لم يتوقع رئيس اللجنة البرلمانية لمناصرة الشعب الفلسطيني النائب محمد العمادي وزملاؤه في الغرفة التشريعية الأولى، فشل محاولتهم لاستصدار بيان مستنكر لمشاركة "وفد من الاتحاد الصهيوني لكرة القدم في اجتماع كونغرس الفيفا، والذي استضافته البحرين في مايو/أيار الماضي"، إذ لم يكتمل النصاب اللازم للنظر في الطلب داخل المجلس.
أثارت تلك الزيارة رفضا شعبيا كبيرا، ما دعا الشيخ علي بن خليفة آل خليفة، رئيس الاتحاد البحريني لكرة القدم إلى محاولة تبريرها في تصريحات لصحيفة البلاد المحلية قائلا: "متأكد أن استضافة البحرين لكونغرس الفيفا أكبر بكثير من مسألة دخول ثلاثة أعضاء من اتحاد الكرة "الإسرائيلي" إلى البحرين". نحن ننظر دائماً إلى الجزء المملوء من الكأس، الأمر الذي يتضمن برامج سياحية ومتطلبات معيشية وضيافة وإعلاماً عالمياً سينقل تطور الأحداث الكروية من البحرين".
لكنْ البحرينيون من رواد موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، "لم ينظروا إلى الجزء المملوء من الكأس"، إذ ضج الموقع بتدوينات رافضة لزيارة الوفد وانتشر هاشتاغ #البحرين_ضد_التطبيع و#البحرين_ترفض_التطبيع، كما أصدرت 12 منظمة من المجتمع المدني البحريني بياناً عبرت فيه عن رفضها "دخول وفد "إسرائيلي" أرض البحرين"، وهي مواقف لخصها رئيس الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع جمال الحسن بالقول إن "المكتسبات التي تحققها البحرين ليست أغلى من الدم الفلسطيني"، "ولا شيء يبرر التطبيع مع محتل.." كما أضاف.
اقــرأ أيضاً
بداية التطبيع مع كيان الاحتلال
يعود تاريخ التطبيع بين المملكة الخليجية الصغيرة وكيان الاحتلال، إلى أكتوبر/تشرين الأول من عام 1994، وقتما استقبلت البحرين وزير البيئة "الإسرائيلي" يوسي ساريد، بدعوى "المشاركة في أعمال لجنة البيئة المنبثقة عن المفاوضات متعددة الأطراف، بعد اختيار المنامة (عاصمة البحرين) لتكون مقرا لاجتماعات لجنة البيئة وخلال هذه الزيارة أجرى ساريد محادثات مع وزير الخارجية البحريني وقتها محمد بن مبارك آل خليفة في أول اتصال يجري بين الجانبين على مستوى وزاري"، وفقا لما وثقه الدكتور مصطفى الشمري في كتابه "عسكرة الخليج..الوجود العسكري الأمريكي في الخليج".
وعقدت شركة "هنكوف" "الإسرائيلية" المتخصصة في إنتاح المعدات العسكرية، صفقة مع قوة دفاع البحرين "الجيش البحريني" تصدر بموجبها إليها 100 مطبخ ميداني متنقل للجيش البحريني، بحسب ما جاء في المصدر السابق.
وفي 29 يناير/كانون الثاني من عام 2000، التقى ولي عهد البحرين سلمان بن حمد آل خليفة بعد أقل من عام على توليه منصبه، مع وزير التعاون الإقليمي الصهيوني آنذاك شمعون بيريز، على هامش اجتماعات مؤتمر "دافوس" العالمي، وهو ما أكده ولي العهد البحريني، لصحيفة الحياة السعودية في الصفحة الأولى من العدد 13473، عقب يوم من اللقاء، قائلا للصحيفة إن "نزوع البحرين إلى تبني فكرة التعاون الإقليمي مع "إسرائيل" سببه إظهار "الإسرائيليين" جدية واضحة في السير قدماً في مسيرة السلام". وأشار إلى أنها "ليست المرة الأولى التي يلتقي فيها مسؤولون من الجانبين على طاولات المفاوضات".
وتكشف برقية صادرة في مارس/آذار من عام 2005 عن السفارة الأميركية في البحرين وموجهة إلى الخارجية الأميركية، رقمها 05MANAMA397، نشرها موقع ويكليكس، أن مساعد وزير الخارجية الشيخ عبد العزيز بن مبارك آل خليفة قال إن وليّ العهد سلمان التقى الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، خلال مؤتمر دافوس الأخير، وظهر معه في برنامج على قناة "سي إن إن" في عام 2005 كذلك التقاه خلال دافوس الذي انعقد قبل تجدد العنف بين "إسرائيل" والفلسطينيين في عام 2000. وقال له (لبيريز) إن كل خطوة تتخذها "إسرائيل" في اتجاه الفلسطينيين، ستقابلها البحرين بخطوتين. ولفت عبد العزيز إلى أن الولايات المتحدة يجب أن تضمن للعرب الذين يقيمون علاقات مع إسرائيل المكافأة.
