دخلت الحرب الغربية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مرحلة جديدة، هدفها المعلن تدمير عاصمتي "الخلافة الإسلامية" في الرقة السورية والموصل العراقية، ومنع التنظيم من خلق بؤر جديدة خاصة في ليبيا.
وانعكست ملامح هذه المرحلة الجديدة في اتفاق الدول المشاركة في التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة ضد "داعش"، والتي عقدت اجتماعاً الأربعاء الماضي في باريس، أكدت فيه ضرورة تكثيف الحملة العسكرية ضد معاقل التنظيم الجهادي.
وأجمع وزراء دفاع الدول السبع الأكثر نشاطا في الحملة العسكرية (الولايات المتحدة، فرنسا، أستراليا، بريطانيا، ألمانيا، إيطاليا وهولندا) أن الغارات الجوية التي تكثفت في الشهور الأخيرة نجحت نسبياً في كسر شوكة التنظيم في سورية والعراق، غير أنه "لا يزال يقاوم، ومن الضروري تكثيف الجهود الجماعية ضده"، حسب تصريح لوزير الدفاع الفرنسي في المؤتمر الصحافي الذي أعقب الاجتماع.
من جهته، لخص وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر، نتائج اجتماع باريس في ثلاث نقاط أساسية مثلت أهداف الاجتماع، وهي "استئصال سرطان تنظيم الدولة الإسلامية من خلال تدمير مراكز سلطته في الرقة والموصل، ومكافحة تمدد هذا السرطان في العالم، وحماية شعوبنا في الداخل من أخطاره".
اقرأ أيضاً: دول التحالف الدولي تجمع على تصعيد الحرب ضد "داعش"
اجتماع بروكسل
أما الشق العملي المتعلق بخطة تكثيف الغارات والتحضير لعمليات برية محدودة تستهدف رؤوس التنظيم وكوادره الكبيرة، فستكون محور اجتماع آخر موسع هذه المرة، ويشارك فيه ممثلون من 26 بلداً، وينعقد خلال ثلاثة أسابيع في بروكسل، بمشاركة دول عربية من بينها العراق، كما أكد ذلك كارتر.
وكان لافتاً تشديد الوزير الأميركي على "ضرورة مساهمة دول الخليج في التحالف الدولي ضد "داعش" ودول عربية أخرى، لكيلا تبدو الحملة وكأنها حرب غربية على تنظيم إسلامي أو "حرب صليبية جديدة"، كما تروج لها أدبيات التنظيم الجهادي.
وإذا كان العزم الغربي على تقويض "داعش" سيتطلب جهوداً حربية إضافية من بلدان التحالف، فثمة عقبة ميدانية يجب الالتفاف عليها بحسب وزيري الدفاع الأميركي والفرنسي، وتتعلق بالتشويش الذي يخلقه التدخل العسكري الروسي في سورية.
وضمن هذا المنظور، كان لافتاً الإجماع الفرنسي الأميركي على أن التدخل العسكري الروسي في سورية "ينهج طريقا استراتيجية سيئة" بحسب كارتر، ودعوة نظيره الفرنسي روسيا إلى "تركيز" قصفها على تنظيم "الدولة الإسلامية"، و"التوقف عن ضرب مجموعات المعارضة" المسلحة في سورية التي تقاتل التنظيم.
اقرأ أيضاً: التحالف الدولي يبحث في باريس تكثيف حملته ضد "داعش"
خلافات الحلفاء
ومن اللافت أن تصريحات المشاركين في اجتماع باريس توقفت عند العناوين العريضة، ولم تشر ولو بالتلميح إلى تفاصيل وطبيعة المرحلة الجديدة في الحرب ضد "داعش"، والوسائل التي ستستعمل على الأرض لتطويرها في اتجاه حرب شاملة ومدمرة.
كما أن كارتر طلب من وزراء دفاع الـ 26 بلداً، الحضور إلى اجتماع بروكسل المقبل، لتقديم اقتراحات واضحة لتطوير مساهمتها الميدانية، يخفي بعض الخلافات التي بدأت تظهر في أوساط الحلفاء.
ورفضت أستراليا رسمياً، الخميس الماضي، طلب الولايات المتحدة زيادة المساعدة العسكرية لقتال تنظيم الدولة، معتبرة أنها قدمت حتى الآن مساعدة "كبيرة" بحسب ما جاء على لسان وزيرة الدفاع الأسترالية ماريز باين.
بدوره، أعلن رئيس الوزراء مالكولم تورنبول، أن بلاده غير مستعدة لتلبية طلب واشنطن وأن ما تقدمه بلاده كاف، وذكّر أن أستراليا أرسلت إلى الشرق الأوسط 780 جندياً، وتشارك بست طائرات قتالية في الغارات الجوية ضد "داعش" وتساعد في تدريب قوات الأمن العراقية.
كما أن كندا أيضاً غير مستعدة لتلبية الطلب الأميركي بزيادة مجهودها الحربي ضد "داعش"، وهذا ما يفسر استبعادها من اجتماع باريس، ذلك أن دول التحالف غير راضية عن تعهد رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو، بسحب المقاتلات الكندية المساهمة في غارات التحالف في سورية والعراق.
اقرأ أيضاً: الرقة السورية تنتظر التحرير من "داعش"