يتأهب مجلس النواب المصري لمناقشة مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام، المعد من الحكومة والذي يتوسع في فرض القيود على العاملين في المجالين الصحافي والإعلامي، بالتزامن مع قانون آخر لمكافحة الجرائم الإلكترونية.
يسعى نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، من خلال التشريعين في الشهر الحالي، إلى تقنين حجب المواقع الإلكترونية، وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، من غير الموالية للسلطة العسكرية الحاكمة، تحت دعاوى نشرها لأخبار كاذبة، وتعارض موادها مع اعتبارات "الأمن القومي"، أحد المصطلحات الفضفاضة التي تتوسع الحكومة المصرية في استخدامها عند إعداد التشريعات الصحافية والإعلامية.
يسعى نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، من خلال التشريعين في الشهر الحالي، إلى تقنين حجب المواقع الإلكترونية، وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، من غير الموالية للسلطة العسكرية الحاكمة، تحت دعاوى نشرها لأخبار كاذبة، وتعارض موادها مع اعتبارات "الأمن القومي"، أحد المصطلحات الفضفاضة التي تتوسع الحكومة المصرية في استخدامها عند إعداد التشريعات الصحافية والإعلامية.
وعمدت حكومة السيسي إلى وضع مزيد من القيود على إنشاء الصحف بمواد قانون الإعلام الجديد، من بينها ألا يقل رأس مال الصحيفة اليومية عن ثلاثة ملايين جنيه، والأسبوعية عن مليون جنيه، والشهرية، والإقليمية، والمواقع الإلكترونية عن 500 ألف جنيه، لكل منها، مع إيداع المال بالكامل قبل إصدار الصحيفة أو إطلاق الموقع في أحد البنوك العاملة في مصر.
وعلى الرغم من نص المادة (71) من الدستور على "عدم توقيع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية"، إلا أن القانون نص على جواز الحبس الاحتياطي للصحافي (الإعلامي) في حالات التحريض على العنف، أو التمييز بين المواطنين، أو الطعن في أعراض الأفراد، أو في الجرائم المتعلقة بالمساس بالأمن القومي".
وفي نهاية ديسمبر/كانون الأول عام 2016، صدّق السيسي على قانون التنظيم المؤسسي لتنظيم الصحافة والإعلام، بعد إقراره من البرلمان، والذي وضع قيوداً مشددة على منح تراخيص الصحف الخاصة، والمواقع الإلكترونية، بالمخالفة للمادة (70) من الدستور، التي نصت على إصدار الصحف بمجرد الإخطار، وحق ملكيتها، وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ووسائط الإعلام الرقمي.
نهاية العام
وبينما صرح رئيس لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان، أسامة هيكل (صحافي عسكري سابق)، بأن اللجنة ليست في عجلة من أمرها لإصدار قانون الإعلام، بعد تلقيها مقترحات الجهات المخاطبة بنصوصه، غير أن وكيل اللجنة، جلال عوارة، قال لـ "العربي الجديد" إن اللجنة تضع مناقشة القانون على رأس أولوياتها بدور الانعقاد الجديد، مرجحاً تمريره في صورته الأخيرة قبل نهاية العام الجاري.
واعتبر عوارة أن خروج القانون إلى النور سيسهم في عملية تطوير المؤسسات الصحافية والإعلامية الحكومية، وإعادة هيكلتها بما يتناسب مع أوضاع البلاد الاقتصادية، منوهاً إلى أهمية الإسراع في تطوير تلك المؤسسات، وتقليص مديوناتها، وتطهيرها من العناصر المناوئة للدولة (النظام الحاكم)، وبخاصة من المنتمين إلى جماعة الإخوان "الإرهابية"، حسب تعبيره.
في السياق ذاته، تبدأ لجنة الإعلام بالبرلمان في مناقشة الاقتراحات الواردة بمذكرة الهيئة الوطنية للصحافة عن القانون، منتصف أكتوبر/تشرين الأول الحالي، والتي طالبت فيها بالنص على عدم جواز الحبس الاحتياطي في الجرائم التي تقع بواسطة الصحافيين والإعلاميين المتعلقة بممارسة عملهم، وترك التقدير لسلطات التحقيق أو المحاكمة، في ما يتعلق بجرائم التحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد.