وأعلنت البحرين في سبتمبر/أيلول من عام 2005 عبر نائب رئيس مجلس الوزراء محمد بن مبارك آل خليفة أن المملكة اتخذت قرارا برفع الحظر عن البضائع الإسرائيلية وإغلاق مكتب المقاطعة الإسرائيلية، وبرر الوزير بن مبارك القرار بعد حالة غضب نيابي وشعبي بأنه خطوة ضرورية لتمرير اتفاق التجارة الحرة في الكونغرس الأميركي، وهو ما أكدته مجلة "غلوب" الاقتصادية الصهيونية، في تقرير لها من واشنطن نشر في 23 مايو/ أيار من عام 2006، إذ أكد مكتب الممثل التجاري الأميركي في اتصال مباشر بعدد من المراسلين، بمن فيهم مندوب مجلة المجلة، إغلاق البحرين مكتب مقاطعة "إسرائيل"، تنفيذاً للوعد الذي حصلت عليه أميركا قبيل تصديق الكونغرس على اتفاق التجارة الحرة.
وبالرغم من تصريح وزير الخارجية البحريني في 9 مايو/أيار من عام 2006، أمام مجلس النواب بأن المقاطعة خاضعة لقرارات الجامعة العربية، إلا أن مصدرا في مكتب الممثل التجاري الأميركي أكد أن أي تصريح بشأن عدم إغلاق مكتب مقاطعة البضائع الإسرائيلية في البحرين ليس صحيحاً على الإطلاق، وأن السفارة الاميركية في المنامة أكدت إغلاق المكتب، حتى أن اللوحة الخاصة بالمكتب تمت إزالتها وتم تعطيل رقم الهاتف الخاص به، ونقل الموظف الذي كان يجلس فيه إلى عمل آخر".
وتكشف برقية تحمل الرقم 05MANAMA230، مؤرخة في 16 فبراير/شباط 2005، عن فحوى ما جرى خلال دعوة للملك حمد بن عيسى آل خليفة للسفير وليام مونرو في قصره، إذ يقول السفير إن الملك أعطى تعليماته إلى وزير الإعلام، محمد عبد الغفار، ليعمل على ألا تشير البيانات والإعلانات الرسمية الصادرة عن الوزارة إلى "إسرائيل" كعدو أو الكيان الصهيوني، مؤكداً أن البحرين لديها علاقات مع "إسرائيل" على المستوى الأمني والاستخباري (أي الموساد).
وعقد وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة اجتماعا مع اللجنة اليهودية الأميركية في نيويورك أثناء مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في أكتوبر من عام 2007، وفي نوفمبر/تشرين الثاني زار الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقر مؤسسة "American Friends of Lubavitch" الداعمة لكيان الاحتلال في الولايات المتحدة. وصرح في خلال اللقاء وفقا لما نقله موقع collive قائلا "أتمنى أن يختار عدد أكبر منكم المجيء إلى البحرين. فلدينا أرض مخصصة لمن يعود منكم إلى البحرين، إنكم موضع ترحيب مثل مواطنينا".
والتقى الرئيس "الإسرائيلي" شمعون بيريز ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني بشكل سري في نيويورك ملك البحرين حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة، وفق ما كشفته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصهيونية في يناير من عام 2009، كما دعا ولي عهد البحرين سلمان بن حمد آل خليفة القادة العرب إلى "مخاطبة "الإسرائيليين" من خلال وسائل الإعلام "الإسرائيلية" لتسهيل جهود السلام في منطقة الشرق الأوسط"، وفق ما جاء في مقال نشره في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية قائلا "نحن العرب لم نفعل ما فيه الكفاية للتواصل مباشرة مع الشعب الإسرائيلي".
وعقب ذلك بعام وفي فبراير/شباط من عام 2010، شارك وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة في حفل عشاءٍ بمقر حركة "حباد" الداعمة "لإسرائيل"، والتي ستكثر اللقاءات معها وفقا لما وثقه معد المادة، كما التقى وزير الخارجية بأعضاء بارزين في منظمة "آيباك"، و"اللجنة اليهودية الأميركية"، ومنظمة "بني بريت" وصرح خلال حفل عشاء على هامش اللقاءات هذه "على الجميع أن يدركوا أن إسرائيل لها وجود تاريخي في منطقة الشرق الأوسط".
وتكررت المبادرات التطبيعية البحرينية مع كيان الاحتلال خلال أعوام، 2013 و2014، وعام 2015 الذي تم الكشف فيه عن سعي حملة "هذه هي البحرين" الدعائية؛ إلى توقيع مذكرة تفاهم مع منظمة "ميمري" الصهيونية في الولايات المتحدة، من أجل إطلاق حملة علاقات عامة لتحسين صورة البحرين في العالم، وخاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان، غير أن المنظمة نشرت، مقالا بعنوان "سياسة الخداع البحرينية"، هاجمت فيه النظام واتّهمته بالتضليل والكذب سواء حول توقيع اتفاق معها أو مع كنيس يهودي، وأشارت فيه إلى أن رجل الدين الأبرز في تنظيم داعش المتطرّف هو بحريني، (تركي البنعلي المعروف بمفتي داعش والذي قتل في يونيو/حزيران الماضي).
وشهد عام 2016 تصاعدا كبيرا في التطبيع البحريني الصهيوني، إذ التقى ملك البحرين مع الحاخام مارك شنير في مارس/آذار، في قصره بالمنامة، بحسب ما كشلته صحيفة جيروزليم بوست الصهيونية، التي نقلت عن الحاخام قوله إن العاهل البحريني قال له: "إنها مسألة وقت قبل أن تبدأ بعض الدول العربية بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل".
