التصعيد التجاري الأميركي مستمر... والأسواق تدفع الثمن

06 سبتمبر 2018
المؤشر الألماني خسر 0.3% بداية التعاملات (فرانس برس)
+ الخط -

تبقى المفاوضات التجارية العالمية في دائرة فراغية لم تُنتج حتى الساعة تفاهماتٍ مع عدد من الأطراف، لا سيما كندا، جارة الولايات المتحدة، والصين ألدّ خصومها التجاريين على الإطلاق.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن الأربعاء، صراحةً أن الولايات المتحدة ليست جاهزة بعد للوصول إلى اتفاقية بشأن النزاعات التجارية مع الصين، لكنه أضاف أن المحادثات ستستمر. وذلك بعدما فرض أكبر اقتصادين في العالم رسوما جمركية على سلع بقيمة 50 مليار دولار من الطرف الآخر في حرب تجارية متبادلة، ويدرس ترامب فرض رسوم على واردات صينية إضافية بقيمة 200 مليار دولار.

وتنقضي فترة المشاورات بشأن اقتراح فرض رسوم جمركية جديدة على الصين اليوم الخميس، ما يمهد الطريق لاتخاذ قرار وإن لم تتضح بعد مدى سرعة حدوث ذلك.

وقد حذرت وزارة التجارة الصينية اليوم الخميس، من أن الصين ستضطر للرد إذا فرضت الولايات المتحدة أي رسوم جمركية جديدة، وقال قاو فنغ المتحدث باسم الوزارة في مؤتمر صحافي دوري إن إذا فرضت الولايات المتحدة أي رسوم جمركية جديدة "فستضطر الصين لاتخاذ إجراءات انتقامية ضرورية".

وأضاف أن الصين ستراقب عن كثب تأثير أي رسوم جديدة وستتخذ إجراءات قوية لمساعدة الشركات الصينية أو الأجنبية العاملة في الصين على تخطي الصعوبات.

وقالت مصادر مطلعة على خطط الإدارة الأميركية لـ"رويترز" إن إدارة ترامب تستعد للتحرك صوب جولة جديدة من الرسوم بعد انقضاء الفترة المتاحة للتعليقات العامة منتصف الليل في واشنطن اليوم الخميس، لكن توقيت فرض الرسوم المحتملة غير معلوم.

وستبدأ الرسوم الجديدة في استهداف المنتجات الاستهلاكية مباشرة، بما فيها الأثاث ومنتجات الإضاءة والإطارات والدراجات ومقاعد السيارات المخصصة للأطفال.

وتخشى الأسواق أن يؤذن فرض رسوم جمركية أميركية جديدة على الواردات الصينية بتصعيد كبير في النزاع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم، ما قد يفرض ضغوطا كبيرة على استثمارات الشركات والتجارة والنمو على الصعيد العالمي.

وقال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض، دون أن يذكر تفاصيل، "نحن أبلينا بلاء حسناً في المفاوضات مع الصين، لكننا لسنا مستعدين لإبرام الاتفاق الذي يتطلعون إلى عقده". وأضاف "سنواصل الحديث مع الصين. لدي احترام كبير للرئيس (الصيني) شي (جين بينغ)"، وفقاً لما نقلته وكالة "رويترز".

وتطالب واشنطن بكين بتحسين فتح أسواقها وحماية حقوق الملكية الفكرية للشركات الأميركية ووقف الدعم الصناعي وتخفيض فائض تجاري مع الولايات المتحدة يبلغ 375 مليار دولار، فيما تتهم الصين إدارة ترامب باستخدام أساليب متشددة وتدعو إلى المزيد من المحادثات.

ومن أوتاوا، نقلت "فرانس برس" عن وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند قولها الأربعاء، أن المفاوضات التي تجريها في واشنطن للتوصل إلى اتفاقية جديدة للتجارة الحرة في أميركا الشمالية (نافتا) "أحرزت تقدّماً"، مع تحذيرها في الوقت ذاته من أن الأمور مرهونة بخواتيمها.

وقالت فريلاند في ختام مباحثات طويلة أجرتها في واشنطن مع الممثل الأميركي للتجارة روبرت لايتزر، إن "لا اتفاق على شيء إذا لم يتم الاتفاق على كل شيء"، مشدّدة في الوقت نفسه على أن المحادثات سادتها "أجواء ودّية" وأن التوصّل لاتفاق "ممكن حتماً".
وكان رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أكّد الثلاثاء أن بلاده "لن تتزحزح" عن ثوابتها في المفاوضات الجارية بينها وبين الولايات المتحدة على اتفاقية تجارية جديدة تشمل أيضاً المكسيك، محذراً من أنه لن يوقّع على أي اتفاق لا يتضمن آليّة لتسوية النزاعات التجارية ويحمي القطاع الثقافي في بلاده.

والأسبوع الماضي، اصطدمت المفاوضات بين واشنطن وأوتاوا حول تحديث اتفاقية التبادل الحر في أميركا الشمالية (نافتا) بتشدّد الرئيس ترامب الذي رفض تقديم أي تنازلات، ما دفع الطرفين لإرجاء المحادثات لبضعة أيام.

