البطالة لا تفرّق بين التونسيين

01 مايو 2017
تتظاهر من أجل تحقيق مطالبها (ناسر طالل/ الأناضول)
+ الخط -
الحديث عن البطالة في تونس تحول إلى مسألة عادية، إلا أنها تدفع العاطلين من العمل إلى الاحتجاج على أوضاعهم. اليوم يتظاهر حملة شهادات الدكتوراه

رغم حصولهم على معدّلات علميّة ممتازة في الجامعات، إلا أنّ شبح البطالة لم يستثنهم، إذ إنّ نحو 70 في المائة من حاملي شهادات الدكتوراه في تونس عاطلون من العمل. البطالة التي دامت سنوات عدّة دفعتهم إلى اللجوء إلى الشارع وتنظيم احتجاجات، شارك فيها باحثون وحملة شهادات الدكتوراه العاطلون من العمل، وطالبوا الحكومة بتقديم تسهيلات للحصول على وظائف تتناسب مع مستواهم العلمي.

تنسيقيّة طلاب الدكتوراه أكدت أنّ عدد الطلاب الحائزين على درجة الدكتوراه بلغ 11 ألفاً و111 شخصاً، مضيفة أنّ ثلاثة آلاف و292 من العاطلين من العمل، من بين المتخرجين بين عامي 2010 و2015، والبالغ عددهم أربعة آلاف و775 شخصاً، أي بمعدّل 70 في المائة من الحاصلين على شهادة دكتوراه.

وتشير ممثلة التنسيقية وداد قلمامي لـ "العربي الجديد"، إلى جملة تحركات نفذّها طلاب الدكتوراه في مختلف الجامعات التونسية، إضافة إلى مسيرة وطنية أمام البرلمان في مارس/ آذار الماضي، للمطالبة بقانون خاص بالباحثين، وتحسين الأوضاع المادية والمعنوية للباحثين في مرحلة الدكتوراه، وتطوير إمكانيات مراكز ووحدات الأبحاث، والقيام بإصلاحات جوهرية لمنظومة البحث العلمي في تونس، والتعاون مع الجامعات الخاصة لدمج حملة الشهادات العليا العاطلين من العمل.

أكرم بن أحمد حاصل على شهادة دكتوراه في الهندسة، لكنّه عاطل من العمل منذ خمس سنوات. يقول إنّ وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تتجاهل الوضع الكارثي لحملة شهادات الدكتوراه، وتدهور منظومة البحث العلمي، مع تراجع ميزانية وزارة التعليم العالي من 7 في المائة في عام 2008 إلى 4.9 في المائة في عام 2017.

من جهتها، تشير لمياء، التي تحمل شهادة دكتوراه في العلوم الاجتماعية، إلى أنّ "الجامعات التونسية لا يمكنها استيعاب العدد الكبير من حاملي شهادات الدكتوراه سنويّاً. في المقابل، يتوجب على الدولة تأمين وظائف كفيلة بتشغيلهم بحسب تحصيلهم العلمي".

الاستسلام ليس خياراً (فتحي بلعيد/ فرانس برس)


إلى ذلك، يبيّن رئيس جمعيّة طلاب المرحلة الثالثة والباحثين، محمد عبد الوهاب يوسفي، لـ "العربي الجديد"، أنّ نسبة البطالة بين حاملي شهادات الدكتوراه ارتفعت في تخصصات العلوم الإنسانية والاجتماعية، مضيفاً أنّ هؤلاء يعيشون ظروفاً اجتماعية صعبة بسبب طول فترة البطالة، مما اضطر كثيرين إلى النزوح إلى العاصمة والمدن الكبرى للعمل بشكل مؤقت في المقاهي والمطاعم ومحطات بيع الوقود.

ويشير يوسفي إلى أنّ أهم مورد رزق لهؤلاء هو التدريس في مؤسسات التعليم العالي. إلا أن تضاؤل الحاجة إلى المدرسين الجامعيين الحاملين شهادات الدكتوراه يعود أساساً إلى اعتماد الوزارة نظام الساعات الإضافية التي يستفيد منها الأساتذة. وبدلاً من فتح الباب لانتدابات جديدة، يقع تكليف الأساتذة القارّين بساعات إضافية في مقابل منح. ويعتمد على الأساتذة المتعاقدين والأساتذة العرضيين الذين يعيشون بدورهم أوضاعاً مهنية صعبة.

ولمساندة تحرّك حاملي شهادات الدكتوراه، أضرب الأساتذة الجامعيون والباحثون والحاصلون على شهادات دكتوراه عن العمل لمدّة يومين. يشير وزير التعليم العالي، سليم خلبوس، إلى أن مشكلة البطالة هي نتيجة خيارات استراتيجية سابقة وخاطئة، موضحاً أنّ الدولة غير قادرة اليوم على تشغيل جميع حملة الشهادات، بمن فيهم الحاصلون على شهادات دكتوراه في الوظيفة العامة. يضيف أنّ سبب معاناة حاملي شهادات الدكتوراه العاطلين من العمل يتعلق بارتفاع عددهم، وعدم قدرة القطاع العام بشكل عام، والتعليم العالي العام بشكل خاص، على استيعابهم.
من جهته، يؤكد كاتب الدولة لدى وزير التعليم العالي خليل العميري، أنّ الوزارة تشرف على إعداد مشروع إصلاح منظومة التعليم العالي والبحث العلمي، وتوضيح أولويات البحث العلمي، ومناقشة كيفية توجيه النشاطات نحو البحث العلمي، وتفعيل الأقطاب التكنولوجية، إضافة إلى تحسين أوضاع الباحثين وتبسيط الإجراءات.

وفي ما يتعلّق ببطالة حاملي شهادة الدكتوراه، يشير كاتب الدولة إلى أنّه لا يمكن استقطاب ألف حامل شهادة دكتوراه من المتخرجين سنوياً في سوق العمل، موضحاً أن الوزارة تفكر في كيفية الاستفادة من المهارات العلمية لطلاب الدكتوراه، في ظل عدم قدرة الجامعة التونسية على استقطاب هذا الكم الهائل من المتخرجين. كذلك، تعتزم اعتماد بعض الحلول على المدى القريب، منها تعهد الدولة بنسبة 80 في المائة من أجر طالب الدكتوراه الذي يلتحق بمؤسسة عامة أو خاصة لمدّة سنة قابلة للتجديد، وقد خصصت 2.5 مليون دولار لهذا الأمر.