التطوع سبيلهم إلى الحياة

12 اغسطس 2015
يستهدف الفريق اللاجئين داخل سورية وخارجها (العربي الجديد)
+ الخط -
بدأ التهجير والفقر والمرض في سورية منذ بداية الحرب فازدادت الحاجات الإنسانية والمعيشية للمهجرين والمتضررين. هذا الأمر دفع بالكثير من الشباب داخل سورية وخارجها إلى تسخير وقتهم وجهدهم للإغاثة.

طال أمد الحرب وازداد عدد المتضررين، وارتفعت في المقابل أعداد المتطوعين، ليتشكلوا في مجموعات منظمة وفرق، من بينها "فريق ملهم التطوعي".

ينشط الفريق في كل من سورية ولبنان والأردن وتركيا. ويضم نحو 70 متطوعاً ومتطوعة، جميعهم تحت الثلاثين. يعمل المتطوعون على جمع التبرعات عبر حملات شاملة وإعلانات مخصصة لحالات معينة على وسائل التواصل الاجتماعي.

توضح تسنيم، وهي مسؤولة الأيتام في الفريق: "نركز على الإعلام الاجتماعي لجمع التبرعات. جميعنا متطوعون، جميعنا نتعامل مع بعضنا معاملة واحدة، إلا اذا اضطررنا أن نقسم العمل لإعلامي وميداني. لا يتقاضى أحد منا أي أجر، وليس هناك أي مردود مالي للفريق من التبرعات. نتعامل مع الناس بمصداقية وشفافية وهو ما أكسبنا ثقتهم. الدعم الذي يتلقاه المحتاجون عن طريقنا معظمه فردي، وليس لدينا أي مشكلة بالتعاون مع أي منظمة لمصلحة الناس الذين نقدم لهم الخدمات".

تقول تسنيم إنّ "بداية الفريق كانت في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2012. يومها قرر 10 شباب سوريين يدرسون في جامعة فيلادلفيا بالأردن أن يتطوعوا لمساعدة الناس. أحدهم عاطف نعنوع، الذي يتولى إدارة الفريق اليوم، كان متأثراً باستشهاد صديقه ملهم طريفي في مدينة جبلة، فقرر مع الآخرين إطلاق اسمه على الفريق. ومن دون أيّ تخطيط كبر الفريق إلى ما هو عليه اليوم. وكان هدفنا منذ البداية مساعدة الاطفال وتخفيف وطأة الحرب عليهم".

يفتح الفريق إمكانية التواصل معه أمام أيّ شخص محتاج، وذلك من خلال موقعه الرسمي (www.molhamteam.com) أو صفحته وحسابات أفراده على فيسبوك. وقبل نشر أيّ إعلان خاص بالتبرع، يتأكد أفراد الفريق تماماً من الحالة. كما يوصلون المتبرعين بالحالات إذا أرادوا ذلك. وبالإضافة إلى هذا النشاط، يجمع الفريق تبرعات خاصة بصندوق "الحالات الإسعافية"، وهي حالات تستدعي المساعدة العاجلة، ويصل عددها إلى 100 حالة شهرياً.

بدورها، غادرت بيان بدوي سورية منذ أكثر من ثلاث سنوات. شاركت بتأسيس الفريق والعمل فيه منذ اليوم الأول. تقول: "في البداية كان التطوع سبيلي الجديد إلى الحياة بعد خروجي من بلادي. لم أتطوع سابقاً، لكنني اليوم أريد أن أساعد أهل بلدي وأن أبقى مرتبطة بسورية وثورتها". تضيف: "أعمل اليوم في قسم العلاقات العامة وأتطوع في الميدان كلما دعت الحاجة. أكثر ما يسعدني أنّ فئة كبيرة من المجتمع باتت تثق بعملنا، وأننا بتنا قادرين على ترك أثر في أيّ مكان".

تتابع بدوي: "أصعب المواقف التي عشتها خلال عملي، كان في إحدى زياراتنا لمخيم الزعتري (الأردن) خلال عواصف الشتاء. كانت الحرارة منخفضة جداً، والبرد شديداً، والجو معتماً. دخلنا إحدى الخيم، فوجدنا أطفالاً وكباراً كانوا يتجمدون ولا يستطيعون الحركة. لم أتمالك نفسي وبدأت أبكي بحرقة".

وتلفت بدوي إلى أنّ حال المتطوعين في الأردن كمعظم الشباب السوري هناك لا يسمح لهم بالعمل بشكل قانوني، ومعظمهم يتدبر أمور معيشته بصعوبة.

أما خالد عبد الواحد، فتطوع في الفريق منذ سنة ونصف. جاء إليه بعدما كان متطوعاً في فرق أخرى سابقاً. بسبب الحرب لم يكمل خالد دراسته في سورية، وسافر إلى لبنان. يعيش مع أقاربه هناك، ويعمل مع الفريق لمساعدة اللاجئين السوريين في لبنان. يقول إنّ ما يدفعه هو إحساسه بواجب مساعدة النساء والأطفال بشكل خاص واللاجئين بشكل عام، وما يعينه هو روح التحدي التي يحتاجها أي متطوع. ويوضح: "لن تستطيع أن تخرج خلال عاصفة ثلجية، وتذهب لتوزيع الحطب للمخيمات في المناطق النائية إن لم تمتلك حب التحدي وروحه".

ينشط عبد الواحد في معظم النشاطات التعليمية للأطفال التي تهدف إلى إعادتهم للدراسة، وإبعادهم عن التسوّل والعمالة. كما ينشط في عدد من حالات التدخل الطارئة كالعواصف والحالات الإنسانية المستعجلة.

يمر المتطوعون بحالات إحباط كثيرة بسبب ضغط العمل وكثرة الحالات التي تحتاج المساعدة في محيطهم، لذا يعمد أعضاء الفريق إلى تقسيم المهام والواجبات لتنظيم العمل وتخفيف الضغط عنهم. ويركز الفريق على ضرورة الحياد خلال العمل وإبعاد أي تأثير للتوجه السياسي في التعامل ما بين المتطوع والمحتاج. ويقول خالد: "التطوع حاجة إنسانية. ونحن نعمل على تلبية متطلبات جميع المتضررين، من دون أي تمييز مناطقي أو سياسي بينهم".

إقرأ أيضاً: رمضان التبرع في فلسطين الداخل
المساهمون