وانعقد مجلس النواب لأيام معدودة على فترات متقطعة. وأوقف جلساته في 8 مارس/آذار الحالي لمدة 19 يوماً، لحين إلقاء الحكومة لبيانها في 27 مارس، بعدما حصر ما سّماها إنجازاته بالفترة المنقضية في "البصم" على 340 قراراً بقانون صادر من رئيس الجمهورية، من دون مناقشة، فضلاً عن استغراق شهرين كاملين للانتهاء من لائحته الداخلية، المعروضة حالياً على مجلس الدولة (جهة قضائية) لمراجعة صياغات موادها.
اقرأ أيضاً: لغة الإشارة تفضح صراع الأذرع والأجهزة المصرية
ويغيب عن نواب الأحزاب، تماماً كما المستقلين، تحضير أجندة تشريعية فاعلة تمس المواطن المصري، وسط معاناته المستمرة على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. واكتفى النواب بالظهور في القنوات الفضائية للحديث عن تشريعات فضفاضة، ووعود بمستقبل أفضل، من دون خطط تشريعية محددة المعالم.
ولم تعلن الأحزاب والتكتلات الرئيسية تحت القبة عن أجندتها التشريعية بشكل مُفصل، بل أعلنت قياداتها ملامح عريضة عن الصحة والتعليم والعدالة. فتكتل "25 – 30" يتحدث عن تشريعات العدالة الاجتماعية، وحزب المصريين الأحرار عن الإصلاحات الاقتصادية، وحزب مستقبل وطن عن تطوير التعليم، وحزب المحافظين عن مكافحة الفساد.
الوقوف خلف الحكومة
أما ائتلاف "دعم مصر"، المحسوب على الأجهزة الأمنية، الساعي للأغلبية النيابية، يقول نائب رئيسه، أسامة هيكل، إنه سيتبنى المشروعات المقدمة من الحكومة حال انحيازها لصالح المواطن. ويبرر عدم وضع نوابه، البالغ عددهم 250 عضواً، لأجندة تشريعية بـ"استغراق الائتلاف في مناقشات اللائحة الجديدة، وتنظيم قواعده من الداخل، وانتخاب مكتبه السياسي".
ويلفت هيكل في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أنّ الائتلاف سيضع خطة تشريعية متكاملة عقب تشكيل اللجان المتخصصة، لكن يوضح أنه "لن يكون لها محل في دور الانعقاد الحالي، لأنه لم يتبق عليه سوى ثلاثة أشهر (يُفض في نهاية يونيو/حزيران وفقاً للدستور)، سيخصَّص شهر منها لمناقشة بيان الحكومة، والشهران المتبقيان سيخصصان للالتزامات الدستورية ممثلة في قانوني دور العبادة الموحد، والعدالة الانتقالية، فضلاً عن "الخدمة المدنية الجديد، وتعديلات قانون الشرطة"، التي أوصى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بسرعة الانتهاء منها.
وكان رئيس البرلمان، علي عبد العال، قد قال صراحة خلال لقائه بوفد نقابة الصحافيين، قبل أيام، إن المجلس غير مُلزم بإقرار تشريعات خلال دور انعقاده الحالي سوى التي نصّ عليها الدستور، ممثلة في قوانين العدالة الانتقالية، ودور العبادة الموحد، والمفوضية الوطنية للانتخابات، مؤكداً إرجاء التشريعات الخاصة بالصحافة والإعلام.
