"لا أعرف غير البيض.. أقمتُ بينهم وتربّيت على خدمتهم، ولا يمكنني أن أعيش إلا معهم، لأن ذلك هو نهج أمي". بهذه اللهجة المستكينة تحدثت لالة ـ أَمَة سابقة رفضت ذكر اسمها ـ عن تاريخها مع العبودية وكيف كانت تقوم على خدمة أسيادها من العرب البيض في موريتانيا، التي تقول بعض المنظمات الحقوقية العالمية إنها ما زالت مرتعاً خصباً لممارسة الرق.
بنبرة صوت طغى عليها الحزن والتسليم بالعَوَز والتهميش، روت لالة، لـ"العربي الجديد"، ذكرياتها المؤلمة مع العبودية وكيف كانت تتكبّد مشقة جلب الماء من الآبار والعمل في الحقل ابتغاء مرضاة سيدها دون أن ينالها من عرق جبينها غير ما يحفظ حياتها لتستمر في القيام بالمهام نفسها، وكأنها جاءت الى الدنيا من أجل استعبادها فقط.
لالة، ومثلها الكثير من "الحراطين " ـ الأرقّاء السابقين ـ الذين يبلغ عددهم وفقاً لتقديرات المنظمات الحقوقية الدولية 680 ألفاً، يجمعهم ظلم السادة البيض وهيمنتهم على نفوسهم وامتلاك أجسادهم وتسخيرها لخدمتهم دون مقابل، بما يخالف القانون والشرائع، وفق روايات كثيرة ومتعددة، لكنها اتفقت على الشعور الشديد بالظلم الممزوج بالحسرة وعدم القدرة على فعل أي شيء.
ومع تعدّد التفسيرات لمصطلح الحراطين، يمكن القول إنه اصطلح عليه لوصف شريحة من العبيد السابقين ذابت هويتها في المجتمع العربي الأبيض وباتت تتكلم لغته.
وفيما لعبت طبقة الأرقّاء دوراً مهمّاً في كل مناحي الحياة بموريتانيا، فإنها عانت تهميشاً كبيراً، حيث تخوض حالياً نضالاً مريراً من أجل حقوقها في الدولة الموريتانية الحديثة.
نضال الأرقّاء واكب استقلال موريتانيا، حيث كانت الدولة تعي خطورة الرق، وهو ما دعا الرئيس الراحل والمؤسس للدولة الحديثة، المختار ولد داداه، إلى القول في مذكراته إن قضية "الحراطين" ستقود موريتانيا إما إلى نزاع مسلح يدمّر البلاد أو إلى تغيير مجتمعي واسع.
في مرحلة لاحقة، أنشئت حركة "الحر" عام 1978، من طرف مجموعة من قيادات "الحراطين"، من ضمنهم مسعود ولد بلخير، زعيم حزب التحالف الشعبي، رئيس البرلمان الموريتاني السابق. بيد أن النظام استوعب حركات "الحراطين" الاحتجاجية لاحقاً وعُيّن الكثيرون من قادتهم في مناصب عليا، حيث جرى تعيين بعضهم في مناصب وزارية وسيادية، فيما شغل آخرون منصب الوزير الأول مثل اسقير ولد امبارك، رئيس الوزراء الموريتاني السابق.
أخذت الحركات النضالية للحراطين مساراً جديداً بعد انقلاب 2006 وظهور حركة "إيرا" الانعتاقية في 2008، ليبدأ تاريخ من النضال الجديد هو الأخطر من نوعه، حيث بدأت الدعوات إلى العصيان المدني وإلى سجن أسياد العبيد وحتى إلى حرق بعض الكتب الدينية التي رأى فيها العبيد السابقون تكريساً للرق و"تعلية" من الطبقية.
رئيس حركة "إيرا"، برام ولد الداه ولد اعبيديو، الحاصل على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والمرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، تحدث لـ"العربي الجديد" عن الوضع المأسوي للعبيد، قائلاً: "إيرا جاءت نتيجة لمخاض عسير من النضال وإثر الإحباط والفشل الذي لحق بحركة الحر".