ومن المواضيع الشائكة في هذه المفاوضات، مسألة الإبقاء في الاتفاق الجديد على آلية تتيح التحكيم في الخلافات التجارية بين شركاء المعاهدة وهو أمر منصوص عليه في الفصل 19 من الاتفاقية الموقّعة في 1994. وفي حين يريد الأميركيون التخلّص من هذه الآلية فإن الكنديين يريدون الإبقاء عليها.

كذلك فإنّ مواقف البلدين تتعارض حول مسألة أخرى هي بند "الاستثناء الثقافي" الذي يتمسّك به الكنديّون ويريد الأميركيون التخلّص منه، ذلك أنّ هذا البند يؤمن الحماية بصورة خاصة لقطاعي الإنتاج الثقافي والإعلام المرئي والمسموع في كندا.
وقبل أكثر من عام فرض ترامب بشكل أحادي على كندا والمكسيك معاودة التفاوض حول "نافتا"، معتبراً أن الاتفاقية "كارثية" على الاقتصاد الأميركي وتسبّبت بعجز تجاري كبير حيال المكسيك وصل إلى 63.6 مليار دولار عام 2017.

هبوط الدولار وصعود النفط

وعلى وقع التشنج التجاري هذا، ارتفعت أسعار النفط اليوم الخميس، بدعم من تراجع الدولار ودلالات على قوة الطلب على الوقود في الولايات المتحدة، وإن كانت الضبابية ما زالت تكتنف آفاق الطلب بسبب اضطرابات الأسواق الناشئة وتصاعد النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين.

وهبطت أسهم وسندات وعملات الأسواق الناشئة خلال الأسابيع الأخيرة بسبب الأزمات المالية في دول مثل تركيا وجنوب إفريقيا وفنزويلا.

وتراجع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام سلة عملات رئيسية، نحو 0.1% اليوم الخميس، وفقاً لبيانات "رويترز". غير أنه صعد 3.3% منذ بداية العام الحالي واستفاد من تخارج المستثمرين من أصول الأسواق الناشئة. ونتيجة لذلك، يشهد كبار مستهلكي النفط ارتفاعاً سريعاً في فواتير وارداتهم.
وبحلول الساعة 09:42 بتوقيت غرينتش، ارتفع سعر برميل خام القياس العالمي برنت في العقود الآجلة 39 سنتاً إلى 77.66 دولاراً، لكنه يظل دون ذروة الثلاثاء قرب 80 دولاراً، فيما زاد الخام الأميركي في العقود الآجلة 12 سنتاً إلى 68.85 دولاراً.

وتستعد السوق بالفعل لفقدان ما لا يقل عن مليون برميل يومياً من إمدادات الخام الإيراني بدءاً من أوائل نوفمبر/تشرين الثاني، حين تدخل عقوبات أميركية على طهران حيّز التطبيق.

وارتفعت أسعار النفط 3% منذ أعلنت الحكومة الأميركية عن العقوبات في مايو/ أيار.

وأمس الأربعاء، أظهرت بيانات معهد البترول الأميركي انخفاض مخزونات الخام في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي بدعم من قوة الاستهلاك التي دفعت المصافي إلى تعزيز إنتاجها.

وقالت منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك"، الأربعاء، إنها تتوقع أن يصل الطلب العالمي على النفط إلى مستوى 100 مليون برميل يومياً للمرة الأولى هذا العام.

أدنى مستوى لأسهم أوروبا في 5 أشهر

في السياق أيضاً، تراجعت الأسهم الأوروبية اليوم الخميس، بفعل خسائر جديدة في الأسواق الناشئة ومخاوف من أن تمضي واشنطن قدماً في تنفيذ خطط فرض رسوم جمركية على واردات صينية أخرى قيمتها 200 مليار دولار، ما أبقى المستثمرين في حالة حذر وترقب.
وبحلول الساعة 07:14 بتوقيت غرينتش، تراجع المؤشر ستوكس 600 الأوروبي إلى أدنى مستوياته منذ مطلع أبريل/ نيسان. ونزل 0.3% كما انخفض المؤشر داكس الألماني 0.3% وفايننشال تايمز 100 البريطاني 0.2%، بحسب بيانات "رويترز".

وتراجعت معظم القطاعات لكن قطاع الموارد الأساسية كان الأكثر تراجعاً، إذ تأثر بهبوط تجاوز 3% في سهم "بي.إتش.بي بيليتون" للتعدين الذي جرى تداوله بعد انقضاء الحق في توزيعات أرباح.

وصعد قطاع المرافق بدعم من ارتفاع سهم إينيل الإيطالية التي تديرها الدولة 1.6% بعدما رفع "غولدمان ساكس" توصيته للسهم إلى شراء. وزاد سهم "سنتريكا" البريطانية 3.7% بعدما حددت الجهات التنظيمية المحلية سقفاً لسعر الطاقة عند الحد الأدنى لتوقعات المحللين.

وكان سهم "سافران" هو الرابح الأكبر على المؤشر ستوكس حيث ارتفع إلى مستوى قياسي جديد بعدما رفعت ثالث أكبر شركة عالمية لصناعة معدات الطيران توقعاتها للعام بأكمله بعد نتائج أفضل من المتوقع في النصف الأول بدعم من قوة الطلب على قطع الغيار والخدمات.
كما كان سهم "وير غروب" الأكثر تراجعاً حيث نزل 5.9% بعدما قالت الشركة المنتجة لأنابيب قطاعي الطاقة والتعدين إن هناك مؤشرات أولية على ضغوط سعرية.
المساهمون