تقلصت الاحتفالات بالمنتصف من شهر شعبان في بيروت، بسبب الأحوال الاقتصادية والأوضاع الأمنية التي ألقت بثقلها على كاهل الناس. وحدها محال الحلويات وعمالها يشعرون بالفرق الكبير بينه وبين الأيام العادية. تخرج صواني الحلويات كالمشبك والمعكرون والعوامات إلى الواجهة. يتجمهر الزبائن تحت زينة تكاد هي الأخرى أن تختفي مع الوقت.
حول "البيارتة" نسبة إلى أهالي بيروت، ليلة النصف من شعبان منذ زمن قديم إلى حلقة عادات محببة. هي ليلة تكثر فيها جلسات المدائح النبوية والموالد. قبل 20 عاماً كانت فرق الأناشيد الدينية تفترش الأرصفة ويتجمهر الناس في الأحياء الشعبية. تنقر الدفوف على وقع أناشيد تبشر باقتراب رمضان. اقتراب هذا الشهر كان يعني البدء في ما يعرف بـ "سيبانة" رمضان. السيبانة كانت ملتقى العائلة البيروتية حيث تجتمع في رحلة خارج العاصمة ليفترشوا الغابات، كغابة الشوف وملتقى النهرين وإما البساتين القريبة من البحر كمنطقتي الجية والسعديات.
بعض العائلات البيروتية كانت تنتظر ليلة النصف من شعبان لتحتفل بحفظة القرآن من الأولاد. إذ كانت تفتخر تلك العائلات بتعليم أولادها أحكام التجويد وغيرها من علوم القرآن. فيما يكتفي من هم دون العاشرة بإلقاء جزء أمام أهاليهم.
بدورها تحيي المساجد الكبيرة في بيروت تلك الليلة. احتوت المساجد في الآونة الأخيرة فرق المدائح بسبب الوضع الأمني. اشتهرت بيروت باحتفالها المركزي في هذه الليلة قبل الحرب الأهلية داخل المسجد العمري. المسجد الذي يقع وسط البلد كان محجة الشخصيات السياسية والدينية الشهيرة. توزع الاحتفال المركزي بعد الحرب على عدة مساجد كبرى في بيروت. مسجد الأمين وهو المسجد الأحدث والأكبر وسط البلد. مسجد الإمام علي بن أبي طالب في محلة طريق الجديدة الشعبية يشهد ازدحاما شبيها بالحشد الذي يتواجد خلال ليلة القدر.
لطالما تبادلت بيروت ودمشق تقاليد إحياء تلك الليلة. ورثت العاصمة اللبنانية قديماً عن الشام الحمامات العامة، حيث كانت تشهد قبل الحرب إقبالاً كثيفاً، وقد توزّعت في أغلبها عند ساحة البلد. كان البيارتة يقصدون أيضاً مقام السيدة زينب في دمشق للنذورات والصلاة في المسجد الأموي الكبير. كما كانت بيروت تشهد غزواً حقيقياً من تجّار الشام الذين كانوا يتبادلون وتجّار الأسواق البيروتية في ساحة البرج أنواع البضائع المطلوبة لشهر رمضان. بعد الثورة السورية ونزوح العديدين من دمشق إلى بيروت، غزت الحلويّات الشاميّة الأحياء الشعبية. ظهرت العجوة والبرازق بكثافة أمام الحلويات البيروتية في الآونة الأخيرة. البارز في السنة الأخيرة كان ظهور حلاوة المحيا الحموية، أو الغريّبة، مع افتتاح أكثر من محل حلويات سوري في بيروت.
تتلاشى مع الوقت مظاهر الاحتفالات بليلة النصف من شعبان. اقتصرت مظاهره تماماً على شراء الحلوى وإحياء الطقوس الدينية، فيما اختفت الحمامات العامة تماماً. الزيارات العائلية باتت أسيرة ساعات العمل الطوال وهاجس الفرد لتأمين حاجات يومه. بيروت اليوم تكاد تتخلى تماما عن طقوسها، لولا الجيل القديم وبعض النكهة الشامية المضافة في الأعوام الأخيرة.
أبرز حلويات "نصف شعبان"
المشبك: هي حلوى من أصول تركية، اشتهرت إبان حكم العثمانيين على سواحل المتوسط، قبل أن تنتقل للمدن الكبيرة الداخلية، البعض يرجح تسميتها بهذا الاسم نسبة لشكلها حيث تشتبك الأشكال الدائرية، وهي كناية عن سميد وسكر وخميرة ويوضع قالب العجينة في مكبس مخصص، قبل تغميسه بالزيت المغلي ثم إضافة تصفية الزيت وإضافة القطر البارد.
العوامة: تشتهر أيضا باسم " لقمة القاضي". هي حلوى يعتقد بأنها من أصول مغربية، واشتهرت عند العرب قبل أن تنتقل لشواطئ القارة الأوروبية على المتوسط كاليونان وتركيا ومالطا وقبرص. اشتهرت بها مدن الإسكندرية وإسطنبول وحمص ويسمونها الكرات الذهبية. قطعها الصغيرة المغسمة في مقلاة الزيت تتكون من دقيق فخميرة فقليل من الملح، قبل أن تنتهي بعد القلي للقمات صغيرة مكثفة القطر.
