البرلمان المصري يحمي الفاسدين: غلق ملف بيع تأشيرات الحج نموذجاً

19 أكتوبر 2017
استفاد نواب من تأشيرات الحج (فرانس برس)
+ الخط -
عاد ملف بيع تأشيرات الحج إلى الواجهة في مصر، مع إعلان مصدر نيابي بارز أن "هيئة مكتب البرلمان حفظت المذكرة المقدمة من 30 نائباً، عن تورط خمسة من زملائهم (نعمت قمر، ومحمد عمارة، وثريا الشيخ، وعبير تقبية، ورشاد شكري)، في بيع نحو 100 تأشيرة حج مجانية إلى المواطنين، عبر وساطة شركة سياحية، بمبالغ تراوح ما بين 50 ألف جنيه (2800 دولار) إلى 95 ألف جنيه (5400 دولار) عن التأشيرة الواحدة. وحصل البرلمان المصري على قرابة 1500 تأشيرة حج مُهداة من سفارة الرياض في القاهرة، على سبيل المجاملة، في أعقاب موافقة المجلس النيابي على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، والتي تنازلت بموجبها مصر عن جزيرتي تيران وصنافير لمصلحة السعودية، بواقع تأشيرتين إلى ثلاث لكل نائب.


وكشف المصدر النيابي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "رئيس البرلمان، علي عبد العال، قرر غلق ملف بيع التأشيرات، رافضاً إحالة المذكرة المقدمة من النواب إلى لجنة القيم، للتحقيق فيما نُسب لزملائهم من اتهامات، تسيء إلى صورة المجلس ككل، وذلك بصفته رئيساً لهيئة المكتب، في مخالفة لنصوص اللائحة المنظمة".

وأفاد المصدر بأن "قرار عبد العال أثار حفيظة النواب الموقعين على المذكرة، وهو أحدهم، ما دفع مجموعة منهم للذهاب إلى مكتبه لاستيضاح الموضوع، والذين أذهلهم رد عبد العال بأن القضية أخذت حجماً أكبر من حجمها في وسائل الإعلام، واستغلها معارضون للبرلمان في تشويهه، ومن الأفضل غلق الملف لعدم ثبوت الاتهامات على النواب".

وكان رئيس شركة "أموزيس" للسياحة، عماد الدين شعبان، قد تقدّم بمذكرة إلى عبد العال، قبل 20 يوماً، تكشف بالمستندات عن إيداعه 2.78 مليون جنيه (158 ألف دولار) في حساب النائبة نعمت قمر في مصرف مصر (حكومي)، الكائن في مقر البرلمان، ويحمل رقم (1475-331-156)، نظير بيع عدد 57 تأشيرة حج، خلال فترة لم تجاوز 17 يوماً.

وبحسب المذكرة، فإن "قمر اتصلت بصاحب الشركة، وأبدت رغبتها في توفير عدد من تأشيرات بغرض شرائها، الأمر الذي لاقى قبولاً لديه من دون معرفة مصدر التأشيرات، مشيرة إلى أن عملية التبادل جرت عن طريق مندوبتها، بتوصيل الدفعات (المبالغ) المتفق عليها إلى البوابة رقم (4) لمقر البرلمان، الملاصقة للمصرف المُشار إليه".

مصدر آخر من الموقعين على المذكرة قال إنه "تقدم لعبد العال بنسخة من المحضر الجماعي لنحو 37 مواطناً ضد النائب محمد عمارة، لدى البعثة المصرية للحج، والذي اتهموه فيه بتسلم 95 ألف جنيه (5400 دولار) من كل منهم، بدعوى أنه برنامج متكامل لرحلة الحج، وهو ما اكتشفوا زيفه عند وصولهم إلى المملكة".



وأوضح المصدر لـ"العربي الجديد" أن "عضو ائتلاف الغالبية، النائب رشاد شكري، يملك شركتي سياحة، وأدى دور الوساطة في عملية البيع، إذ هو من حصل على التأشيرات، ومررها إلى عمارة، والذي باعها بدوره إلى المواطنين مباشرة بمحل دائرته، في محافظة البحيرة، مع تقاسمهما المبالغ المحصلة فيما بينهما".

وأشار المصدر إلى "وجود حالة من الاستياء لدى النواب الموقعين على المذكرة الجماعية ضد زملائهم، نظراً لموقف عبد العال، كون عدم التحقيق في تلك الوقائع يؤكد ما ينسب للبرلمان من اتهامات بالتغطية على الفاسدين، نظراً لأن تلك الوقائع تستدعي إسقاط العضوية النيابية عن المتورطين، لتحقيقهم مكاسب مادية من ورائها".

