التحالف الدولي يعيد التموضع في العراق: إخلاء سابع معسكر

25 يوليو 2020
تطلب فصائل عراقية انسحاب القوات الأميركية من البلاد (الأناضول)
+ الخط -

من المقرّر أن تبدأ قوات التحالف الدولي في العراق بقيادة الولايات المتحدة، اليوم السبت، عملية إخلاء لسابع موقع عسكري في البلاد خلال أقل من ستة أشهر، ضمن ما أُطلق عليه "عملية إعادة التموضع"، والتي شملت معسكرات وقواعد في شمال بغداد وغربها، صُنّفت مسبقاً على أنها مواقع هشة أمنياً، وسهل استهدافها بصواريخ قصيرة المدى بسبب موقعها الجغرافي. في السياق، من المتوقع إخلاء معسكر بسماية خلال الساعات المقبلة وتسليمه إلى القوات العراقية، علماً أن المعسكر الواقع على بعد 30 كيلومتراً جنوبي العاصمة يضمّ قوات إسبانية وبرتغالية عاملة ضمن جهود التحالف الدولي، إضافة إلى قوة أميركية مخصصة للدعم اللوجستي والتدخل العسكري السريع. وتؤكد مصادر عسكرية عراقية في بغداد لـ"العربي الجديد" أن القوة المنسحبة لن تغادر العراق، بل ستنتقل إلى قاعدتي حرير في أربيل، وعين الأسد في الأنبار، وهما القاعدتان الرئيستان للجيش الأميركي في العراق، وتعتبرهما قوى سياسية وفصائل مسلحة عراقية مرتبطة بإيران بأنهما "جزء من مخطط الولايات المتحدة للبقاء طويلاً في البلاد"، خصوصاً أنه تمّ تحصينهما بشكل كبير منذ الهجوم الإيراني الصاروخي الذي استهدفهما مطلع العام الحالي، رداً على اغتيال الولايات المتحدة قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، في 3 يناير/ كانون الثاني الماضي. وبعد الهجوم الإيراني انسحبت قوات التحالف الدولي، بقيادة واشنطن، من معسكرات وقواعد مختلفة، أبرزها "كي وان" في كركوك، وقاعدتا التقدم والقائم في الأنبار، ومعسكر قرب بلدة أبو غريب في بغداد، والقصور الرئاسية، والقيارة في نينوى.

لا تريد الولايات المتحدة الخروج من العراق لأهداف استراتيجية

 

من جهته، يفيد جنرال عراقي في قيادة العمليات العسكرية المشتركة في حديثٍ لـ"العربي الجديد" بأن الانسحاب من قاعدة بسماية أولى خطوات المرحلة الثانية من عملية إعادة التموضع للقوات الأجنبية في العراق، مضيفاً أن المعسكرات التي يتم الانسحاب منها عادة، وُجدت بناءً على حاجة المعارك والمواجهات مع تنظيم "داعش" بين 2014 و2017. ويُشدّد على أن الحاجة انتفت لها حالياً، كما تُعتبر غير محصنة من الصواريخ أيضاً و"قد تتسبب بأزمة كبيرة للحكومة في حال تم استهدافها بالصواريخ وقتل جنود أجانب فيها"، معتبراً أن الحكومة تريد تقليل نقاط الاحتكاك الخطرة، التي قد تكرر سيناريو قصف التاجي في مارس/ آذار الماضي، الذي أسفر عن مقتل جنديين أميركيين وآخر بريطاني، لترد واشنطن بقصف عنيف على مواقع ومعسكرات الحشد داخل العراق وفي سورية. في المقابل، ترى مصادر سياسية في بغداد لـ"العربي الجديد" أن "توقيت الانسحاب قبل الجلسة الثانية من الحوار الاستراتيجي العراقي ـ الأميركي في واشنطن، المقررة بعد أيام، بمثابة رسالة سياسية لمساعدة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي وتقوية موقفه أمام الضغوط التي يتعرض لها من كتل سياسية وفصائل مسلحة مرتبطة بإيران في ما يتعلق بملف سحب القوات الأميركية"، لافتة إلى أن الأمر الثابت هو وجود قاعدتين أميركيتين في الشمال والغرب، ولا نية أميركية للانسحاب منهما، على الأقل في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