وأضاف: "الحركة تطالب برفع سقف المطالب لتنال الإصلاح الديني بعدما قام بعض الفقهاء في موريتانيا بتديين وأسلمة الاستعباد".
وأشار إلى أن ظلم رجال الدين، هو ما دفعه إلى حرق بعض الكتب التي لا تمتّ إلى الدين بصلة، قائلاً: "الكتب التي أحرقناها افتراء على فقه مالك بن أنس. وعلى سبيل المثال، يوجد في أحدها فتوى تراثية تقول إن الأمَة تُباع بدون بطنها، أي ولدها".
وتابع ولد اعبيديو: "حركة إيرا تتميّز بأنها شعبية وليست نخبوية، وتنطلق من القاعدة وتحسّ بهموم الضحايا ومعاناتهم، وهو ما جعلها تتفادى الأخطاء التي وقع فيها المناضلون الأوائل الذين تاجروا بقضية الأرقّاء". وشدد على أنه وزملاءه لا يقبلون المناصب والوظائف الحكومية، حتى لا يصطادهم البيض، وفق تعبيره.
وحول العدد الحقيقي، أو الأرقام التقديرية للعبيد السابقين، قال برام إن منظمة "وولك فري"، الحقوقية العالمية المهتمّة بمكافحة الرق، أكدت بأن أكبر شريحة من العبيد، قياساً بعدد السكان، توجد في موريتانيا.
ووفقا للمنظمة نفسها، فإنّ موريتانيا صادقت، في مارس/ آذار، على خارطة طريق للقضاء على تداعيات ظاهرة الرق المنتشرة في العالم.
وحسب منظمة "إيرا"، فإن "الحراطين" يمثلون نسبة 20% من سكان موريتانيا، أي حوالى 680 ألف نسمة، من بين ثلاثة ملايين و400 ألف يمثلون إجمالي سكان الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
وترى المنظمة أن البيض ما زالوا يمارسون الرق على البعض من أبناء هذه الشريحة التي تعاني من التهميش والجهل والبطالة والفقر، وفقاً لما تقوله المنظمة في تقاريرها.
وكان الأرقاء السابقون قرروا النزول إلى الشارع للمناداة بالكرامة والحرية،
حيث خرجت، في 29 أبريل/ نيسان الماضي، أكبر مسيرة للحراطين في تاريخ موريتانيا بمشاركة لفيف من الساسة وأساتذة الجامعات والمثقفين من البيض والسود معاً.
وتعتبر التظاهرة نوعاً من النضال للخروج من ربقة بعض الساسة السود الذين يتهمهم بعض "الحراطين" بالمتاجرة بقضية الأرقّاء السابقين.
وفي السياق ذاته، قال محمد الأمين، مدرّس ينحدر من شريحة الأرقاء السابقين، إن المسيرة لا تنتمي إلى أي حركة أو حزب سياسي، والعدد الكبير من المشاركين لا يمكن لأحد من المتاجرين بقضية العبيد أن يقوم بحشده.
ويوضح الأمين، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الأرقاء السابقين خرجوا في مسيرة حاشدة من أجل حقوقهم قائلاً: "نريد المساواة، فلماذا الإقصاء؟ لا بد أن تكون لنا رتب في قيادات الجيش. فشريحة الحراطين ليس فيها سوى عقيد واحد".
وكان رئيس حزب تواصل الإسلامي، محمد جميل ولد منصور، قد أعلن خلال المسيرة عن دعمه ومساندته للحراطين، وطالب السلطات الحاكمة بإنصافهم.
على الجانب الآخر، فإن الحكومة الموريتانية، وإن كانت تقرّ بوجود رواسب الرقّ، لكنها تنكر ممارسته بشكل فعلي في عموم البلاد.