وفي سبتمير/أيلول من العام ذاته، صُدم البحرينيون بتغريدة من وزير خارجيتهم الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، قال فيها بالإنكليزية: "ارقد بسلام أيها الرئيس شيمون بيريز، رجل حرب ورجل سلام لا يزال صعب المنال في الشرق الأوسط".
وانتقد بحرينيون وعرب "تطبيع" الوزير، الذي بالغ حتى الثناء أيضا على دور بيريز في الحرب التي أزهقت أرواح العرب، وكتب مستخدم من البحرين يعرف نفسه فاضل خليل "كيف يرقد بسلام وصرخات الأمهات الثكالى تطارده؟ كيف يرقد بسلام ودماء الشهداء في فلسطين ولبنان تستصرخ الانتقام؟". ورد مستخدم آخر، "تترحم على مرتكب مجزرة قانا (في جنوب لبنان)؟ تترحم على من ساهم في تهجير شعب عربي من أرضه؟ تترحم على قيادي في كيان محتل؟".
وغرد الناشط ماجد الركبان، بالقول "تغريدة في غير محلها، كل الشرف والمجد لشهداء فلسطين ولبنان ومصر رحمهم الله جميعا، ورفع درجاتهم في جناته واقتص ممن ظلمهم".
غير أن الصدمة الأكبر تمثلت في تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر حاخامات يهودا، يرقصون مع شخصيات بحرينية، على أنغام أغنية لما يسمى "جبل الهيكل" في القدس.
وكشف ناشطون أن الوفد مثل حركة "حباد" الصهيونية المتطرفة، وهو ما قابلته ردة فعل احتجاجية عبر هاشتاغي #البحرين لا ترحب بكم، و#بحرينيون ضد التطبيع، اللذين كانا الأكثر تداولا على تويتر بعد الكشف عن الفيديو في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
التطبيع رغم إغلاق الأقصى
في الرابع عشر من يوليو/تموز الماضي، أغلقت الشرطة "الإسرائيلية" المسجد الأقصى، لأول مرة منذ عام 1969، ومنعت إقامة الصلاة فيه، بعد عملية الأقصى، التي أسفرت عن استشهاد ثلاثة فلسطينيين، ومقتل شرطيين إسرائيليين، في اشتباك مسلّح بالقرب من الأقصى.
ورغم حديث فعاليات مقاومة التطبيع عربيا وبحرينيا، بأن إدانة الممارسات الصهيونية، لن يكفي هذه المرة نظرا لجسامة الحدث، إلا أن وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة غرد قائلا بالعربية هذه المرة "الصلاة في المسجد الأقصى حق للمسلمين لا يمس ولا يمنع، أما مسألة قتل شرطة الاحتلال فتحكمها المعاهدات وبالأخص اتفاقية جنيف الرابعة"، وهو ما استدعى ردودا غاضبة عربية وبحرينية من بينها ما كتبته المغردة عبير الجلال، عضو هيئة مركزية سابقة في تجمع الوحد الوطنية البحريني، والتي وصفت التغريدة "بغير الموفقة"، كما قالت مغردة بحرينية عرفت نفسها بـ"بنت الأجاويد": "الحق أبلج معاليك وتغريدتك غير موفقة .. لا جزاء للمحتل غير ذلك".
علاقة السعودية وإيران بالتطبيع
يأتي إقدام نظام الحكم البحريني على تكثيف اتصالاته بأرفع المستويات الرسمية في "إسرائيل" بهدف العمل على "مأسسة التبادل التجاري والزيارات المتبادلة بين الجانبين" وفقا لما كشفه بن كاسبيت، المعلق السياسي والأمني لموقع "يسرائيل بالس"، والذي نقل عن مصدر رسمي "إسرائيلي" أن "البحرين تعبّر في الواقع عن مواقف السعودية الحقيقية تجاه إسرائيل"، مشدداً على أنه لا يمكن الافتراض أن إقدام البحرين على هذه المواقف تجاه إسرائيل جاء من دون الحصول على الضوء الأخضر من الرياض.
وأشار كاسبيت، إلى أن حرص البحرين ودول "المحور السني المعتدل" على تطوير العلاقات بإسرائيل يعدّ "تحوطاً لتبعات توجه الولايات المتحدة للانسحاب من منطقة الشرق الأوسط، في أعقاب الإعلان المرتقب عن الانتصار على تنظيم داعش". وحسب كاسبيت، فإن "نظام الحكم في المنامة يرى نفسه الأكثر عرضة للتهديد، ما جعله يرى في العلاقة مع إسرائيل فرصة لضمان حمايته من إيران".
ويؤكد مصدر دبلوماسي بحريني مطلع على محادثات المملكة مع "إسرائيل" أن الاتصالات الحالية بين مسؤولين حكوميين في البلدين تركز على تبادل الزيارات بين رجال الأعمال والشخصيات الدينية قبل البدء رسميا في الإعلان عن استثمارات مباشرة بين البلدين.
وقال المصدر الذي فضل عدم كشف اسمه لحساسية القضية لـ"العربي الجديد" إن المملكة لا تمانع في وجود استثمارات إسرائيلية طالما أنها موافقة لقوانين الاستثمار المحلية".
