تعديلات تضمن عدم إيقاع عقوبة الحبس بحق الشخص المدين وإتاحة المجال له لإجراء التسويات المالية اللازمة مع الدائن.

وقال عضو مجلس النواب، جمال قموه لـ"العربي الجديد" إن تعديل قانون التنفيذ في غاية الأهمية، إلا أن أزمة كورونا وانتهاء أعمال الدورة العادية لمجلس النواب حالا دون إكمال الجهود المبذولة لمعالجة قضايا التعثر المالي قانونياً بعيداً عن الحبس.

وأضاف قموه أن المواطنين ومختلف القطاعات الاقتصادية تأثروا كثيراً بسبب جائحة كورونا، ما أدى إلى زيادة حالات التعثر المالي بنسب كبيرة، ومن غير المعقول أن تكون الأحكام بحسب المدين في ظل هذه الظروف.

وتابع أنه يجب أن تكون أولوية مجلس النواب المقبل المقرر انتخابه في العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، تعديل قانون التنفيذ القضائي، بما يمنع حبس المدين وفي نفس الوقت ضمان حق الدائن.

بحسب أحدث بيانات صادرة عن البنك المركزي، تجاوزت مديونية الأفراد نحو 14.5 مليار دولار.

وقد تجددت المطالبات للحكومة بالكف عن حبس المدين، خاصة في هذه المرحلة التي نتج عنها ارتفاع في حالات التعثر المالي الناتجة عن أزمة كورونا وعدم قدرة بعض الأفراد والتجار وأصحاب الأعمال على تسديد التزاماتهم المالية للبنوك وللجهات الدائنة، إذ إن الأوضاع الاقتصادية في تراجع وانخفضت حركة السوق لأدنى مستوياتها هذا العام.

وبحسب أحدث بيانات صادرة عن البنك المركزي، فقد تجاوزت مديونية الأفراد نحو 14.5 مليار دولار.

وقال رئيس جمعية مستثمري قطاع الإسكان، كمال عواملة، لـ"العربي الجديد"، إن حالات التعثر المالي في تزايد بسبب أزمة كورونا وتداعياتها السلبية على الاقتصاد الأردني ومختلف القطاعات.

وأضاف أن هناك عقارات، لا سيما الشقق السكنية، معروضة للبيع خاصة في العاصمة عمان والمدن الرئيسية بسبب عدم قدرة أصحابها على الوفاء بالتزاماتهم المالية هذه الفترة، وذلك مع وجود حجوزات كبيرة على عقاراتهم وممتلكاتهم من قبل البنوك والجهات الدائنة.

وأشار العواملة إلى أنه لا بدّ من إجراءات حكومية عاجلة لمساعدة المتعثرين مالياً ولإعطائهم الفرصة لتسوية أوضاعهم وكذلك النظر في إمكانية تخفيف العقوبات بحق المدينين، بما في ذلك عقوبة الحبس والتعامل بمرونة مع قضايا التعثر المالي، وخاصة الناتجة عن أزمة كورونا.

ووفق توصية صادرة عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي (هيئة استشارية تقدم للحكومة استشارات حول القضايا والسياسات الاقتصادية والاجتماعية)، فإن هناك حاجة إلى تعديل قانون التنفيذ القضائي، لتحقيق الغاية منه، مشيراً إلى أنه لا يجوز حبس المدين، إلا اذا كان ميسوراً رافضاً لدفع حقوق الدائن دون سبب مقبول، لأنه بذلك يلحق الظلم بالدائن فيحبس ليرجع عن ظلمه.

وبحسب بيانات صادرة حديثاً عن البنك المركزي، فقد ارتفعت القيمة المطلقة للشيكات المرتجعة (المعادة) في أول سبعة أشهر من العام الحالي لعدم كفاية أو توفر الرصيد بنحو 237 مليون دولار دينار (334.7 مليون دولار)، بزيادة بلغت نسبتها 18% مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي 2019، ليبلغ إجمالي قيمة تلك الشيكات حوالي 1.58 مليار دولار.

واقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي دراسة إمكانية رفع الغطاء الجزائي عن الشيكات، على أن يتم ذلك بشكل تدريجي يتزامن مع منظومة الائتمان بشكل جدي ومن دون تراخٍ، وبحيث يتم تنظيم استخدام البنوك بصفتها الفئة المتعاملة بالشيكات الآجلة بشكل صارم من خلال منعها من الحصول على شيكات بدفعات القروض فور صدور القرار بالسير في هذا التعديل وربط الشيكات بقواعد بيانات متاحة للعامة بحيث يتم التأكد من وجود رصيد للشيك عند تحريره مع إمكانية حجز المبلغ بعملية إلكترونية يكون طرفاها الساحب والمستفيد باعتبار الشيك أداة وفاء.

وأوصى المجلس بتجريم الربا الفاحش الذي يستغل حاجة الأفراد الملحة للسيولة والمال وهم يقومون باستيفاء فوائد ربوية فاحشة على القروض، ما يجعل المدين في وضع مالي سيئ ويعرضه للمساءلة القانونية، في حال تعذر السداد عن طريق إضافة نص تجريمي شبيه بالنصوص التي تضمنتها التشريعات العربية المقارنة وتشديد العقوبة على مكرري هذه الأفعال.

وكان البنك الدولي قد توقع في تقرير له الشهر الماضي أن يزيد عدد الفقراء في الأردن خلال العام الحالي جراء تأثيرات جائحة كورونا، مشيرا إلى أن نسبة الأشخاص الذين يعيشون على أقل من 1.3 دينار يومياً (1.83 دولار)، وهو خط الفقر المدقع عالمياً، ستزيد خلال العام الحالي عن 27%.

كما توقع البنك ارتفاع عدد الأشخاص الذين يعيشون على أقل من 2.25 دينار يومياً إلى 19%، فيما سيزيد عدد الأشخاص الذين يعيشون على أقل من 3.9 دنانير يومياً إلى نحو 13.2%.

ووفقا لتصنيف البنك الدولي، يأتي الأردن من بين 8 اقتصادات نامية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تظهر فيها بشكل أكبر معدلات الفقر بين السكان هذا العام نتيجة التأثيرات السلبية لوباء كورونا في الاقتصاد وهي: لبنان والعراق والجزائر وإيران والأردن والمغرب وتونس ومصر.

ودعا عضو غرفة تجارة عمان، علاء ديرانية، الحكومة إلى إمكانية اتخاذ قرار لتخفيض قيمة الإيجارات عن القطاع التجاري، كون التجار يعانون أكثر من غيرهم من التراجع الكبير في القدرات الشرائية لدرجة عدم قدرة غالبية المحلات التجارية من تسديد حتى بدلات الإيجار.

وقال ديرانية لـ"العربي الجديد" إن أعداد المتعثرين ماليا من الأفراد ورجال الأعمال ستزداد هذا العام في حال عدم اتخاذ إجراءات للحد من التعثر، ونأمل أن يراعي الدائنون ظروف المدينين والتيسير عليهم قدر المستطاع. وأدى حظر التجول وإغلاق سوق العمل الذي تم فرضه ابتداءً من شهر مارس/ آذار ولغاية مايو / أيار، إلى تدهور الاقتصاد الأردني.

المساهمون