التحرش على الطريقة اللبنانية

07 فبراير 2015
بوابة مدرسة في بيروت (Getty)
+ الخط -
قد تُلخص حالات التحرّش جميعها بمكان واحد، مداخل المدارس الثانوية. تعج البوابات بدراجات نارية وسيارات من النوع الرياضي مزودة بأحدث تقنيات الصوت، والزجاج الداكن. ويعبق المكان بعطر الشبان المتحفزين للحظة خروج الطالبات.

شبان الدراجات هؤلاء سيذكرونك بجيش ويليام والاس في فيلم "برايفهارت" الشهير. كأنهم في لحظة الهجوم الأولى على جيش الملكة، أفواه مفتوحة، غضب مصطنع، واستعراض بارز لعضلات اليدين.

إذا صبغ جنود والاس وجوههم باللون الأزرق، فهنا يدهن جيش المتحرشين اليدين، وحتى الرقاب بألوان عديدة. إذ يخفي التاتو الممتد على طول الجسم ألوان جلودهم الحقيقية. يبدون للوهلة الأولى كجدران المدينة المليئة بالشعارات المطبوعة. تجد نفسك أمام جيش متحرك من الجدران الجلدية.

تبدأ المعركة مع صوت جرس انتهاء الدوام. فتخرج الفتيات، وتنطلق الدراجات في جميع الجهات. يضغط رواد كتيبة السيارات الرياضية في جيش المتحرشين على المكابح من دون أن يحركوا عرباتهم. وتنطلق عبارات التحرش ذات الطابع الـ "خضرجي". تتحول الطالبات المتحرش بهن إلى "مانغا، عسل، قشطة، تفاح " وفق مزاج المتحرشين . تتنوع ردود فعل الطالبات بين النفور أوالابتسام أحياناً. تصرخ إحداهن في وجه متحرش: "العمى بقلبك شو بلا أخلاق ". تبتسم أخرى لدراج يحاول تلقينها رقم الهاتف. تدعى هذه العملية بالعامية اللبنانية "الشك". "الشك" عادةً هو عملية القفز في البحر. أمّا هنا فتُستعمل الكلمة بطريقة مختلفة، وقد "يشك" اثنان على فتاة واحدة، فتحصل حالة تصادم لا تحمد عقباها.

إذ إن التحرش في بيروت قد يقود الى اشتباك مسلح، إذا، لا قدر الله، كان المتحرشان من مذهبين مختلفين مثلاً. ولا قدرة للدولة أو منظمة مدنية على ضبط ذاك التحرش . فلا عديد يناسب صد جيش المتحرشين المتمركزين على أبواب الثانويات والجامعات. أمّا الذين يُناقشون أسباب تفوق الشاب اللبناني ، فعليهم ألا ينسوا أن إحدى أهم صفاته: فهو المغترب المتفوق في مجال عمله، وهو المنفتح، والمثقف الناطق بأكثر من لغة، وهو أيضاً "المتحرش" في هذه الأيام.
المساهمون