وتردّ الحكومة على بيانات المنظمات الحقوقية بالقول إن الدستور والقوانين يكفلان المساواة بين كافة أعراق وشرائح المجتمع، فيما شدّد مجلس الوزراء الموريتاني، في مارس/ آذار الماضي، على أن الرق أُلغي في البلاد عام 1981، وأنه لم تعد هناك سوى رواسب ومخلّفات لهذه الظاهرة. وأعلن المجلس عن تبني خارطة طريق لمحاربة ما سمّاها آثار ومخلّفات ظاهرة الرق في موريتانيا.
وتضم الخارطة 29 توصية فى المجالات القانونية والاقتصادية والاجتماعية. وأوضح بيان المجلس أن الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، وجّه تعليماته إلى الحكومة "من أجل اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتفعيل تطبيق جميع القرارات التي تم اتخاذها للقضاء النهائي على مخلّفات الرق".
ولدحض تهميش الحراطين، يرد مسؤولون بالقول: "العديد من الأرقّاء السابقين وأبنائهم تبؤّوا مناصب سيادية ومرموقة في الوطن، بينها رئاسة الحكومة والبرلمان ووزارة الداخلية والعدل".
وقال أستاذ علم الاجتماع في جامعة العلوم الإسلامية، الدكتور سيدي محمد المصطفى، إن الوضعية الاجتماعية للأرقّاء السابقين غير مريحة وتعود أساساً لتأثير العادات والتقاليد على المراكز القانونية والاقتصادية للأفراد.
ووفق المصطفى، تعود جذور هذه الوضعية لمرحلة ما قبل الدولة المركزية والحياة المدنية، وتتجسّد مظاهر ذلك في تدني المكانة الاجتماعية، حيث ينظر السواد الأعظم من المجتمع الموريتاني إلى شريحة "الحراطين" بدونية تتّسم بالثبات والتجذّر، ولا يلوح في الأفق ما يوحي بتهذيبها أو حلحلتها.
ونبه الخبير الاجتماعي إلى أن "الحراطين" يعيشون في فقر مدقع، وجهل تعمّقه هشاشة التأهيل الفني، وضعف الوعي المدني والاجتماعي.
وأكد المصطفى أنه يجب التعاطي مع وضعية الأرقاء السابقين بروح وطنية عالية هدفها الأسمى صون تماسك ووحدة هذا المجتمع والحفاظ على أمنه وسلمه.
لكن الخبير الاجتماعي، سيدي محمد المصطفى، حثّ الحركات النضالية للحراطين على تبني التسامح والمرونة والسلمية واعتماد المقاربات التربوية والتصالحية بدل الصدام والمواجهة، حفاظاً على تماسك المجتمع واستقراره.
بنبرة صوت طغى عليها الحزن والتسليم بالعَوَز والتهميش، روت لالة، لـ"العربي الجديد"، ذكرياتها المؤلمة مع العبودية وكيف كانت تتكبّد مشقة جلب الماء من الآبار والعمل في الحقل ابتغاء مرضاة سيدها دون أن ينالها من عرق جبينها غير ما يحفظ حياتها لتستمر في القيام بالمهام نفسها، وكأنها جاءت الى الدنيا من أجل استعبادها فقط.
لالة، ومثلها الكثير من "الحراطين " ـ الأرقّاء السابقين ـ الذين يبلغ عددهم وفقاً لتقديرات المنظمات الحقوقية الدولية 680 ألفاً، يجمعهم ظلم السادة البيض وهيمنتهم على نفوسهم وامتلاك أجسادهم وتسخيرها لخدمتهم دون مقابل، بما يخالف القانون والشرائع، وفق روايات كثيرة ومتعددة، لكنها اتفقت على الشعور الشديد بالظلم الممزوج بالحسرة وعدم القدرة على فعل أي شيء.
ومع تعدّد التفسيرات لمصطلح الحراطين، يمكن القول إنه اصطلح عليه لوصف شريحة من العبيد السابقين ذابت هويتها في المجتمع العربي الأبيض وباتت تتكلم لغته.
وفيما لعبت طبقة الأرقّاء دوراً مهمّاً في كل مناحي الحياة بموريتانيا، فإنها عانت تهميشاً كبيراً، حيث تخوض حالياً نضالاً مريراً من أجل حقوقها في الدولة الموريتانية الحديثة.
