البرلمان المصري يقرّ مواد قانون العمل الأهلي

14 يوليو 2019
من جلسة سابقة للبرلمان المصري (فرانس برس)
+ الخط -

وافق مجلس النواب المصري، الأحد، على مجموع مواد مشروع قانون "تنظيم ممارسة العمل الأهلي" الجديد، وإحالته إلى مجلس الدولة (جهة قضائية) للمراجعة، تمهيداً للتصويت نهائياً عليه غداً الاثنين، والذي جاء استجابة لضغوط غربية، استباقاً لحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي اجتماعات قمة السبع الكبار في فرنسا الشهر المقبل.

وخفض البرلمان الحد الأدنى للغرامات من 500 ألف جنيه إلى 100 ألف جنيه، مع الاحتفاظ بالحد الأقصى بقيمة مليون جنيه، لكل من تلقى أو أرسل بصفته رئيساً أو عضواً أو عاملاً في جمعية أو مؤسسة أهلية، أو أي كيان يمارس العمل الأهلي، أموالاً من جهة أجنبية أو محلية، أو جمع التبرعات من الغير بالمخالفة لأحكام القانون.

كما خفض الغرامة من 200 ألف جنيه إلى 50 ألف جنيه، مع الاحتفاظ بالحد الأقصى بقيمة 500 ألف جنيه، لكل شخص طبيعي أو اعتباري منح تراخيص لأي كيان لمزاولة أي نشاط يدخل في أغراض مؤسسات المجتمع الأهلي، أو امتنع عمداً عن تمكين الجهة الإدارية من متابعة وفحص أعمال الجمعية، أو نقل المقر من دون إخطار الجهة الإدارية خلال ثلاثة أشهر.

ووافق مجلس النواب على إعفاء الجمعيات الأهلية من رسوم التسجيل والقيد، ومن ضرائب ورسوم الدمغة المفروضة على العقارات المملوكة لها، وكذا الضرائب الجمركية والرسوم الأخرى المفروضة على ما تستورده من عدد وآلات وأجهزة ولوازم إنتاج وسيارات، وما تتلقاه من هدايا ومعونات من الخارج.

وأقر البرلمان خضوع الجمعيات الأهلية لرقابة البنك المركزي المصري، كون أموالها في إطار الأموال العامة، بحيث تلتزم الجمعيات بفتح حساب مصرفي في أحد البنوك الخاضعة لرقابة البنك المركزي، فإذا زاد أي من مجموع إيرادات الجمعية السنوية، أو مصروفاتها السنوية، على خمسة ملايين جنيه، كان لها الحق في فتح حسابات أخرى ببنوك أخرى بعد موافقة الجهة الإدارية المختصة.

وحظر مجلس النواب مشاركة الجمعيات الأهلية في أي من المضاربات المالية، مع إنفاق أموالها في الأغراض المخصصة لها، واستثمار فائض إيراداتها على نحو يضمن لها الحصول على مورد مالي ملائم، أو إعادة توظيفها في مشروعاتها الإنتاجية والخدمية لدعم أنشطتها، مع جواز الاحتفاظ بما تتلقاه من عمله أجنبية بحسابها، إذا كان نشاطها يتطلب ذلك، والتصرف فيها بعد مراعاة أحكام القانون وقواعد البنك المركزي المصري.

"إملاءات من الخارج"

من جهته، أعرب رئيس البرلمان علي عبد العال، عن انزعاجه من تصريح بعض النواب بأن تعديلات قانون الجمعيات الأهلية جاءت بسبب الاستجابة لضغوط أو مطالبات خارجية، قائلاً "مصر دولة قوية وعريقة، وكلمتها أصبحت مسموعة في العالم، وبالتالي تشريعاتها وقرارتها نابعة من متطلباتها الوطنية، ولن تكون صدى لأي أصوات في الخارج"، على حد تعبيره.

وزعم عبد العال أن مشروع القانون الحالي استهدف استقرار المجتمع وتحسين منظومة العمل الأهلي، فضلاً عن الاتفاق مع المعايير والمتطلبات الدولية، مستطرداً: "هذا المجلس (البرلمان) لا يأخذ أي إملاءات من الخارج مهما كانت. والواقع كشف أن القانون الحالي به بعض النواقص التي تصدى لها المجلس انطلاقاً من مسؤوليته الدستورية".

بدوره، قال وكيل لجنة التضامن بالبرلمان، محمد أبو حامد: "عندما سُئل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الخارج عن القانون، والملاحظات الموجهة إلى نصوصه، بادر بتوجيه الحكومة لإعادة التوازن بنصوصه. وفور التكليف شُكلت لجنة حكومية من وزارات التضامن الاجتماعي والعدل والخارجية لمراجعته، برئاسة وزيرة التضامن غادة والي".

وكان النائب ضياء الدين داوود قد أعلن رفض تكتل "25-30" (ممثل الأقلية) لتعديلات القانون، قائلاً إنها "جاءت وفق ضغوط خارجية لتنفيذ أجندتها السياسية في مصر"، مضيفاً "التعديل على القانون القائم استند إلى ضغط من عواصم عالمية على الحكومة، وليس تلبية احتياجات داخلية، وهو ما يعتبر أمراً مرفوضاً من المعارضة شكلاً وموضوعاً".