ولا توجد أي قوانين في البحرين تحظر التطبيع والتعامل مع الحكومة الإسرائيلية أو مواطنيها، رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين، وطالما سعى مجلس النواب لسنوات طويلة من أجل إصدار قانون لا يجيز التطبيع مع إسرائيل، ولكن الحكومة رفضت تمريره.
وكان النائب السابق ناصر الفضالة عضو الهيئة التنفيذية لـ"رابطة برلمانيون من أجل القدس" تقدم في عام 2006، بقانون مكافحة كافة أنواع التطبيع بالبلاد، ويمنع القانون الذي لم ير النور، التطبيع ويدعو لمقاطعة العدو الصهيوني على كافة الأصعدة، وحصل على تزكية كافة النواب في المجلس، "ولكن الجهات المسؤولة، والسلطة التشريعية الأخرى (مجلس الشورى المعين من قبل الدولة) وضعوا بعض العراقيل وركنوا القانون"، وفقا لما قاله الفضالة في تصريحات صحافية.
ويشير المصدر الحكومي إلى أن المنامة "لا تمانع أن يسافر مواطنوها إلى "إسرائيل"، ولكنه استطرد قائلا إن "تسيير رحلات مباشرة بين البلدين يحتاج وقتا أطول".
اقــرأ أيضاً
رحلات معهد فيزنتال
منح ملك البحرين الإذن للحاخامين ماريون هير وأبراهام كوفر، واللذان يقفان على رأس معهد "شمعون فيزنتال"، اليهودي الأميركي، ذي التوجهات اليمينية، للكشف عن مواقفه التي أطلعهما عليها مطلع العام الجاري بحسب المحلل بن كاسبيت، والذي أوضح أن معهد "فيزنتال" يقوم سراً بتنظيم رحلات من البحرين "لإسرائيل"، مشيراً إلى أن كثيراً من البحرينيين قاموا فعلاً بزيارة إسرائيل سراً، بفعل الآلية التي اعتمدها القائمون على معهد "فيزنتال". وأشار إلى أن النظام البحريني يحرص أيضاً على توثيق علاقاته بالمنظمات اليهودية الأميركية من أجل تعزيز مكانته في واشنطن. ولفت إلى أن ولي العهد البحريني ناصر بن حمد آل خليفة، يتبنّى مواقف لا تقل تعاطفاً تجاه إسرائيل، مشيراً إلى أنه ألقى خطاباً أمام المؤتمر السنوي الذي نظمه مؤخراً معهد "شمعون فيزنتال"، في "لوس أنجليس". واعتبر أن ما يعكس بشكل أكبر الحرص البحريني على التقرب من إسرائيل هو تعمد ولي العهد البحريني اصطحاب الأوركسترا الوطنية البحرينية التي قامت بأداء النشيد الوطني الإسرائيلي "هتكفا"، معتبراً أن هذه الخطوة تعد "تجاوزاً لكل الخطوط الحمراء بالنسبة للمسلمين في جميع أرجاء العالم".
وبحسب كبير مراسلي هيئة البث "الإسرائيلية "(هيئة حكومية) سيمون آران، فإن هذه التصريحات جاءت لتنضم إلى علاقات وزيارات تجارية سرية بين الخليج وإسرائيل، مؤكدا بأن المفاجآت قادمة.
وكتب آران في تدوينة له عبر حسابه بموقع التدوين المصغر "تويتر": "دول الخليج تقترب من إسرائيل، تنديد ملك البحرين للمقاطعة ضد إسرائيل ينضم لزيارات/علاقات تجارية سرية بين إسرائيل والخليج مفاجآت على الأبواب؟".
من جانبها، قالت عضو الكنيست كاسنيا سبتلوفا، "هذه أخبار جيدة. آمل ألا ترد أخبار لاحقا تنفي هذا الخبر. هل سيكون في وسع الإسرائيليين زيارة البحرين؟".
التطبيع يوحد الموالاة والمعارضة
يتحد المؤيدون للحكومة البحرينية ومعارضوها معا لدى معارضة التطبيع، كما يقول الناشط السياسي المعارض علي الفايز مؤكدا أن القضية الفلسطينية ورفض التطبيع يوحدان البحرينيين في مواجهة النظام، ويؤكد نائب الأمين العام لجمعية المنبر الوطني الإسلامي (موالاة) النائب السابق الفضالة، أن التطبيع مع الاحتلال "تيار مؤسف يتجه له بعض المسؤولين دون التفكير في تبعاته"، ووصف في تصريحات صحافية لموقع "الخليج أونلاين" اعتزام بلاده تدشين مركز للحوار بين الأديان، أنه "يدخل في مجال التطبيع ويسيء للمملكة".
وأضاف على هامش ندوة بحثية، في مدينة إسطنبول، بعنوان: "التطبيع.. استراتيجية الاحتلال"، في ديسمبر الجاري "بغض النظر عن الاسم الذي سيكون تحته هذا المركز"، فإن تدشين مركز الملك حمد العالمي للحوار بين الأديان والتعايش السلمي الذي سيُفتتح في شهر نوفمبر من العام الجاري 2017. سيكون استثمارا لصالح دولة الاحتلال، في حين يقع مسؤولونا بحرج مع الشعب، الذي يرفض أشكال التطبيع كافة".