نضال الأرقّاء واكب استقلال موريتانيا، حيث كانت الدولة تعي خطورة الرق، وهو ما دعا الرئيس الراحل والمؤسس للدولة الحديثة، المختار ولد داداه، إلى القول في مذكراته إن قضية "الحراطين" ستقود موريتانيا إما إلى نزاع مسلح يدمّر البلاد أو إلى تغيير مجتمعي واسع.
في مرحلة لاحقة، أنشئت حركة "الحر" عام 1978، من طرف مجموعة من قيادات "الحراطين"، من ضمنهم مسعود ولد بلخير، زعيم حزب التحالف الشعبي، رئيس البرلمان الموريتاني السابق. بيد أن النظام استوعب حركات "الحراطين" الاحتجاجية لاحقاً وعُيّن الكثيرون من قادتهم في مناصب عليا، حيث جرى تعيين بعضهم في مناصب وزارية وسيادية، فيما شغل آخرون منصب الوزير الأول مثل اسقير ولد امبارك، رئيس الوزراء الموريتاني السابق.
أخذت الحركات النضالية للحراطين مساراً جديداً بعد انقلاب 2006 وظهور حركة "إيرا" الانعتاقية في 2008، ليبدأ تاريخ من النضال الجديد هو الأخطر من نوعه، حيث بدأت الدعوات إلى العصيان المدني وإلى سجن أسياد العبيد وحتى إلى حرق بعض الكتب الدينية التي رأى فيها العبيد السابقون تكريساً للرق و"تعلية" من الطبقية.
رئيس حركة "إيرا"، برام ولد الداه ولد اعبيديو، الحاصل على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والمرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، تحدث لـ"العربي الجديد" عن الوضع المأسوي للعبيد، قائلاً: "إيرا جاءت نتيجة لمخاض عسير من النضال وإثر الإحباط والفشل الذي لحق بحركة الحر".
وأضاف: "الحركة تطالب برفع سقف المطالب لتنال الإصلاح الديني بعدما قام بعض الفقهاء في موريتانيا بتديين وأسلمة الاستعباد".
وأشار إلى أن ظلم رجال الدين، هو ما دفعه إلى حرق بعض الكتب التي لا تمتّ إلى الدين بصلة، قائلاً: "الكتب التي أحرقناها افتراء على فقه مالك بن أنس. وعلى سبيل المثال، يوجد في أحدها فتوى تراثية تقول إن الأمَة تُباع بدون بطنها، أي ولدها".
وتابع ولد اعبيديو: "حركة إيرا تتميّز بأنها شعبية وليست نخبوية، وتنطلق من القاعدة وتحسّ بهموم الضحايا ومعاناتهم، وهو ما جعلها تتفادى الأخطاء التي وقع فيها المناضلون الأوائل الذين تاجروا بقضية الأرقّاء". وشدد على أنه وزملاءه لا يقبلون المناصب والوظائف الحكومية، حتى لا يصطادهم البيض، وفق تعبيره.
وحول العدد الحقيقي، أو الأرقام التقديرية للعبيد السابقين، قال برام إن منظمة "وولك فري"، الحقوقية العالمية المهتمّة بمكافحة الرق، أكدت بأن أكبر شريحة من العبيد، قياساً بعدد السكان، توجد في موريتانيا.
ووفقا للمنظمة نفسها، فإنّ موريتانيا صادقت، في مارس/ آذار، على خارطة طريق للقضاء على تداعيات ظاهرة الرق المنتشرة في العالم.
وحسب منظمة "إيرا"، فإن "الحراطين" يمثلون نسبة 20% من سكان موريتانيا، أي حوالى 680 ألف نسمة، من بين ثلاثة ملايين و400 ألف يمثلون إجمالي سكان الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
وترى المنظمة أن البيض ما زالوا يمارسون الرق على البعض من أبناء هذه الشريحة التي تعاني من التهميش والجهل والبطالة والفقر، وفقاً لما تقوله المنظمة في تقاريرها.