وألغى مشروع القانون "الجهاز القومي لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية"، الذي كان سيُشكّل بقرار جمهوري بعضوية ممثلين لجميع الأجهزة السيادية، كالمخابرات العامّة والرقابة الإدارية والداخلية والدفاع، واستبداله بوحدة جديدة تتبع الوزير المختص، استجابة من النظام المصري للضغوط الغربية حيال تخفيف قيود الترخيص للمنظمات الأجنبية، فضلاً عن إلغاء عقوبات الحبس الواردة في القانون رقم 70 لسنة 2017.

وألزم مشروع القانون الجهة الإدارية "بوضع آلية للتبادل الفوري للمعلومات مع السلطات المختصة لإعمال شؤونها، في حالة توافر اشتباه بتورط أي من المنظمات الأهلية في تمويل الإرهاب، أو استغلالها لذلك الغرض"، علاوة على التوسع في المحظورات التي يجب على الجمعيات تلافيها، ومنح الوزارة أو المحكمة المختصة سلطة وقف ممارسة النشاط، وذلك في الحالات غير المنصوص عليها في التشريع على سبيل الحصر.

ونص التشريع على أن يكون تأسيس الجمعية الأهلية بموجب إخطار، يُقدم إلى الجهة الإدارية المختصة، مع ثبوت الشخصية الاعتبارية لها بمجرد الإخطار، ومنح الحق لكل شخص طبيعي أو معنوي في الانضمام إليها، أو الانسحاب منها، على أن يكون إنشاء الجمعية نظاماً أساسياً مكتوباً يتفق مع نموذج النظام الأساسي، الذي تحدده اللائحة التنفيذية للقانون المرافق.

وأورد مشروع القانون العديد من المصطلحات الفضفاضة، في إطار التضييق على عمل الجمعيات الأهلية، مثل إلزام كل جمعية بعدم إخلال نظامها الأساسي بـ"الأمن القومي" أو "النظام العام" أو "الآداب العامة"، مع حظر عمل الجمعيات في المناطق الحدودية "إلا في المناطق التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء، بعد أخذ رأي المحافظ المختص، وموافقة الجهات المعنية على النحو الذي تنظمه اللائحة التنفيذية".

وحظر التشريع على الجمعيات الأهلية "ممارسة أنشطة مخالفة للأغراض التي تم الإخطار بها، أو أنشطة سياسية أو حزبية أو نقابية، وفقاً للقوانين المنظمة لها، أو استخدام مقرات الجمعية في ذلك، وكذلك تكوين الجمعيات السرّية أو السرايا أو التشكيلات ذات الطابع السرّي أو العسكري أو شبة العسكري، أو الدعوة إلى تحبيذ أو تأييد أو تمويل العنف أو التنظيمات الإرهابية".

كما حظر مشروع القانون "ممارسة أنشطة من شأنها الإخلال بالنظام العام، أو الآداب العامة، أو الوحدة الوطنية أو الأمن القومي، أو الدعوة إلى التمييز بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو اللون أو اللغة أو الدين أو العقيدة، أو أي نشاط يدعو إلى العنصرية أو الحض على الكراهية، أو غير ذلك من الأسباب المخالفة للدستور والقانون".


وحظر كذلك المشاركة في تمويل أو دعم أو ترويج الأحزاب والحملات الانتخابية لأي مرشح في الانتخابات، وكذا الاستفتاءات أو تقديم مرشح في تلك الانتخابات باسم الجمعية، ومنح أي شهادات علمية أو مهنية دون التصريح من الجهة الإدارية أو الجهات المعنية، أو الشراكة الرسمية مع إحدى الجهات أو الجامعات المتخصصة، وفقاً للقواعد المنظمة لذلك الصادرة من المجلس الأعلى للجامعات".

وحظر مشروع القانون أيضاً ممارسة أي أنشطة تتطلب ترخيصاً من جهة حكومية، أو تحقيق ربح لأعضاء الجمعية، أو ممارسة نشاط يهدف إلى ذلك، بالإضافة إلى عدم إجراء استطلاعات الرأي أو نشر أو إتاحة نتائجها، أو إجراء الأبحاث الميدانية، أو عرض نتائجها على الرأي العام "قبل موافقة الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي)، للتأكد من سلامتها، وحيادها، وتعلقها بنشاط الجمعية".

وألزم مشروع القانون المنظمة الأجنبية غير الحكومية، بإنفاق أموالها بشفافية في ما يحقق أغراضها، وبما يتفق مع قواعد النشاط المصرح لها بممارسته داخل مصر، مع حظر استخدام مقارّها في تحقيق أغراض أو ممارسة أنشطة غير مصرح بها، أو لا تتصل بنشاطها.

وحظر التشريع على المنظمة الأجنبية غير الحكومية المصرح لها "إرسال أو نقل أو تحويل أي أموال أو تبرعات إلى أي شخص أو منظمة أو هيئة أو مؤسسة أو جهة في الخارج، إلا بعد موافقة الوزير المختص دون غيره"، كما حظر عليها "تلقي أي أموال من أي شخص طبيعي أو اعتباري بخلاف مصادر تمويلها المنصوص عليها بالتصريح الصادر لها، إلا بعد موافقة الوزير المختص دون غيره".

المساهمون