"التوجهات الشعبية بالبحرين عموماً ترى أنها خطوة غير موفَّقة، التطبيع "يخدم العدو الصهيوني ولا نستفيد منه شيئاً"، هكذا أضاف الفضالة النائب السابق عن الشعب البحريني.
أثارت تلك الزيارة رفضا شعبيا كبيرا، ما دعا الشيخ علي بن خليفة آل خليفة، رئيس الاتحاد البحريني لكرة القدم إلى محاولة تبريرها في تصريحات لصحيفة البلاد المحلية قائلا: "متأكد أن استضافة البحرين لكونغرس الفيفا أكبر بكثير من مسألة دخول ثلاثة أعضاء من اتحاد الكرة "الإسرائيلي" إلى البحرين". نحن ننظر دائماً إلى الجزء المملوء من الكأس، الأمر الذي يتضمن برامج سياحية ومتطلبات معيشية وضيافة وإعلاماً عالمياً سينقل تطور الأحداث الكروية من البحرين".
لكنْ البحرينيون من رواد موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، "لم ينظروا إلى الجزء المملوء من الكأس"، إذ ضج الموقع بتدوينات رافضة لزيارة الوفد وانتشر هاشتاغ #البحرين_ضد_التطبيع و#البحرين_ترفض_التطبيع، كما أصدرت 12 منظمة من المجتمع المدني البحريني بياناً عبرت فيه عن رفضها "دخول وفد "إسرائيلي" أرض البحرين"، وهي مواقف لخصها رئيس الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع جمال الحسن بالقول إن "المكتسبات التي تحققها البحرين ليست أغلى من الدم الفلسطيني"، "ولا شيء يبرر التطبيع مع محتل.." كما أضاف.
بداية التطبيع مع كيان الاحتلال
يعود تاريخ التطبيع بين المملكة الخليجية الصغيرة وكيان الاحتلال، إلى أكتوبر/تشرين الأول من عام 1994، وقتما استقبلت البحرين وزير البيئة "الإسرائيلي" يوسي ساريد، بدعوى "المشاركة في أعمال لجنة البيئة المنبثقة عن المفاوضات متعددة الأطراف، بعد اختيار المنامة (عاصمة البحرين) لتكون مقرا لاجتماعات لجنة البيئة وخلال هذه الزيارة أجرى ساريد محادثات مع وزير الخارجية البحريني وقتها محمد بن مبارك آل خليفة في أول اتصال يجري بين الجانبين على مستوى وزاري"، وفقا لما وثقه الدكتور مصطفى الشمري في كتابه "عسكرة الخليج..الوجود العسكري الأمريكي في الخليج".
وعقدت شركة "هنكوف" "الإسرائيلية" المتخصصة في إنتاح المعدات العسكرية، صفقة مع قوة دفاع البحرين "الجيش البحريني" تصدر بموجبها إليها 100 مطبخ ميداني متنقل للجيش البحريني، بحسب ما جاء في المصدر السابق.
وفي 29 يناير/كانون الثاني من عام 2000، التقى ولي عهد البحرين سلمان بن حمد آل خليفة بعد أقل من عام على توليه منصبه، مع وزير التعاون الإقليمي الصهيوني آنذاك شمعون بيريز، على هامش اجتماعات مؤتمر "دافوس" العالمي، وهو ما أكده ولي العهد البحريني، لصحيفة الحياة السعودية في الصفحة الأولى من العدد 13473، عقب يوم من اللقاء، قائلا للصحيفة إن "نزوع البحرين إلى تبني فكرة التعاون الإقليمي مع "إسرائيل" سببه إظهار "الإسرائيليين" جدية واضحة في السير قدماً في مسيرة السلام". وأشار إلى أنها "ليست المرة الأولى التي يلتقي فيها مسؤولون من الجانبين على طاولات المفاوضات".
وتكشف برقية صادرة في مارس/آذار من عام 2005 عن السفارة الأميركية في البحرين وموجهة إلى الخارجية الأميركية، رقمها 05MANAMA397، نشرها موقع ويكليكس، أن مساعد وزير الخارجية الشيخ عبد العزيز بن مبارك آل خليفة قال إن وليّ العهد سلمان التقى الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، خلال مؤتمر دافوس الأخير، وظهر معه في برنامج على قناة "سي إن إن" في عام 2005 كذلك التقاه خلال دافوس الذي انعقد قبل تجدد العنف بين "إسرائيل" والفلسطينيين في عام 2000. وقال له (لبيريز) إن كل خطوة تتخذها "إسرائيل" في اتجاه الفلسطينيين، ستقابلها البحرين بخطوتين. ولفت عبد العزيز إلى أن الولايات المتحدة يجب أن تضمن للعرب الذين يقيمون علاقات مع إسرائيل المكافأة.
