فشل البرلمان التونسي، اليوم الأربعاء، في انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، بعد عدم حصول أي مرشح على ثلثي أصوات الجلسة العامة، بما يعيد المسار الانتخابي إلى المربع الأول، وفتح باب الترشيح من جديد.
ووصف رئيس البرلمان التونسي، محمد الناصر، نتائج انتخابات المحكمة الدستورية بـ"المخيبة للآمال". فرغم عقده اثنتي عشر جلسة للتوافقات، أشرف عليها بنفسه مع رؤساء الكتل والمجموعات النيابية الثماني، في محاولة منه لتقريب وجهات النظر بين الاحزاب المتنافسة، إلا أن النتيجة كانت الفشل.
وحمّل الناصر الأحزاب والكتل مسؤولية تجاوزها التعهّد المكتوب والموقع من قبل رؤساء الكتل البرلمانية، والقاضي بالتصويت على أربعة مرشحين من بين ثمانية، وهم القاضية روضة الورسغيني، والحقوقي العياشي الهمامي، وأستاذة القانون الدستوري سناء بن عاشور، وعميد كلية الزيتونة للشريعة عبد اللطيف البوعزيزي.
وأعلن البرلمان فشل الدورة الانتخابية الثالثة والأخيرة بحصول المرشح العياشي الهمامي على 97 صوتا، فيما حصلت سناء بن عاشور على 68 صوتا، وزهير بن تنفوس على 8 اصوات، ونجوى الملولي على 19 صوتا، وسليم اللغماني على 47 صوتا، وعبد اللطيف البوعزيزي على 88 صوتا، وشكري مبخوت على 55 صوتا، وبالتالي لم يحصل أي مرشح على ثلثي أصوات المجلس (145 صوتا).
واتهم النائب غازي الشواشي، أمين عام حزب "التيار الديمقراطي"، كتلة "الحرة" لحزب "مشروع تونس"، الذي يتزعمه محسن مرزوق، بـ"الانقلاب على التوافق والتراجع عن التعهد الذي قطعه رؤساء الأحزاب الحاكمة والمعارضة"، مشيرا إلى أن "كتلة الحرة تعمدت تعطيل انتخاب المحكمة الدستورية عبر رفضها المرشح التوافقي العياشي الهمامي".
ولفت الشواشي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "سيتم فتح باب الترشيحات للمحكمة الدستورية من جديد، وهو أمر يستغرق أشهرا طويلة، بسبب كتل وأحزاب تريد وضع محكمة دستورية على مقاسها"، مبينا أن "هذه الكتل تعمل على تسييس المحكمة الدستورية دون مراعاة المصلحة الوطنية وقواعد العمل الديمقراطي".
من جانبه، اعتبر القيادي في حزب "مشروع تونس"، النائب صحبي بن فرج، أن "تصريحات الشواشي تدخل في باب المزايدات السياسية والفرقعات الإعلامية"، منددا باتهام كتلة "الحرة" بتعطيل مسار انتخاب المحكمة الدستورية، معتبرا أن "تعطيل الانتخابات مرده المتمسكون بمرشح وحيد دون غيره من بين السبعة المتبقين".
ويرى مراقبون أن هناك "نية مبيتة" بعدم انتخاب المحكمة الدستورية، حيث تمثل المحكمة من جهة عائقا أمام تعديل الدستور، أو المس بالنظام البرلماني الحالي، إذ بدون تنصيبها لا يمكن تقديم أي مبادرات من الرئيس الباجي القايد السبسي، وهو شأن معارضي تغيير النظام السياسي، في حين يعمل الراغبون في تغيير النظام السياسي، من جهة أخرى، على إصدار قانون جديد للمحكمة الدستورية عبر تعطيل انتخاب أعضائها أولا.
وفازت القاضية روضة الورسغيني فقط، الأسبوع الماضي، بثقة البرلمان، لتكون بذلك هي العضو الوحيد في المحكمة الدستورية في انتظار انتخاب 3 أعضاء آخرين، قبل أن يشرع المجلس الأعلى للقضاء بدوره في تعيين 4 أعضاء، على أن يعين رئيس الجمهورية 4 أعضاء، بما مجموعه 12 عضوا.