ونصّت المادة (110) من الدستور المصري على أنه "لا يجوز إسقاط عضوية أحد الأعضاء، إلا إذا فقد الثقة والاعتبار، أو أحد شروط العضوية التي انتخب على أساسها، أو أخل بواجباتها، على أن يصدر قرار إسقاط العضوية من مجلس النواب بأغلبية ثلثي أعضائه".

من جهته، عزا عضو تكتل (25 – 30)، أحمد الطنطاوي، موقف عبد العال، إلى "تورّط عدد كبير من النواب في بيع تأشيرات الحج، خلاف الخمسة المعلنة أسماؤهم، ما قد يطعن في ذمة المجلس بأسره"، مرجحاً أن "أغلبهم من المنتمين إلى ائتلاف دعم مصر، والذي وصل من خلاله رئيس البرلمان إلى منصبه".

وأشار الطنطاوي إلى أن "التأشيرات التي حصل عليها النواب لبيعها، تعود لرفض 11 نائباً بالتكتل تسلّم تأشيرات الحج الخاصة بهم، لموقفهم الرافض لتمرير اتفاقية التنازل عن الجزيرتين، إضافة إلى النواب المسيحيين"، معتبراً أن "توقف وسائل الإعلام المحلية عن تناول القضية يعود إلى وجود تعليمات بغلق الملف من دوائر أعلى".

في سياق غير بعيد، اتخذت هيئة مكتب اللجنة التشريعية في البرلمان قراراً غير معلن بعدم الفصل في إسقاط عضوية نائبة ائتلاف الغالبية، سحر الهواري، المسجونة حالياً، بعد صدور حكم نهائي بسجنها خمس سنوات، لتهربها من سداد ديون بقيمة 238 مليون جنيه (13.6 مليون دولار)، عن الفترة السابقة لعام 1998، بعد الادعاء بإفلاسها، هي وشقيقها حازم الهواري.


قرار اللجنة جاء استمراراً لنهج مجلس النواب في التغطية على الفاسدين، لكونها تمضي عقوبة السجن في سجن الحضرة للنساء، بمحافظة الإسكندرية، منذ 24 إبريل/ نيسان الماضي، الأمر الذي يستوجب إسقاط عضويتها النيابية، وفقاً لنصوص الدستور، ولائحة البرلمان.

رئيس اللجنة، البرلماني المعين، بهاء الدين أبو شقة، هو محامي النائبة المتهمة، ومقدّم طلب النقض على الحكم الصادر بحقها. وقد أرجأت اللجنة نظر الموضوع في جلستها، الأحد الماضي، إلى أجل غير مسمّى، بدلاً من اتخاذ قراراً بالتصويت على إسقاط عضويتها في الجلسة العامة، لفقدها شرطي الثقة والاعتبار.

ونصت المادة (389) من لائحة البرلمان على أنه "في حالة إخطار رئيس المجلس من السلطة المختصة بصدور أحكام قضائية، أو تصرفات أو قرارات، يترتب عليها قانوناً أن يفقد العضو أحد الشروط اللازمة للعضوية، أو الصفة التي انتخب على أساسها، والتي يترتب على فقدها إسقاط العضوية عنه".

تجدر الإشارة إلى أن البرلمان، الموالي للرئيس عبد الفتاح السيسي، يرفض تنفيذ حكم نهائي لمحكمة النقض (الأعلى في البلاد)، صدر قبل خمسة عشر شهراً، بإسقاط عضوية النائب أحمد مرتضى منصور (نجل رئيس نادي الزمالك، مرتضى منصور)، لثبوت وقائع التزوير لصالحه في دائرة الدقي والعجوزة، والتي كان يترأسها قاضي الإعدامات، ناجي شحاتة، وتصعيد منافسه عمرو الشوبكي، بدلاً منه.

ونصّت المادة (107) من الدستور على أن "تختصّ محكمة النقض بالفصل فى صحة عضوية أعضاء مجلس النواب، وتقدم إليها الطعون خلال مدة لا تجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان النتيجة النهائية للانتخاب، وتفصل في الطعن خلال ستين يوماً من تاريخ وروده إليها. وفي حالة الحكم ببطلان العضوية، تبطل من تاريخ إبلاغ المجلس بالحكم".