وأعلنت البحرين في سبتمبر/أيلول من عام 2005 عبر نائب رئيس مجلس الوزراء محمد بن مبارك آل خليفة أن المملكة اتخذت قرارا برفع الحظر عن البضائع الإسرائيلية وإغلاق مكتب المقاطعة الإسرائيلية، وبرر الوزير بن مبارك القرار بعد حالة غضب نيابي وشعبي بأنه خطوة ضرورية لتمرير اتفاق التجارة الحرة في الكونغرس الأميركي، وهو ما أكدته مجلة "غلوب" الاقتصادية الصهيونية، في تقرير لها من واشنطن نشر في 23 مايو/ أيار من عام 2006، إذ أكد مكتب الممثل التجاري الأميركي في اتصال مباشر بعدد من المراسلين، بمن فيهم مندوب مجلة المجلة، إغلاق البحرين مكتب مقاطعة "إسرائيل"، تنفيذاً للوعد الذي حصلت عليه أميركا قبيل تصديق الكونغرس على اتفاق التجارة الحرة.
وبالرغم من تصريح وزير الخارجية البحريني في 9 مايو/أيار من عام 2006، أمام مجلس النواب بأن المقاطعة خاضعة لقرارات الجامعة العربية، إلا أن مصدرا في مكتب الممثل التجاري الأميركي أكد أن أي تصريح بشأن عدم إغلاق مكتب مقاطعة البضائع الإسرائيلية في البحرين ليس صحيحاً على الإطلاق، وأن السفارة الاميركية في المنامة أكدت إغلاق المكتب، حتى أن اللوحة الخاصة بالمكتب تمت إزالتها وتم تعطيل رقم الهاتف الخاص به، ونقل الموظف الذي كان يجلس فيه إلى عمل آخر".
وتكشف برقية تحمل الرقم 05MANAMA230، مؤرخة في 16 فبراير/شباط 2005، عن فحوى ما جرى خلال دعوة للملك حمد بن عيسى آل خليفة للسفير وليام مونرو في قصره، إذ يقول السفير إن الملك أعطى تعليماته إلى وزير الإعلام، محمد عبد الغفار، ليعمل على ألا تشير البيانات والإعلانات الرسمية الصادرة عن الوزارة إلى "إسرائيل" كعدو أو الكيان الصهيوني، مؤكداً أن البحرين لديها علاقات مع "إسرائيل" على المستوى الأمني والاستخباري (أي الموساد).
وعقد وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة اجتماعا مع اللجنة اليهودية الأميركية في نيويورك أثناء مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في أكتوبر من عام 2007، وفي نوفمبر/تشرين الثاني زار الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقر مؤسسة "American Friends of Lubavitch" الداعمة لكيان الاحتلال في الولايات المتحدة. وصرح في خلال اللقاء وفقا لما نقله موقع collive قائلا "أتمنى أن يختار عدد أكبر منكم المجيء إلى البحرين. فلدينا أرض مخصصة لمن يعود منكم إلى البحرين، إنكم موضع ترحيب مثل مواطنينا".
والتقى الرئيس "الإسرائيلي" شمعون بيريز ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني بشكل سري في نيويورك ملك البحرين حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة، وفق ما كشفته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصهيونية في يناير من عام 2009، كما دعا ولي عهد البحرين سلمان بن حمد آل خليفة القادة العرب إلى "مخاطبة "الإسرائيليين" من خلال وسائل الإعلام "الإسرائيلية" لتسهيل جهود السلام في منطقة الشرق الأوسط"، وفق ما جاء في مقال نشره في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية قائلا "نحن العرب لم نفعل ما فيه الكفاية للتواصل مباشرة مع الشعب الإسرائيلي".
وعقب ذلك بعام وفي فبراير/شباط من عام 2010، شارك وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة في حفل عشاءٍ بمقر حركة "حباد" الداعمة "لإسرائيل"، والتي ستكثر اللقاءات معها وفقا لما وثقه معد المادة، كما التقى وزير الخارجية بأعضاء بارزين في منظمة "آيباك"، و"اللجنة اليهودية الأميركية"، ومنظمة "بني بريت" وصرح خلال حفل عشاء على هامش اللقاءات هذه "على الجميع أن يدركوا أن إسرائيل لها وجود تاريخي في منطقة الشرق الأوسط".
وتكررت المبادرات التطبيعية البحرينية مع كيان الاحتلال خلال أعوام، 2013 و2014، وعام 2015 الذي تم الكشف فيه عن سعي حملة "هذه هي البحرين" الدعائية؛ إلى توقيع مذكرة تفاهم مع منظمة "ميمري" الصهيونية في الولايات المتحدة، من أجل إطلاق حملة علاقات عامة لتحسين صورة البحرين في العالم، وخاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان، غير أن المنظمة نشرت، مقالا بعنوان "سياسة الخداع البحرينية"، هاجمت فيه النظام واتّهمته بالتضليل والكذب سواء حول توقيع اتفاق معها أو مع كنيس يهودي، وأشارت فيه إلى أن رجل الدين الأبرز في تنظيم داعش المتطرّف هو بحريني، (تركي البنعلي المعروف بمفتي داعش والذي قتل في يونيو/حزيران الماضي).
وشهد عام 2016 تصاعدا كبيرا في التطبيع البحريني الصهيوني، إذ التقى ملك البحرين مع الحاخام مارك شنير في مارس/آذار، في قصره بالمنامة، بحسب ما كشلته صحيفة جيروزليم بوست الصهيونية، التي نقلت عن الحاخام قوله إن العاهل البحريني قال له: "إنها مسألة وقت قبل أن تبدأ بعض الدول العربية بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل".
