فبعد بيان مجلس الوزراء اللبناني يوم الإثنين، حول التضامن مع الدول العربية وفي مقدمتها السعودية، ظنّ اللبنانيون أن الأمور في طريقها إلى الحلّ، وهو ما بدا أنه شعور في غير مكانه، بما أن الأمور تسير نحو نوع من "قطع العلاقات" مع لبنان الرسمي.
وكان لافتاً أن قرارات السعودية والإمارات صدرت بعدما أمضى السفير السعودي في لبنان، علي عواض العسيري، يومه في استقبال الوفود المتضامنة مع السعوديّة في مقر السفارة ببيروت. وفي غضون ذلك، أعلن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية، أن الوزارة طلبت من جميع المواطنين السعوديين عدم السفر إلى لبنان "حرصاً على سلامتهم".
اقرأ أيضاً: بعد لبنان.. محللون يتوقعون قطع الدعم السعودي عن مصر
كما طلبت "من المواطنين المقيمين أو الزائرين للبنان المغادرة، وعدم البقاء هناك إلا للضرورة القصوى، مع توخي الحيطة والحذر والاتصال بسفارة المملكة في بيروت لتقديم التسهيلات والرعاية اللازمة".
وما لبثت الإمارات أن أصدرت بياناً شبيهاً، لكن أضافت عليه خفض تمثيلها الدبلوماسي في لبنان إلى أدنى حدّ. وفي هذا السياق يؤكّد مصدر قريب من الدبلوماسية السعودية لـ"العربي الجديد"، أن هناك اتجاهاً لدى عدد من دول الخليج لسحب السفراء من لبنان، وهي خطوة تدلّ على عمق الأزمة بين لبنان والدول الخليجيّة. وهو ما يشير إلى عدم الرضى عن بيان مجلس الوزراء، "لذلك أطلق الرئيس سعد الحريري عريضة التضامن مع الإجماع العربي والوفاء للدول العربية الشقيقة، في محاولة لامتصاص النقمة السعوديّة"، بحسب المصدر المتابع لهذه الأزمة.
وتؤكّد هذه المستجدات، المعطيات، أن هناك قراراً سعودياً بعدم تحمّل "مسؤوليّة لبنان"، لأن الدولة اللبنانيّة باتت "رهينة لإيران"، كما يؤكّد المصدر نفسه.
ويقول إن السعوديّة غطّت كل المعارك التي خاضها الجيش اللبناني في وجه المجموعات "السنية" الخارجة عن القانون، "وهذا يتماشى مع المنطق السعودي الذي يرفض المسّ بأمن الدول العربية. ويُضيف أن الهبة التي قُدّمت للجيش كانت في هذا السياق، لكن في المقابل، تبيّن أن الدولة اللبنانيّة بمؤسساتها المختلفة، من الأمن إلى الخارجيّة، تعمل لصالح "من يُقاتل السعودية في اليمن ويُقاتل حلفاءها في سورية، ويعمل على ضرب أمن معظم دول الخليج" على حد قول المصدر نفسه.
ويعتبر أن هناك "أدلة دامغة على تورّط قوى لبنانيّة، والمقصود حزب الله، في تدريب وتجهيز مجموعات لضرب أمن دول الخليج، والأمر لا يقتصر على الشتائم والتهجم الكلامي على السعوديّة".
وتُشير أجواء الدبلوماسية السعودية في بيروت إلى أن الخطوات لن تقف عند هذا الحدّ، بل قد تليها خطوات اقتصادية موجعة، قد تطاول عدداً من رجال الأعمال "الذين ثبت وسيثبت وجود دور لهم في تبييض أموال حزب الله، أو مساعدته في تجاوز العقوبات الاقتصادية" كما تكشف هذه المصادر. وتوضح "من دون الأخذ بأي اعتبار للانتماء المذهبي لرجال الأعمال "المتورطين".
ويخشى اللبنانيون من أن تطاول الإجراءات الخليجية الودائع المالية الكبيرة التي تشكل جزءاً أساسياً من الاستقرار الاقتصادي والنقدي في لبنان، فضلاً عن الاستثمارات الخليجية ووضع الجالية اللبنانية في دول الخليج التي تقدر بنحو 500 ألف شخص.
اقرأ أيضاً: السعودية تطلب من مواطنيها مغادرة لبنان..والإمارات تمنع من السفر