أقر المكتب القيادي لحزب "المؤتمر الوطني" الحاكم في السودان تعيين النائب الأول للرئيس عمر البشير، بكري حسن صالح، ليشغل منصب رئيس الوزراء، وهو منصب استحدث لأول مرة منذ وصول البشير إلى السلطة عام 1989، على أن يتمّ الإعلان عن ذلك بمرسوم جمهوريّ يوم غد الخميس.
وقال مساعد الرئيس السوداني ونائبه في الحزب، إبراهيم محمود، للصحافيين، عقب انتهاء اجتماع المكتب القيادي اليوم، إن "الأخير وافق على أن يشغل بكري حسن صالح منصب رئيس الوزراء، مع الاحتفاظ بمنصبه نائبًا أول للرئيس البشير".
وأضاف أن "الرئيس البشير سيصدر غدًا مرسومًا بتعيين صالح في المنصب، ليبدأ تشكيل حكومته بالتشاور مع القوى السياسية التي شاركت في الحوار الوطني".
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، صادق البرلمان على تعديل دستوري استحدث منصب رئيس الوزراء لأول مرة منذ وصول البشير إلى السلطة في 1989.
وجاء التعديل الدستوري إنفاذًا لتوصيات الحوار الوطني الذي دعا له البشير، وقاطعته غالبية فصائل المعارضة المسلّحة.
ويرى مراقبون أن اختيار بكري، والذي يحظى بثقة الرئيس البشير، ويجد ارتياحًا من المؤسسة العسكرية التي ينتمي إليها، بمثابة إشارة لانسحاب البشير من المشهد السوداني، وتهيئة الرجل ليكون بديلًا له، على اعتبار أن فترة الثلاثة أعوام ستكون كافية للوقوف على مقاليد ومفاصل الحكومة، بالنظر لتجربته السابقة وقربه من البشير.
وعرف عن بكري أنه قليل الكلام، ولا يحب الأضواء، لذا لقّبه الصحافيون بـ"الرجل الصامت"، وخلال الأعوام الأربعة الأولى من عمر النظام، والذي جاء عبر انقلاب عسكري، لم تظهر له أية صورة في وسائل الإعلام. لكن مقربين من الرجل عزوا ذلك إلى الملفات الأمنية والعسكرية الخاصة التي تولاها في تلك الفترة، والتي كان مسؤولًا فيها عن حماية النظام، وغلب عليها الطابع الأمني.
ولعب بكري دورًا محوريًّا في عملية "انقلاب الإنقاذ"، وهو أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة الـ"15" الذين ما زالوا في السلطة إلى جانب الرئيس البشير، أما البقية فبعضهم توفى، والبعض الآخر أبعد عنها، فضلًا عمن هجروها. وتربط بكري علاقة صداقة وطيدة بالرئيس البشير، والذي زامله في "سلاح المظلمات"، كما تولى منصب مدير مكتبه، عندما كان يشغل منصب قائد المظلات وقتها.
وتنقل رئيس الوزراء الجديد، بين عدد من المواقع منها وزيراً للدفاع وللداخلية ورئاسة الجمهورية، كما تولى منصب مدير جهاز الأمن لفترة قصيرة، ولحين تعيينه نائباً أولا للرئيس البشير، كان وزيرا في رئاسة الجمهورية.
أثير جدل بشأن انتماء بكري للحركة الإسلامية، منذ سنين، فبينما يؤكد مقربون منه أن لا علاقة له بها، يؤكد آخرون في الحركة نفسها أنه كان منظَماً، منذ أن كان طالباً في الثانوية.
يجيد بكري اللعب خلف الكواليس بشكل أساسي، ولكنه بعيد تماماً عن السياسة، ولا يجيد فنونها إذ بقي طوال تلك الفترة يدير ملفات أمنية خاصة، بعيداً عن الأضواء، حتى أن أعضاء في المؤتمر الوطني، أكدوا ان الرجل لم يسبق له أن شارك شخصياً في نشاط حزبي. وجزم هؤلاء بأن أول علاقة له بالعمل السياسي والحزبي، جاءت بعد تعيينه نائباً لرئس حزب المؤتمر الوطني، ونائب الأمين العام للحركة الاسلامية.
إلى ذلك، لعب دوراً بارزاً في ملف اتفاقية السلام الشامل الذي وقعته الحكومة السودانية مع الحركة الشعبية، بزعامة جون قرنق في 2005م، وأفضت في نهاياتها الي انفصال الجنوب وتكوين دولته المستقلة. كان مسؤولاً حينها عن ملف الترتيبات الأمنية، واتخذ مواقف اعتبرتها بعض قيادات الحركة الشعبية أنها جريئة.