حلوى المحيا: هي كناية عن عدة أنواع كالغريبة والبشمينا والمحشية. تشتهر بها مدينة حماة السورية حيث كان بائعو الحلوى في المدينة يستهلون شهر شعبان بتحضير كميات كبيرة منها، وكانت تصبغ باللون الأحمر. يقال إن الأيوبيين وقفوا خلف تلك العادة وتوزيعها في هذا الشهر. وهي كناية عن سميد وسكر مع السمن يضاف إليها ماء الورد والملونات.
حول "البيارتة" نسبة إلى أهالي بيروت، ليلة النصف من شعبان منذ زمن قديم إلى حلقة عادات محببة. هي ليلة تكثر فيها جلسات المدائح النبوية والموالد. قبل 20 عاماً كانت فرق الأناشيد الدينية تفترش الأرصفة ويتجمهر الناس في الأحياء الشعبية. تنقر الدفوف على وقع أناشيد تبشر باقتراب رمضان. اقتراب هذا الشهر كان يعني البدء في ما يعرف بـ "سيبانة" رمضان. السيبانة كانت ملتقى العائلة البيروتية حيث تجتمع في رحلة خارج العاصمة ليفترشوا الغابات، كغابة الشوف وملتقى النهرين وإما البساتين القريبة من البحر كمنطقتي الجية والسعديات.
بعض العائلات البيروتية كانت تنتظر ليلة النصف من شعبان لتحتفل بحفظة القرآن من الأولاد. إذ كانت تفتخر تلك العائلات بتعليم أولادها أحكام التجويد وغيرها من علوم القرآن. فيما يكتفي من هم دون العاشرة بإلقاء جزء أمام أهاليهم.
بدورها تحيي المساجد الكبيرة في بيروت تلك الليلة. احتوت المساجد في الآونة الأخيرة فرق المدائح بسبب الوضع الأمني. اشتهرت بيروت باحتفالها المركزي في هذه الليلة قبل الحرب الأهلية داخل المسجد العمري. المسجد الذي يقع وسط البلد كان محجة الشخصيات السياسية والدينية الشهيرة. توزع الاحتفال المركزي بعد الحرب على عدة مساجد كبرى في بيروت. مسجد الأمين وهو المسجد الأحدث والأكبر وسط البلد. مسجد الإمام علي بن أبي طالب في محلة طريق الجديدة الشعبية يشهد ازدحاما شبيها بالحشد الذي يتواجد خلال ليلة القدر.
لطالما تبادلت بيروت ودمشق تقاليد إحياء تلك الليلة. ورثت العاصمة اللبنانية قديماً عن الشام الحمامات العامة، حيث كانت تشهد قبل الحرب إقبالاً كثيفاً، وقد توزّعت في أغلبها عند ساحة البلد. كان البيارتة يقصدون أيضاً مقام السيدة زينب في دمشق للنذورات والصلاة في المسجد الأموي الكبير. كما كانت بيروت تشهد غزواً حقيقياً من تجّار الشام الذين كانوا يتبادلون وتجّار الأسواق البيروتية في ساحة البرج أنواع البضائع المطلوبة لشهر رمضان. بعد الثورة السورية ونزوح العديدين من دمشق إلى بيروت، غزت الحلويّات الشاميّة الأحياء الشعبية. ظهرت العجوة والبرازق بكثافة أمام الحلويات البيروتية في الآونة الأخيرة. البارز في السنة الأخيرة كان ظهور حلاوة المحيا الحموية، أو الغريّبة، مع افتتاح أكثر من محل حلويات سوري في بيروت.
تتلاشى مع الوقت مظاهر الاحتفالات بليلة النصف من شعبان. اقتصرت مظاهره تماماً على شراء الحلوى وإحياء الطقوس الدينية، فيما اختفت الحمامات العامة تماماً. الزيارات العائلية باتت أسيرة ساعات العمل الطوال وهاجس الفرد لتأمين حاجات يومه. بيروت اليوم تكاد تتخلى تماما عن طقوسها، لولا الجيل القديم وبعض النكهة الشامية المضافة في الأعوام الأخيرة.
أبرز حلويات "نصف شعبان"
المشبك: هي حلوى من أصول تركية، اشتهرت إبان حكم العثمانيين على سواحل المتوسط، قبل أن تنتقل للمدن الكبيرة الداخلية، البعض يرجح تسميتها بهذا الاسم نسبة لشكلها حيث تشتبك الأشكال الدائرية، وهي كناية عن سميد وسكر وخميرة ويوضع قالب العجينة في مكبس مخصص، قبل تغميسه بالزيت المغلي ثم إضافة تصفية الزيت وإضافة القطر البارد.
العوامة: تشتهر أيضا باسم " لقمة القاضي". هي حلوى يعتقد بأنها من أصول مغربية، واشتهرت عند العرب قبل أن تنتقل لشواطئ القارة الأوروبية على المتوسط كاليونان وتركيا ومالطا وقبرص. اشتهرت بها مدن الإسكندرية وإسطنبول وحمص ويسمونها الكرات الذهبية. قطعها الصغيرة المغسمة في مقلاة الزيت تتكون من دقيق فخميرة فقليل من الملح، قبل أن تنتهي بعد القلي للقمات صغيرة مكثفة القطر.
حلوى المحيا: هي كناية عن عدة أنواع كالغريبة والبشمينا والمحشية. تشتهر بها مدينة حماة السورية حيث كان بائعو الحلوى في المدينة يستهلون شهر شعبان بتحضير كميات كبيرة منها، وكانت تصبغ باللون الأحمر. يقال إن الأيوبيين وقفوا خلف تلك العادة وتوزيعها في هذا الشهر. وهي كناية عن سميد وسكر مع السمن يضاف إليها ماء الورد والملونات.