التأسيس العربي لعلوم الاتصال: محاولات وتعثرات

13 ديسمبر 2016
تجهيز لـ فيصل سمرة/ السعودية
+ الخط -

مع التغيّرات الحادة التي عرفها العالم العربي في السنوات الأخيرة، وكان الإعلام فيها أحد أبرز وسائلها، كان لا بدّ أن يتحوّل هذا الأخير إلى موضوع علمي جاذب. في "كلية الآداب والعلوم" في الدوحة، نظمت اليوم "جامعة قطر"، منتدى بعنوان "واقع البحث العلمي في العالم العربي في مجال علوم الاتصال والإعلام".

من محاضرات المنتدى ورقة الباحث التونسي جمال زرن بعنوان "اتجاهات البحوث الإعلامية بعد الربيع العربي: انفلات إعلامي أم انفلات وظيفي". يرى المحاضر أن الدراسات والبحوث الإعلامية والاتصالية باتت تشهد اهتماماً متزايداً في العالم العربي من مختلف التخصّصات، معتبراً أن هذا الاهتمام بدأ مع أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001 وبعدها حرب الخليج (2003) وصولاً إلى أحداث "الربيع العربي"، وهو ما أدّى إلى تقديم البعد الاتصالي والإعلامي في إعادة صياغة أنظمة الحكم المحلية وتشكيل العلاقات الدولية.

يرى زرن أن "تعدّد الجهات التي تهتم بالاتصال وكثرة الأقسام الأكاديمية التي تعتني بتدريس الإعلام والاتصال بات عاملاً لا يمكن تجاهله في تشكيل جسد أكاديمي عربي اسمه: علوم الإعلام والاتصال"، مضيفاً بأن "التدريس لم يعد يتوقّف على تخريج متخصّصين في تقنيات الإعلام المكتوب والسمعي البصري أو العلاقات العامة والملتيميديا بل بات قادراً على تخريج باحثين"، كما اعتبر أن "هذا النمو في هذا التخصّص الحديث الذي يجمع بين خليط من المعارف الفكرية في الاتصال والمهارات الفنية في الإعلام ليس ظاهرة مستقلة عن النمو الكمي في عدد وسائل الإعلام العربية بكل تلويناتها: مكتوبة سمعية ومرئية وإلكترونية".

يعود زرن كذلك إلى أسباب تأخر تطوّر مباحث علوم الاتصال في العالم العربي حيث يرى أن "الإعلام كمبحث فكري عاش في ظل دول ما بعد الاستقلال العربية حالة من التشوّه الفكري والبحثي يعود بالأساس إلى طبيعة الأنظمة في الدول العربية وكانت نتائجه ضعفاً في نقل المعارف ذات الصلة بتخصّص علوم الإعلام والاتصال إلى المجتمعات العربية وغياب مشاريع وطنية لتوطين علوم الإعلام في العالم العربي مثل بعث مراكز بحوث تهتم بدراسة تأثيرات وسائل الإعلام ووظائفها في المجتمعات العربية"، هذا إضافة إلى "محاولة توظيف علوم الإعلام لخدمة الأنظمة السياسية في العالم العربي على حساب القيم الفكرية والأخلاقية لهذا التخصّص"ّ.

حيال هذا الوضع، يرى زرن بأن الباحثين في هذا المجال "مدعوّون اليوم إلى التأصيل الأكاديمي لمجالهم دون أن يتجاهلوا ما يعيشه المشهد الاتصالي المحلي والدولي من متغيرات هائلة بدأ بالوسيلة مروراً بالرسالة وصولاً إلى المتلقي".

في بقية المحاضرات، تحدّث الباحث السعودي عبد الله الحيدري عن "الهوية العلمية للباحث في مجال العلوم والاتصال في البلاد العربية"، وقدّم الباحث المغربي محمد الأمين موسى "مقاربة عملية للبحث العلمي في الغعلام لجديد"، ليُختتم المنتدى بمحاضرة عبد الرحمن الشامي عن "اتجاهات البحث العالمية في الدراسات الإعلامية وتأثيرها على البحوث العربية".

المساهمون