وفي سبتمير/أيلول من العام ذاته، صُدم البحرينيون بتغريدة من وزير خارجيتهم الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، قال فيها بالإنكليزية: "ارقد بسلام أيها الرئيس شيمون بيريز، رجل حرب ورجل سلام لا يزال صعب المنال في الشرق الأوسط".
وانتقد بحرينيون وعرب "تطبيع" الوزير، الذي بالغ حتى الثناء أيضا على دور بيريز في الحرب التي أزهقت أرواح العرب، وكتب مستخدم من البحرين يعرف نفسه فاضل خليل "كيف يرقد بسلام وصرخات الأمهات الثكالى تطارده؟ كيف يرقد بسلام ودماء الشهداء في فلسطين ولبنان تستصرخ الانتقام؟". ورد مستخدم آخر، "تترحم على مرتكب مجزرة قانا (في جنوب لبنان)؟ تترحم على من ساهم في تهجير شعب عربي من أرضه؟ تترحم على قيادي في كيان محتل؟".
وغرد الناشط ماجد الركبان، بالقول "تغريدة في غير محلها، كل الشرف والمجد لشهداء فلسطين ولبنان ومصر رحمهم الله جميعا، ورفع درجاتهم في جناته واقتص ممن ظلمهم".
غير أن الصدمة الأكبر تمثلت في تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر حاخامات يهودا، يرقصون مع شخصيات بحرينية، على أنغام أغنية لما يسمى "جبل الهيكل" في القدس.
وكشف ناشطون أن الوفد مثل حركة "حباد" الصهيونية المتطرفة، وهو ما قابلته ردة فعل احتجاجية عبر هاشتاغي #البحرين لا ترحب بكم، و#بحرينيون ضد التطبيع، اللذين كانا الأكثر تداولا على تويتر بعد الكشف عن الفيديو في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
التطبيع رغم إغلاق الأقصى
في الرابع عشر من يوليو/تموز الماضي، أغلقت الشرطة "الإسرائيلية" المسجد الأقصى، لأول مرة منذ عام 1969، ومنعت إقامة الصلاة فيه، بعد عملية الأقصى، التي أسفرت عن استشهاد ثلاثة فلسطينيين، ومقتل شرطيين إسرائيليين، في اشتباك مسلّح بالقرب من الأقصى.
ورغم حديث فعاليات مقاومة التطبيع عربيا وبحرينيا، بأن إدانة الممارسات الصهيونية، لن يكفي هذه المرة نظرا لجسامة الحدث، إلا أن وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة غرد قائلا بالعربية هذه المرة "الصلاة في المسجد الأقصى حق للمسلمين لا يمس ولا يمنع، أما مسألة قتل شرطة الاحتلال فتحكمها المعاهدات وبالأخص اتفاقية جنيف الرابعة"، وهو ما استدعى ردودا غاضبة عربية وبحرينية من بينها ما كتبته المغردة عبير الجلال، عضو هيئة مركزية سابقة في تجمع الوحد الوطنية البحريني، والتي وصفت التغريدة "بغير الموفقة"، كما قالت مغردة بحرينية عرفت نفسها بـ"بنت الأجاويد": "الحق أبلج معاليك وتغريدتك غير موفقة .. لا جزاء للمحتل غير ذلك".
علاقة السعودية وإيران بالتطبيع
يأتي إقدام نظام الحكم البحريني على تكثيف اتصالاته بأرفع المستويات الرسمية في "إسرائيل" بهدف العمل على "مأسسة التبادل التجاري والزيارات المتبادلة بين الجانبين" وفقا لما كشفه بن كاسبيت، المعلق السياسي والأمني لموقع "يسرائيل بالس"، والذي نقل عن مصدر رسمي "إسرائيلي" أن "البحرين تعبّر في الواقع عن مواقف السعودية الحقيقية تجاه إسرائيل"، مشدداً على أنه لا يمكن الافتراض أن إقدام البحرين على هذه المواقف تجاه إسرائيل جاء من دون الحصول على الضوء الأخضر من الرياض.
وأشار كاسبيت، إلى أن حرص البحرين ودول "المحور السني المعتدل" على تطوير العلاقات بإسرائيل يعدّ "تحوطاً لتبعات توجه الولايات المتحدة للانسحاب من منطقة الشرق الأوسط، في أعقاب الإعلان المرتقب عن الانتصار على تنظيم داعش". وحسب كاسبيت، فإن "نظام الحكم في المنامة يرى نفسه الأكثر عرضة للتهديد، ما جعله يرى في العلاقة مع إسرائيل فرصة لضمان حمايته من إيران".
ويؤكد مصدر دبلوماسي بحريني مطلع على محادثات المملكة مع "إسرائيل" أن الاتصالات الحالية بين مسؤولين حكوميين في البلدين تركز على تبادل الزيارات بين رجال الأعمال والشخصيات الدينية قبل البدء رسميا في الإعلان عن استثمارات مباشرة بين البلدين.
وقال المصدر الذي فضل عدم كشف اسمه لحساسية القضية لـ"العربي الجديد" إن المملكة لا تمانع في وجود استثمارات إسرائيلية طالما أنها موافقة لقوانين الاستثمار المحلية".
ولا توجد أي قوانين في البحرين تحظر التطبيع والتعامل مع الحكومة الإسرائيلية أو مواطنيها، رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين، وطالما سعى مجلس النواب لسنوات طويلة من أجل إصدار قانون لا يجيز التطبيع مع إسرائيل، ولكن الحكومة رفضت تمريره.
