البرلمان المصري يمرر 995 تشريعاً حكومياً في 4 سنوات

17 يوليو 2019
مدّد البرلمان حالة الطوارئ 10 مرات (فرانس برس)
+ الخط -



بانتهاء دور الانعقاد السنوي الرابع لمجلس النواب المصري، أمس الأول الإثنين، يكون البرلمان الموالي لسلطة الرئيس عبد الفتاح السيسي قد مرر 996 تشريعاً إجمالاً، بواقع 156 قانوناً في دوره الرابع، و197 تشريعاً في دوره الثالث، و219 قانوناً في دوره الثاني، و82 تشريعاً في دوره الأول، فضلاً عن إقرار 342 قراراً بقانون أصدرها رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي في غيابه، خلال الخمسة عشر يوماً الأولى لانعقاد البرلمان في 10 يناير/كانون الثاني 2016.

غير أن السيسي اعترض على سبع من مواد قانون "الأبحاث السريرية"، وأعاده للمناقشة مجدداً داخل البرلمان، الذي وافق عليه في 14 مايو/أيار 2018، نتيجة الاعتراضات الواسعة على القانون من بعض الدوائر العلمية والمهنية، بسبب فرض عقوبة السجن المشدد والغرامة "لكل من أجرى بحثاً من دون الموافقة المستنيرة للمبحوث"، واشتراط عرض نتائج الأبحاث على المخابرات العامة، تحت ذريعة الحفاظ على الأمن القومي.
وقال مصدر بارز في الأمانة العامة للبرلمان، لـ"العربي الجديد"، إن "التشريعات التي مررها المجلس كافة أُعدّت من الحكومة، باستثناء 8 تشريعات تقدّم بها النواب، من بينها قانون (الأبحاث السريرية)"، مشيراً إلى "تكدّس العشرات من مشاريع القوانين المقدمة من النواب في درج مكتب رئيس البرلمان، علي عبد العال، الذي يُعطي أولوية لتشريعات الحكومة في المناقشة، بوصفه المسؤول عن وضع جدول أعمال الجلسات العامة".
وحسب محاضر مجلس النواب، لم يتحدث 144 نائباً من مجموع 595 برلمانياً مطلقاً خلال دور الانعقاد الرابع، الذي شهد انعقاد 72 جلسة عامة بمجموع 222 ساعة. وهي الظاهرة المعروفة في مصر بـ"نواب أبو الهول"، كون هؤلاء الأعضاء لم يطلبوا الكلمة على مدى عام كامل، الأمر الذي يعني عدم تقدمهم بأي تعديلات على 156 تشريعاً مررها البرلمان، أو استخدامهم لأي من الأدوات الرقابية المكفولة دستوراً في مساءلة الحكومة.

ولم يرفض مجلس النواب أي تشريع مقدّم من الحكومة على مدار أربع سنوات، في الوقت الذي وافق فيه على 10 قرارات رئاسية متتالية بفرض وتمديد حالة الطوارئ في كل أنحاء البلاد بمجموع 30 شهراً، في مخالفة لنصوص الدستور التي قيدت استمرار حالة الطوارئ لأكثر من 6 أشهر متصلة، هذا إلى جانب إقراره 65 اتفاقية قروض ومنح دولية في دور الانعقاد الرابع، بما يحمل الأجيال المقبلة مزيداً من الديون.

وشهد دور الانعقاد المنقضي تمرير حزمة من التشريعات التي أثارت حالة من الغضب الواسع لدى المصريين، لا سيما المتعلقة ببيع الجنسية المصرية مقابل شراء عقار مملوك للدولة، أو لغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، وفرض رسوم كبيرة على تراخيص المحال العامة تصل إلى 100 ألف جنيه (6 آلاف دولار) سنوياً، وضريبة على العقارات المبنية، وعلى منع طلاب التعليم المفتوح من الالتحاق بجداول نقابة المحامين.

ووافق البرلمان على أربع موازنات عامة غير دستورية للدولة، عن الأعوام المالية 2016-2017، و2017-2018، و2018-2019، و2019-2020، التي حسمت من المخصصات الدستورية لبنود الصحة والتعليم لصالح زيادة مخصصات الدفاع والأمن والقضاء، مخالفة بذلك مواد الدستور أرقام 18 و19 و21 و23، المتعلقة بتخصيص نسبة 10 في المائة من الناتج القومي الإجمالي لقطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمي.

وانفرد مجلس النواب الحالي بعدم مناقشة أي استجواب ضد رئيس الحكومة، أو أحد وزرائها، بهدف مساءلتهم أو محاسبتهم، في واقعة غير مسبوقة لأي من المجالس النيابية المصرية عبر تاريخها، نتيجة تورط رئيس البرلمان في تعطيل كافة الاستجوابات المقدمة من النواب بحق العديد من الوزراء، في مخالفة للمادة 130 من الدستور التي أوجبت مناقشة الاستجواب خلال 7 أيام من تاريخ تقديمه، وبحد أقصى خلال 60 يوماً.



وينطلق دور الانعقاد السنوي الخامس والأخير للبرلمان الحالي في الأسبوع الأول من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، بعد أن تورط في تمرير مجموعة من التشريعات "سيئة السمعة" أخيراً، ولعل أبرزها تعديلات قوانين التأمينات الاجتماعية والمعاشات، وتنظيم ممارسة العمل الأهلي، والمحاماة، والمحاكم الاقتصادية، وضريبة الدمغة، والجامعات الأهلية، والمنظمات النقابية العمالية، وهيئة الدواء المصرية.

تجدر الإشارة إلى موافقة أغلبية مجلس النواب على مشروع تعديل الدستور في إبريل/نيسان الماضي، والذي استهدف تمديد فترة حكم السيسي حتى عام 2030 بدلاً من 2022، وتشكيل مجلس أعلى للهيئات والجهات القضائية برئاسته، فضلاً عن منحه سلطة تعيين جميع رؤسائها، من دون اكتراث بمبدأ الأقدمية الراسخ في القضاء المصري، وإنشاء غرفة برلمانية "صورية" تحت اسم "مجلس الشيوخ" بلا صلاحيات تشريعية أو رقابية.
ووجّه رئيس البرلمان التحية للسيسي في الجلسة الختامية لدور الانعقاد الرابع، قائلاً للنواب: "التحية للرئيس السيسي يجب أن تكون وقوفاً، تقديراً لدوره في نهضة البلاد خلال الفترة الأخيرة"، مستطرداً "أقول من هذه المنصة إن ولائي هو للرئيس السيسي بعد الله تعالى، لأنه رجل شجاع ومخلص ووفي، ومقاتل بطبعه، وتحمل الصعاب والمسؤولية انطلاقاً من دوره الوطني".

كلمات عبد العال تركت مردوداً سيئاً لدى قدامى البرلمانيين، على غرار كمال أحمد، وعبد المنعم العليمي، وأحمد البرديسي، وسعداوي راغب، وسعد الجمال، كون الدستور يؤكد استقلال السلطة التشريعية عن نظيرتها التنفيذية، مستشهدين في أحاديثهم الخاصة بعدم تلفظ رئيس مجلس الشعب السابق، فتحي سرور، بمثل كلمات المحاباة هذه للرئيس المخلوع، حسني مبارك، على الرغم من انتمائهما إلى حزب واحد آنذاك (الحزب الوطني المنحل).