31 أكتوبر 2017
البلقان موقعاً إسرائيلياً متقدماً
شهد العقد الماضي تحولات كبيرة وجذرية في العلاقات بين معظم دول البلقان وإسرائيل، حيث باتت الأخيرة توظف هذه العلاقات في تحقيق مصالح إستراتيجية، إلى جانب إسهامها في تحسين قدرة حكومة اليمين المتطرف على المناورة السياسية في مواجهة الضغوط الدولية عليها، فقد باتت إسرائيل ترتبط ببعض هذه الدول بتحالفاتٍ معلنة، كما الحال مع اليونان وقبرص، وتجني عوائد إستراتيجية مع العلاقات مع دول أخرى، ولا سيما بلغاريا ورومانيا. ويعد الإعلان عن انطلاق التحالف بين إسرائيل من جهة وكل من قبرص واليونان في نيقوسيا قبل شهرين نقطة تحول في علاقات تل أبيب الإقليمية والدولية، فقد جاء من أجل مأسسة العلاقة الإستراتيجية بين الكيانات الثلاثة، بغرض تنظيم التعاون الأمني، وتبادل المعلومات الاستخبارية، وتنسيق المواقف السياسية والتعاون الاقتصادي، ولا سيما تحقيق شراكة إستراتيجية في إدارة اقتصاديات الطاقة. وفيما يتعلق بالعلاقة ببلغاريا، تتحدث وسائل الإعلام الإسرائيلية عن تعاون استخباري عميق ومكثف، فقد كشفت صحيفة هآرتس أن البلغار عرضوا، قبل سنوات، خدماتهم على إسرائيل، وطلبوا أن يلتقي مسؤولو جهاز المخابرات (الموساد) مع مسؤولين بلغار في صوفيا، للاتفاق على قواعد التنسيق الأمني والتعاون الاستخباري. ولذلك، يستند اتهام "الموساد" بتصفية المناضل الفلسطيني عمر النايف الذي كان يلوذ في السفارة الفلسطينية في صوفيا إلى أرضية صلبة، فالجهاز يحظى بحرية عمل مطلقة في بلغاريا. ويتجاوز التوظيف الإسرائيلي للعلاقات مع دول البلقان حدود التعاون الأمني وتبادل المعلومات الاستخباري، ليطاول مجالات أكثر أهمية.
أولاً: باتت دول البلقان ودول في أوروبا الشرقية تصوّت، بشكل تقليدي، ضد كل قرار في الاتحاد الأوروبي والمحافل الدولية، يتعارض مع مصالح إسرائيل، بل لا تتردد هذه الدول في إبلاغ إسرائيل مسبقاً عن طابع الاقتراحات التي تطرح سراً في المناقشات الداخلية في الاتحاد الأوروبي، لتحفيز إسرائيل على التحرك المسبق لإحباطها.
ثانياً: تسمح دول البلقان، ولا سيما اليونان ورومانيا وبلغاريا، للجيش الإسرائيلي بالتدريب في أجوائها ومياهها الإقليمية، لتعويض إسرائيل عما فقدته بعد تدهور علاقاتها مع تركيا التي كانت تسمح للجيش الإسرائيلي بذلك. كما أنه يتم تنظيم مناورات عسكرية مشتركة بين الجيش الإسرائيلي وجيوش هذه الدول، على غرار مناوراتٍ أجراها الجيشان اليوناني والإسرائيلي، أخيراً.
ثالثاً: هناك مصلحة مشتركة لدى إسرائيل وبعض دول البلقان في محاصرة تركيا، ما مثل أحد أسباب تعزيز العلاقة بين الطرفين. ويقرّ السفير الإسرائيلي السابق في بلغاريا، نحجال جالنر، بأن إسرائيل استغلت الإرث التاريخي والثقافي، وموروث العلاقة الشائكة مع الدولة العثمانية، إلى جانب توظيف "الإسلاموفوبيا" في أوروبا في تحفيز دول البقان للتعاون معها. من هنا، على الرغم من حرص بنيامين نتنياهو، رئيساً للوزراء ووزيراً للخارجية، على تطوير العلاقات مع دول البلقان الأخرى، الجبل الأسود، صربيا، مقدونيا، وكرواتيا، فإنه يراهن، بشكل كبير، على تعاون الدول الأكثر عداءً لتركيا، اليونان وبلغاريا وقبرص ورومانيا. ويرى وكيل الخارجية الإسرائيلي الأسبق، ألون ليفين، أن تعميق التعاون مع دول البلقان التي في خصومة استراتيجية مع تركيا، كان نتاجاً طبيعياً لتدهور العلاقات مع تركيا.
رابعاً: يمثل الحرص على دعم نظام الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وتأمين شرعية دولية له، أحد أهم القواسم المشتركة بين إسرائيل وكل من قبرص واليونان. ويذكر الصحافي الإسرائيلي، أمير تيفون، أن تل أبيب ونيقوسيا وأثينا عملت، جبهةً واحدة، من أجل تأمين شرعية دولية لنظام السيسي، ولا سيما في أوروبا (موقع وللا، 9-3-2014). وقد جاء هذا التحرك الثلاثي، ضمن أمور أخرى، في إطار تشكيل محور إقليمي جديد مناهض لتركيا.
خامساً: حسنت العلاقات المتطورة مع اليونان وقبرص، خصوصاً، من قدرة إسرائيل على الإفادة من اقتصاديات الطاقة، ولا سيما بعد اكتشافات الغاز الضخمة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، فبعد أن أعلنت مصر عن اكتشاف احتياطات غاز ضخمة، لم يعد ممكناً أن تراهن إسرائيل على تصدير الغاز إليها، كما كان يراهن صناع القرار في تل أبيب، ما جعل الخيار الوحيد أمام إسرائيل أن تصدر غازها إلى أوروبا عبر اليونان، وتم التوافق بين الجانبين على مد أنابيب لنقل الغاز بالفعل.