بدوره، يعتبر النائب عن تحالف "الفتح"، كريم المحمداوي، أن الانسحابات من القواعد العسكرية الثانوية لا تخلو من رسائل سياسية للأطراف الرافضة للوجود الأجنبي في العراق، وقد تكون محاولة للتهدئة في الساحة العراقية، كاشفاً في حديث لـ"العربي الجديد" عن معلومات مفادها بأن الانسحابات تجرى بين مختلف دول التحالف، عكس القوات الأميركية التي تجري عملية تموضع ونقل لقواتها بالعراق، وتعزز في الوقت عينه قاعدتي عين الأسد وحرير بمنظومات دفاع جوي وملاجئ تحت الأرض لحماية قواتها من أي هجمات. ويدلّ هذا على تخطيطها للبقاء فترة طويلة. ويشدّد على عدم السماح "ببقاء القوات الأميركية في أي قاعدة عراقية عسكرية، مهما كانت الحجة أو الذريعة، فقرار البرلمان (الداعي لانسحاب القوات الأجنبية من العراق) ملزم لحكومة مصطفى الكاظمي، ولا خيار لها غير تطبيق هذا القرار. وهو من أولويات الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن، الذي تحاول الولايات المتحدة استغلاله لبقاء قواتها لفترة أطول، من خلال اتفاقيات جديدة". ويشير المحمداوي إلى أن "عدداً من القوى السياسية العراقية تعتزم استضافة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لغرض مناقشة قضية الوجود الأجنبي، ومعرفة السقف الزمني لخروج كل تلك القوات، وعلى رأسها القوات الأميركية، وكذلك لمعرفة سبب عدم انسحابها، والاكتفاء بخروج قوات صغيرة لبعض الدول المشاركة في التحالف الدولي". وكان المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، قد ذكر في إيجاز صحافي له أمس الجمعة، أن "وجود قوات التحالف كان لمحاربة تنظيم داعش الذي ما زال يشكّل خطراً في العراق، غير أن الحاجة إلى وجود معسكرات كثيرة ومستشارين، قد انتفت". وأضاف أن "قوات التحالف الدولي بدأت بتقليص وجودها ومعسكراتها في العراق، وفق برنامج متفق عليه بين التحالف الدولي والحكومة العراقية، كما أن الأشهر الأولى من هذه السنة شهدت تسليم عدد كبير من المعسكرات، والبرنامج يسير وفق ما خُطط له". وأشار الخفاجي إلى أنه كان متفقاً على تسليم معسكر بسماية، وفق الجدول الزمني، خصوصاً بعد تسلّم 6 مواقع من قوات التحالف الدولي. وبسماية هو الموقع السابع، و"هناك مواقع أخرى ستُسلم، في القريب العاجل".

تعزّز واشنطن قاعدتي حرير والأنبار بدفاعات جوية وملاجئ
 

أما الخبير السياسي والأمني أحمد الشريفي، فيعتبر في حديث لـ"العربي الجديد" أن "انسحاب عدد من قوات التحالف الدولي، من بعض القواعد العسكرية، لا يأتي بهدف الانسحاب الكامل لها، بل ضمن خطط عسكرية لإعادة تموضع القوات الأجنبية، خصوصاً الأميركية". ويلفت إلى أنه "بكل صراحة لا تريد الولايات المتحدة الخروج من العراق لأهداف استراتيجية، كما أنه في الوقت نفسه، لا تريد جهات وشخصيات سياسية وحكومية عراقية خروج الأميركيين من العراق، أيضاً لأهداف سياسية وأمنية واقتصادية". ويشير إلى أن "الانسحاب الأميركي من العراق ربما تكون له تداعيات على المستوى السياسي والأمني والاقتصادي، ولهذا فإن مختلف الأطراف العراقية لا تريد ذلك".