تشريعات الضرورة
يؤيد رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار، علاء عابد، حديث عبد العال بشأن عدم وجود قوانين عاجلة سوى التي ألزم بها الدستور، مشيراً إلى أن أجندة حزبه، الذي أسسه ويموله الملياردير نجيب ساويرس، تركز على التشريعات الاقتصادية، ولا سيما المتعلقة بتشجيع الاستثمار، وعدد من قوانين الصحة والتعليم، من دون الكشف عن تفاصيلها بشكل محدد. يقول عابد في تصريح خاص بـ"العربي الجديد" إنه بمجرد الانتهاء من تشكيل اللجان سيتبنى الحزب ثلاثة مشاريع قوانين، يربط الأول خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة بموازنتها العامة، على أن يتضمن أُطراً لمراقبة تنفيذ الدولة لالتزاماتها الدستورية. ووفقاً لعابد، من المقرر أن يتبنى الحزب مشروعاً ثانياً لتنظيم بناء الكنائس، بما يكفل للمسيحيين حرية ممارسة شعائرهم الدينية، وثالثاً للعدالة الانتقالية بما تشمله من مصالحة وطنية وتعويض للضحايا، وفقاً لما نص عليه الدستور.
لا قوانين عاجلة
من جهته، يؤكد المتحدث باسم هيئة حزب الوفد، محمد فؤاد، أنه لا يوجد على أجندة الحزب التشريعية قوانين عاجلة، سوى مشروع بديل للخدمة المدنية، أعدّته الهيئة البرلمانية للحزب، يتلافى العوار الدستوري للقانون الذي رفضه النواب في يناير/كانون الثاني الماضي. ويضاف إلى ذلك مشروع "المجالس المحلية" المُعد من نائبه أحمد السجيني، المرشح لرئاسة لجنة الإدارة المحلية، والذي يُمهد لإجراء انتخابات المحليات.
ووفقاً لفؤاد فإن الحزب يهدف إلى تعديل عدد من التشريعات الاقتصادية وفي مقدمتها قانون الاستثمار، بحيث يسهّل من إجراءات جذب المستثمرين، فضلاً عن تعديل قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين، ليسمح بمنحهم حق تشريع أحوالهم طبقاً لمعتقداتهم الدينية. كما يريد الحزب قانوناً يلغي العلاج على نفقة الدولة، مقابل تأمين صحي شامل للمواطنين يشارك فيه القطاعان العام والخاص.
خفض سن الزواج... وإحالة المرأة للمعاش المبكر
في غضون ذلك، أعلن عدد من النواب المستقلين عن "نيتهم" التقدم بمشروعات قوانين، كان من أبرزها تخفيض سن الزواج إلى 16 عاما للأنثى، و18 عاماً للذكر، بدعوى انتشار الزواج العرفي غير الموثق، بحسب نائب محافظة الجيزة أحمد سميح (مأذون سابق). يضاف إلى ذلك، خفض سنّ إحالة المرأة للمعاش إلى 50 عاماً، بدعوى تفرغها لمنزلها وتوفير أماكن لعمل الشباب، وفقاً لنائب محافظة القليوبية حاتم عبد الحميد، على الرغم من مخالفة هذا الاقتراح لمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة ومنع التمييز المنصوص عليه في الدستور.
ضعف الخبرة البرلمانية
يرجع النائب عبد المنعم العليمي، الذي يُطلق عليه لقب "شيخ المستقلين" تحت قبة البرلمان، ضعف أداء النواب المستقلين إلى حداثتهم بالحياة البرلمانية، وكون غالبيتهم من النواب الجدد، فضلاً عن تأهيل النواب السابقين لأنفسهم. ويشير إلى أن النواب المنتمين لكيانات حزبية أفضل حالاً، لأن أحزابهم توفر لهم مساعدين ومتخصصين في إنجاز عملهم البرلماني.
يذكر أن عدداً من النواب المستقلين تقدموا بطلب إلى الأمانة العامة للبرلمان قبل أيام بتخصيص باحثين ومعاونين من العاملين بمجلس النواب، لتقديم أوجه الدعم القانوني والفني للنواب، ولا سيما الجدد منهم، في سائر الأعمال البرلمانية بما في ذلك تقديم مشروعات القوانين، وطلبات الإحاطة، والاستجوابات الموجهة ضد الحكومة.
اقرأ أيضاً: مؤشرات الفشل الأمني في مواجهة هجمات "ولاية سيناء" تتزايد