وكان النائب السابق ناصر الفضالة عضو الهيئة التنفيذية لـ"رابطة برلمانيون من أجل القدس" تقدم في عام 2006، بقانون مكافحة كافة أنواع التطبيع بالبلاد، ويمنع القانون الذي لم ير النور، التطبيع ويدعو لمقاطعة العدو الصهيوني على كافة الأصعدة، وحصل على تزكية كافة النواب في المجلس، "ولكن الجهات المسؤولة، والسلطة التشريعية الأخرى (مجلس الشورى المعين من قبل الدولة) وضعوا بعض العراقيل وركنوا القانون"، وفقا لما قاله الفضالة في تصريحات صحافية.
ويشير المصدر الحكومي إلى أن المنامة "لا تمانع أن يسافر مواطنوها إلى "إسرائيل"، ولكنه استطرد قائلا إن "تسيير رحلات مباشرة بين البلدين يحتاج وقتا أطول".
رحلات معهد فيزنتال
منح ملك البحرين الإذن للحاخامين ماريون هير وأبراهام كوفر، واللذان يقفان على رأس معهد "شمعون فيزنتال"، اليهودي الأميركي، ذي التوجهات اليمينية، للكشف عن مواقفه التي أطلعهما عليها مطلع العام الجاري بحسب المحلل بن كاسبيت، والذي أوضح أن معهد "فيزنتال" يقوم سراً بتنظيم رحلات من البحرين "لإسرائيل"، مشيراً إلى أن كثيراً من البحرينيين قاموا فعلاً بزيارة إسرائيل سراً، بفعل الآلية التي اعتمدها القائمون على معهد "فيزنتال". وأشار إلى أن النظام البحريني يحرص أيضاً على توثيق علاقاته بالمنظمات اليهودية الأميركية من أجل تعزيز مكانته في واشنطن. ولفت إلى أن ولي العهد البحريني ناصر بن حمد آل خليفة، يتبنّى مواقف لا تقل تعاطفاً تجاه إسرائيل، مشيراً إلى أنه ألقى خطاباً أمام المؤتمر السنوي الذي نظمه مؤخراً معهد "شمعون فيزنتال"، في "لوس أنجليس". واعتبر أن ما يعكس بشكل أكبر الحرص البحريني على التقرب من إسرائيل هو تعمد ولي العهد البحريني اصطحاب الأوركسترا الوطنية البحرينية التي قامت بأداء النشيد الوطني الإسرائيلي "هتكفا"، معتبراً أن هذه الخطوة تعد "تجاوزاً لكل الخطوط الحمراء بالنسبة للمسلمين في جميع أرجاء العالم".
وبحسب كبير مراسلي هيئة البث "الإسرائيلية "(هيئة حكومية) سيمون آران، فإن هذه التصريحات جاءت لتنضم إلى علاقات وزيارات تجارية سرية بين الخليج وإسرائيل، مؤكدا بأن المفاجآت قادمة.
وكتب آران في تدوينة له عبر حسابه بموقع التدوين المصغر "تويتر": "دول الخليج تقترب من إسرائيل، تنديد ملك البحرين للمقاطعة ضد إسرائيل ينضم لزيارات/علاقات تجارية سرية بين إسرائيل والخليج مفاجآت على الأبواب؟".
من جانبها، قالت عضو الكنيست كاسنيا سبتلوفا، "هذه أخبار جيدة. آمل ألا ترد أخبار لاحقا تنفي هذا الخبر. هل سيكون في وسع الإسرائيليين زيارة البحرين؟".
التطبيع يوحد الموالاة والمعارضة
يتحد المؤيدون للحكومة البحرينية ومعارضوها معا لدى معارضة التطبيع، كما يقول الناشط السياسي المعارض علي الفايز مؤكدا أن القضية الفلسطينية ورفض التطبيع يوحدان البحرينيين في مواجهة النظام، ويؤكد نائب الأمين العام لجمعية المنبر الوطني الإسلامي (موالاة) النائب السابق الفضالة، أن التطبيع مع الاحتلال "تيار مؤسف يتجه له بعض المسؤولين دون التفكير في تبعاته"، ووصف في تصريحات صحافية لموقع "الخليج أونلاين" اعتزام بلاده تدشين مركز للحوار بين الأديان، أنه "يدخل في مجال التطبيع ويسيء للمملكة".
وأضاف على هامش ندوة بحثية، في مدينة إسطنبول، بعنوان: "التطبيع.. استراتيجية الاحتلال"، في ديسمبر الجاري "بغض النظر عن الاسم الذي سيكون تحته هذا المركز"، فإن تدشين مركز الملك حمد العالمي للحوار بين الأديان والتعايش السلمي الذي سيُفتتح في شهر نوفمبر من العام الجاري 2017. سيكون استثمارا لصالح دولة الاحتلال، في حين يقع مسؤولونا بحرج مع الشعب، الذي يرفض أشكال التطبيع كافة".
"التوجهات الشعبية بالبحرين عموماً ترى أنها خطوة غير موفَّقة، التطبيع "يخدم العدو الصهيوني ولا نستفيد منه شيئاً"، هكذا أضاف الفضالة النائب السابق عن الشعب البحريني.