استفادت إسرائيل في تطوير علاقاتها مع دول البلقان، ودول أوروبا الشرقية، من الطابع البراغماتي الذي يحكم السياسات الخارجية لهذه الدول، والمتحرّر من أي اعتبار قيمي أو أخلاقي، بحيث لا تمنح أي وزن لسلوك إسرائيل المشين في مجال حقوق الإنسان الفلسطيني، ولا تأبه بمواقف حكومة اليمين المتطرف في تل أبيب من الصراع مع الشعب الفلسطيني. من هنا، لم يكن مستهجناً ألا يكون هناك أثر يُذكر لأنشطة حركة المقاطعة الدولية على إسرائيل "BDS" على حكومات هذه الدول والرأي العام فيها، في حين تحقق الحركة إنجازات كبيرة في الولايات المتحدة وأوروبا.
أولاً: باتت دول البلقان ودول في أوروبا الشرقية تصوّت، بشكل تقليدي، ضد كل قرار في الاتحاد الأوروبي والمحافل الدولية، يتعارض مع مصالح إسرائيل، بل لا تتردد هذه الدول في إبلاغ إسرائيل مسبقاً عن طابع الاقتراحات التي تطرح سراً في المناقشات الداخلية في الاتحاد الأوروبي، لتحفيز إسرائيل على التحرك المسبق لإحباطها.
ثانياً: تسمح دول البلقان، ولا سيما اليونان ورومانيا وبلغاريا، للجيش الإسرائيلي بالتدريب في أجوائها ومياهها الإقليمية، لتعويض إسرائيل عما فقدته بعد تدهور علاقاتها مع تركيا التي كانت تسمح للجيش الإسرائيلي بذلك. كما أنه يتم تنظيم مناورات عسكرية مشتركة بين الجيش الإسرائيلي وجيوش هذه الدول، على غرار مناوراتٍ أجراها الجيشان اليوناني والإسرائيلي، أخيراً.
ثالثاً: هناك مصلحة مشتركة لدى إسرائيل وبعض دول البلقان في محاصرة تركيا، ما مثل أحد أسباب تعزيز العلاقة بين الطرفين. ويقرّ السفير الإسرائيلي السابق في بلغاريا، نحجال جالنر، بأن إسرائيل استغلت الإرث التاريخي والثقافي، وموروث العلاقة الشائكة مع الدولة العثمانية، إلى جانب توظيف "الإسلاموفوبيا" في أوروبا في تحفيز دول البقان للتعاون معها. من هنا، على الرغم من حرص بنيامين نتنياهو، رئيساً للوزراء ووزيراً للخارجية، على تطوير العلاقات مع دول البلقان الأخرى، الجبل الأسود، صربيا، مقدونيا، وكرواتيا، فإنه يراهن، بشكل كبير، على تعاون الدول الأكثر عداءً لتركيا، اليونان وبلغاريا وقبرص ورومانيا. ويرى وكيل الخارجية الإسرائيلي الأسبق، ألون ليفين، أن تعميق التعاون مع دول البلقان التي في خصومة استراتيجية مع تركيا، كان نتاجاً طبيعياً لتدهور العلاقات مع تركيا.
رابعاً: يمثل الحرص على دعم نظام الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وتأمين شرعية دولية له، أحد أهم القواسم المشتركة بين إسرائيل وكل من قبرص واليونان. ويذكر الصحافي الإسرائيلي، أمير تيفون، أن تل أبيب ونيقوسيا وأثينا عملت، جبهةً واحدة، من أجل تأمين شرعية دولية لنظام السيسي، ولا سيما في أوروبا (موقع وللا، 9-3-2014). وقد جاء هذا التحرك الثلاثي، ضمن أمور أخرى، في إطار تشكيل محور إقليمي جديد مناهض لتركيا.
خامساً: حسنت العلاقات المتطورة مع اليونان وقبرص، خصوصاً، من قدرة إسرائيل على الإفادة من اقتصاديات الطاقة، ولا سيما بعد اكتشافات الغاز الضخمة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، فبعد أن أعلنت مصر عن اكتشاف احتياطات غاز ضخمة، لم يعد ممكناً أن تراهن إسرائيل على تصدير الغاز إليها، كما كان يراهن صناع القرار في تل أبيب، ما جعل الخيار الوحيد أمام إسرائيل أن تصدر غازها إلى أوروبا عبر اليونان، وتم التوافق بين الجانبين على مد أنابيب لنقل الغاز بالفعل.
استفادت إسرائيل في تطوير علاقاتها مع دول البلقان، ودول أوروبا الشرقية، من الطابع البراغماتي الذي يحكم السياسات الخارجية لهذه الدول، والمتحرّر من أي اعتبار قيمي أو أخلاقي، بحيث لا تمنح أي وزن لسلوك إسرائيل المشين في مجال حقوق الإنسان الفلسطيني، ولا تأبه بمواقف حكومة اليمين المتطرف في تل أبيب من الصراع مع الشعب الفلسطيني. من هنا، لم يكن مستهجناً ألا يكون هناك أثر يُذكر لأنشطة حركة المقاطعة الدولية على إسرائيل "BDS" على حكومات هذه الدول والرأي العام فيها، في حين تحقق الحركة إنجازات كبيرة في الولايات المتحدة وأوروبا.