التصعيد الحوثي على الحدود: بين استدراج الخارج وطمأنة الداخل

30 مايو 2015
إيران ربما وفّرت صواريخ بعيدة المدى للحوثيين (فرانس برس)
+ الخط -

بات سقوط قذائف في مناطق سعودية قرب الحدود مع اليمن، أو وقوع اشتباكات بين الحوثيين والقوات البرية السعودية، حدثاً شبه يومي منذ أسابيع، وأخيراً أعلن الحوثيون عن صواريخ من إنتاج محلي جرى إطلاق قذائف منها باتجاه السعودية، الأمر الذي أثار شكوكاً وفي ذات الوقت بدا رغبة في التصعيد، على الرغم من أن الإعلان يقوّي مبررات التحالف بمواصلة عملياته ضد الجماعة.

واتجه الحوثيون منذ أكثر من أسبوع لتغطية إعلامية يومية تتحدث عن مهاجمة المواقع العسكرية في الجانب السعودي، من قِبل مسلحي الجماعة وعناصر الجيش الموالي لها، وفي الجانب الآخر، أكدت المصادر الرسمية السعودية أكثر من مرة على سقوط قتلى بأعداد محدودة من حرس الحدود أو من المدنيين ورجال الأمن في المناطق القريبة، غير أن ما يتم الإعلان عنه لا يرقى إلى الخسائر التي تتحدث عنها الجماعة.

وفي خطوة لافتة، أعلن الحوثيون عن منظومة صواريخ يصل مداها إلى 75 كيلومتراً قالوا إنها صناعة محلية 100 في المائة وأطلقوا عليها "النجم الثاقب"، وأثار الإعلان جدلاً، إذ شكّك أغلب المعلّقين بصحة ما تم الإعلان عنه، أو عن مداه على وجه التحديد، بالإضافة إلى صحة كونه صناعة محلية من عدمها، في حال وُجد لدى الجماعة بالفعل.

وبالنظر إلى تجربة الحوثيين واستفادتهم من خبرات إيرانية ومن الجماعات المسلّحة المحسوبة على طهران، كـ"حزب الله"، لا يستبعد مراقبون أن يكونوا قد تمكّنوا من إنشاء معامل لإنتاج الذخائر، خصوصاً خلال الأربع سنوات الماضية، التي انشغلت فيها سلطات صنعاء بالأزمة السياسية، وسيطر الحوثيون على محافظة صعدة بالكامل، وكانوا، خلال هذه الفترة، كما تقول المعطيات، يستعدون لأي دورة جديدة من الحرب مع القوات الحكومية أو الجانب السعودي.

اقرأ أيضاً: مشاورات لـ"طائف يمني" في سلطنة عمان

وفي الوقت الذي يُستبعد فيه أن يكون الحوثيون قد تمكنوا فعلاً من إنتاج قذائف صاروخية بالمدى الذي تم الإعلان عنه، إلا أنه من غير المستبعد أن تكون إيران قد وفرت صواريخ للحوثيين بتلك المواصفات، انطلاقاً من الموقع الاستراتيجي الذي يتخذونه معقلاً لهم، على الحدود مع أكبر خصوم إيران الإقليميين في الخليج، مع الإشارة إلى أن "حزب الله" في لبنان، سبق وأعلن عن صواريخ صناعة محلية الصنع، وهو ما يعزز حرص إيران على تزويد حلفائها بتقنيات إنتاج الصواريخ القريبة المدى، أو بالصواريخ نفسها.

وحسب إفادات سابقة للسلطات اليمنية، فقد ثبت بالفعل تزويد إيران الحوثيين بالأسلحة وبعض المتفجرات التي تُستخدم في إعداد عبوات ناسفة ومتفجرات، وهو ما حصل عندما أعلنت الحكومة اليمنية أوائل العام 2013، ضبط سفينة الأسلحة الشهيرة "جيهان"، والتي جرت مصادرتها والاحتفاظ بالأسلحة الموجودة على متنها لدى الجهات الحكومية المعنية. وحسب تصريحات المسؤولين آنذاك، فإن شحنات أخرى من المتوقع أن تكون قد وصلت إلى الحوثيين.

من جهة أخرى، جاء إعلان الحوثيين الأخير عن قذائف صاروخية من إنتاج محلي، في سياق التصعيد والتغطية الإعلامية من المناطق الحدودية بشكل شبه يومي، الأمر الذي تتعدّد حوله القراءات، بين من يرى أن الحوثيين يحاولون استدراج القوات السعودية إلى مناطقهم الجبلية الحدودية، فيما يرى محللون أن التصعيد في المناطق الحدودية وتناوله الإعلامي بشكل يومي، يهدف في أحد جوانبه، لرفع معنويات مسلحي الجماعة وأنصارها بالداخل، من خلال إيصال رسالة مفادها، بأننا على الرغم من القصف ومئات الضربات الجوية خلال الفترة الماضية، لا نزال قادرين على التحرك وتهديد الخصم في الحدود.

السعودية من جهتها، تؤكد سقوط مقذوفات حوثية تُطلق بشكل عشوائي بين حين وآخر، في منطقتي جيزان ونجران، وبشكل محدود في محافظة ظهران الجنوب التابعة لمنطقة عسير، والمناطق الثلاث المذكورة ترتبط بحدود مع محافظات صعدة وحجة والجوف من جهة اليمن، وبشكل خاص، ترتبط مع صعدة معقل الجماعة، ويستفيد الحوثيون من وعورة المناطق الحدودية الجبلية التي تُصعّب على الجانب السعودي تنفيذ حملة برية، مثلما تحدّ من قدرة العمليات الجوية على الحسم.

وبينما تشير بعض الأنباء عن جبهة برية يجري التحضير لفتحها ضد الحوثيين في محافظة الجوف شرق صعدة، يرد بعض الحوثيين بأن ما يتردد حول ذلك، يندرج في إطار الحرب الإعلامية ضدهم. ومن جهة أخرى، يرى آخرون أن من المهم عدم إغفال وجود مصالح لدى أطراف إقليمية ودولية، بإبقاء صعدة منطقة قابلة لإثارة قلق السعودية في أي لحظة، ما يجعل الحديث عن حسم في صعدة أمراً لن يكون سهلاً، ما لم تكن هناك خطة لدى التحالف بتنفيذ عملية نوعية منسّقة مع "المقاومة الشعبية" والقوات الموالية للشرعية، إذ على الرغم من صعوبة المعركة، فإن أي حسم فيها سيمثّل تحولاً مفصلياً ينعكس على باقي الجبهات.

اقرأ أيضاً: مواجهات في مأرب وغارات مكثفة للتحالف في صعدة

المساهمون