تأديب الصحافيين
وأوصت هيئة الصحافة بإضافة فصل جديد إلى القانون، تحت عنوان "تأديب الصحافي والإعلامي"، يتضمن عدداً من المواد، من أبرزها أن تختص نقابة الصحافيين وحدها بتأديب أحد أعضائها، ونقابة الإعلاميين بتأديب أحد أعضائها، بواسطة لجنة للشكاوى المهنية لكل منهما، مع تطبيق الأحكام الواردة في قانون كل نقابة، وفي ميثاقي الشرف الصحافي والإعلامي.
وبحسب مقترح الهيئة، فإنه يجوز للصحافي (الإعلامي) الطعن في قرار اللجنة أمام هيئة تأديب تتكون من عضو بإحدى دوائر محكمة استئناف القاهرة، وعضوين يختار أحدهما مجلس النقابة المعنية من بين أعضائه، ويختار ثانيهما الصحافي (الإعلامي) المحال إلى التأديب، على أن يُفصل في الاستئناف خلال 15 يوماً من تاريخ إبلاغ العضو بقرار هيئة التأديب الابتدائية.
مد التقاعد
كما دعت الهيئة إلى تعديل النص الخاص بتشكيل مجلس تحرير في كل صحيفة، إذ طالبت بألا يزيد عدد أعضاء مجلس التحرير عن ثمانية من معاوني رئيس التحرير، ومد سن التقاعد للعاملين بالمؤسسات الصحافية القومية بعد بلوغ الستين عاماً حتى سن الخامسة والستين، بقرار من الهيئة، بشرط مضي عشرين عاماً على عضويته بالنقابة المعنية، وألا يكون صدر ضده عقوبة تأديبية في السنوات الثلاث السابقة للقرار.
وتضمنت مقترحات الهيئة "عدم جواز الجمع بين منصبي رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير للمؤسسة الصحافية، إلا في حالة الضرورة، وبقرار مُسبب من الهيئة الوطنية للصحافة"، فيما كان النص الوارد من الحكومة يقضي بعدم جواز الجمع بين منصبي رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير بشكل مطلق.
فصل الإعلامي
بدورها، طالبت الهيئة الوطنية للإعلام، في إفادتها المرسلة للبرلمان، بعدم جواز فصل الإعلامي (الصحافي)، إلا بعد التحقيق معه، وإخطار النقابة المعنية بمبررات الفصل، وانقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ الإخطار، تعمل خلالها النقابة المخاطبة على محاولة التوفيق بينه وبين جهة عمله، مع عدم جواز وقف راتبه خلال مدة التوفيق.
وطالبت هيئة الإعلام بحذف المادة (67) من القانون، الخاصة بعدم جواز بث المواد الإعلامية والمسموعة والمرئية والرقمية على الهواتف الذكية "قبل الحصول على ترخيص من المجلس الأعلى لشؤون الصحافة والإعلام"، نظراً لاستحالة تنفيذها من الناحية الفنية، علاوة على حذف المادة (101) المتعلقة بتشكيل جمعية عمومية للمؤسسة الإعلامية بقرار من الهيئة.
السيطرة على الإعلام
وتواصل الدائرة الاستخباراتية (الموالية للسيسي) إحكام قبضتها على أغلب وسائل الإعلام الخاصة، بعد ضخ أكثر من مليار جنيه لإنشاء مجموعة قنوات "دي إم سي"، تحت إدارة ضابط الاستخبارات السابق، طارق إسماعيل، وشراء شبكة قنوات "العاصمة"، من خلال شركة وسيطة تدعى "شيري ميديا"، ويديرها المتحدث الرسمي السابق للجيش، العميد محمد سمير.
كما أتمت شركة "فالكون غروب"، التي يرأس مجلس إدارتها، الوكيل السابق لجهاز الاستخبارات الحربية، اللواء شريف خالد، صفقة شراء شبكة تلفزيون "الحياة"، بقيمة إجمالية بلغت ملياراً و400 مليون جنيه، بعد شراء أسهم القناة بالكامل من رئيس حزب الوفد، رجل الأعمال، السيد البدوي، في صفقة وصفت بـ "الأضخم" في الوسط الإعلامي، خلال السنوات الأخيرة.