وكان الأرقاء السابقون قرروا النزول إلى الشارع للمناداة بالكرامة والحرية،
وتعتبر التظاهرة نوعاً من النضال للخروج من ربقة بعض الساسة السود الذين يتهمهم بعض "الحراطين" بالمتاجرة بقضية الأرقّاء السابقين.
وفي السياق ذاته، قال محمد الأمين، مدرّس ينحدر من شريحة الأرقاء السابقين، إن المسيرة لا تنتمي إلى أي حركة أو حزب سياسي، والعدد الكبير من المشاركين لا يمكن لأحد من المتاجرين بقضية العبيد أن يقوم بحشده.
ويوضح الأمين، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الأرقاء السابقين خرجوا في مسيرة حاشدة من أجل حقوقهم قائلاً: "نريد المساواة، فلماذا الإقصاء؟ لا بد أن تكون لنا رتب في قيادات الجيش. فشريحة الحراطين ليس فيها سوى عقيد واحد".
وكان رئيس حزب تواصل الإسلامي، محمد جميل ولد منصور، قد أعلن خلال المسيرة عن دعمه ومساندته للحراطين، وطالب السلطات الحاكمة بإنصافهم.
على الجانب الآخر، فإن الحكومة الموريتانية، وإن كانت تقرّ بوجود رواسب الرقّ، لكنها تنكر ممارسته بشكل فعلي في عموم البلاد.
وتردّ الحكومة على بيانات المنظمات الحقوقية بالقول إن الدستور والقوانين يكفلان المساواة بين كافة أعراق وشرائح المجتمع، فيما شدّد مجلس الوزراء الموريتاني، في مارس/ آذار الماضي، على أن الرق أُلغي في البلاد عام 1981، وأنه لم تعد هناك سوى رواسب ومخلّفات لهذه الظاهرة. وأعلن المجلس عن تبني خارطة طريق لمحاربة ما سمّاها آثار ومخلّفات ظاهرة الرق في موريتانيا.
وتضم الخارطة 29 توصية فى المجالات القانونية والاقتصادية والاجتماعية. وأوضح بيان المجلس أن الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، وجّه تعليماته إلى الحكومة "من أجل اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتفعيل تطبيق جميع القرارات التي تم اتخاذها للقضاء النهائي على مخلّفات الرق".
ولدحض تهميش الحراطين، يرد مسؤولون بالقول: "العديد من الأرقّاء السابقين وأبنائهم تبؤّوا مناصب سيادية ومرموقة في الوطن، بينها رئاسة الحكومة والبرلمان ووزارة الداخلية والعدل".
وقال أستاذ علم الاجتماع في جامعة العلوم الإسلامية، الدكتور سيدي محمد المصطفى، إن الوضعية الاجتماعية للأرقّاء السابقين غير مريحة وتعود أساساً لتأثير العادات والتقاليد على المراكز القانونية والاقتصادية للأفراد.
ووفق المصطفى، تعود جذور هذه الوضعية لمرحلة ما قبل الدولة المركزية والحياة المدنية، وتتجسّد مظاهر ذلك في تدني المكانة الاجتماعية، حيث ينظر السواد الأعظم من المجتمع الموريتاني إلى شريحة "الحراطين" بدونية تتّسم بالثبات والتجذّر، ولا يلوح في الأفق ما يوحي بتهذيبها أو حلحلتها.
ونبه الخبير الاجتماعي إلى أن "الحراطين" يعيشون في فقر مدقع، وجهل تعمّقه هشاشة التأهيل الفني، وضعف الوعي المدني والاجتماعي.
وأكد المصطفى أنه يجب التعاطي مع وضعية الأرقاء السابقين بروح وطنية عالية هدفها الأسمى صون تماسك ووحدة هذا المجتمع والحفاظ على أمنه وسلمه.
لكن الخبير الاجتماعي، سيدي محمد المصطفى، حثّ الحركات النضالية للحراطين على تبني التسامح والمرونة والسلمية واعتماد المقاربات التربوية والتصالحية بدل الصدام والمواجهة، حفاظاً على تماسك المجتمع واستقراره.