التحدّي الإيراني في اجتماع وزراء الخارجية العرب

10 يناير 2016
السفارة السعودية في طهران (عطا كيناريه/فرانس برس)
+ الخط -

يلتئم مجلس وزراء الخارجية العرب، الأحد، لبحث الاعتداء الذي تعرّضت له سفارة السعودية في العاصمة الإيرانية طهران، وقنصليتها في مشهد الإيرانية، وسط تساؤلات ترتبط في الأساس بماهية العمل العربي المشترك، في ظلّ تحدّيات متصاعدة، تستوجب بالضرورة مواقف عربية موحدة للحفاظ على الكينونة العربية.

في هذا السياق، يشير مصدر عربي كان يشغل منصباً بالجامعة العربية لـ"العربي الجديد"، إلى أن "القضية العربية الوحيدة التي اجتمع حولها العرب، كموقف ورؤية سياسية، كانت القضية الفلسطينية حتى توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، وما أعقبها من جدل وخلافات عربية، انتهت بطرح سعودي في القمة العربية في العاصمة اللبنانية بيروت عام 2002، في ما عُرف بمبادرة السلام العربية، التي أعلن عنها ولي العهد السعودي آنذاك الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز".

ويضيف أنه "ثمّة تراجعا عربيا تجاه القضية الفلسطينية، ظهر مع وجود خلاف فلسطيني ـ فلسطيني، وجدل بين القوى الإسلامية المجابهة لإسرائيل والقوى المبنية على أساس قومي، أي بين حركة حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية، وانعكاس ذلك على انقسام التأييد العربي لكلتا الجبهتين. مع الأخذ بعين الاعتبار حصول إسرائيل على شرعية وجود، في الوقت الذي لم تعط أي شرعية للوجود الفلسطيني بتياريه القومي والإسلامي".

ويرى خبراء وسياسيون عرب أن "الجامعة العربية ظلّت دون مستوى التحدي، ولم تكن لاعباً فاعلاً في أي وقت من الأوقات، بقدر ما كانت مواقف الدول منفردة، مثل مصر التي اختارت السلام مع إسرائيل، أو المبادرة السعودية، التي طرحت بضغط أميركي. وانعكس ذلك باصطفاف الدول العربية بين مؤيد للقوى الإسلامية ومناصر للقوى المسماة بالقومية أو الليبرالية، في الخلاف الفلسطيني ـ الفلسطيني".

ويرى الخبراء أن "ثمّة تحدياً جديداً، يتمثّل في التوغل الإيراني في الأرض العربية، كما في اليمن ولبنان وسورية والعراق عبر مليشيات موالية لإيران، في ظلّ نظرية تطبقها الأخيرة بكل قوة، وهي فكرة تصدير الثورة وإيجاد نفوذ إيراني في الأرض العربية".

اقرأ أيضاً: آفاق التهدئة والتصعيد بين الرياض وطهران... والمفاجأة التركية "السارّة"

ويعتبرون أنه "ربما كان الأمر في البداية مجرد نظرية وشعار، حمله مفكرو ومثقفو إيران وحجاجها إلى بيت الله، ثم ما لبث أن تحول إلى مليشيات وأحزاب في قلب الدول العربية مثل حزب الله في لبنان، وأنصار الله في اليمن، والحشد الشعبي في العراق، وموالاة الرئيس السوري بشار الأسد، عبر حزب الله وعبر مليشيات أخرى".

ولعلّ الاعتداء على السفارة السعودية في طهران، عكس نفس الجدل حول المخاوف العربية والخليجية من التغلغل الإيراني في المنطقة. وهو ما يُعدّ تحدّياً جديداً أمام الجامعة العربية، وعلى قدرتها على إحداث ردّ فعل واتخاذ مواقف تُنهي الوهن والضعف والتردّي العربي إزاء التحديات المصيرية.

ويعتقد الخبراء أن "سياسيين كثرا يعتبرون أن الجامعة العربية لا تزال عاجزة عن اتخاذ مواقف عملية وحاسمة تجاه الأزمات". ويعيدون ذلك إلى أن "الجامعة لا تزال تدار بعقلية الدول والتكتلات، لا بعقلية جامعة تبحث عن المصالح العربية العليا، ومن ثم لا يزال الانقسام بادياً وفق أمزجة ورؤية الدول العربية ورؤاها الخاصة لحل الأزمات".

ويدلل بعض الخبراء على التراجع عن فكرة إنشاء قوة عربية مشتركة والتوجه لإنشاء قوة إسلامية، في ضوء تحفظات من مواقف دول مثل مصر من الصراع السوري على سبيل المثال. ويعتبرون أن "طرح الأزمة السعودية الإيرانية عبر بوابة الجامعة العربية، قد لا يُكتب له النجاح، لأن الجامعة العربية دائماً ما تُقدّم أنصاف حلولٍ، تتسم في النهاية بالشجب والإدانة، من دون اتخاذ مواقف واضحة بسبب مواقف الدول نفسها. وكما هو متوقع في هذه الأزمة، ستتخذ دول كالعراق وسلطنة عمان، وربما مصر، مواقف، ربما، لا تتساوى مع حجم التحدي الحقيقي الذي يُحدثه التدخل الإيراني في الشأن العربي".

اقرأ أيضاً: السعودية تقطع علاقاتها بإيران وتطرد دبلوماسييها وتتعهّد بمواجهة سياساتها