قرر البرلمان الأوربي، اليوم الخميس، رفع الحصانة البرلمانية عن مرشحة حزب الجبهة الوطنية للانتخابات الرئاسية، والنائبة في البرلمان الأوروبي، مارين لوبان.
وجاء القرار تلبية لطلب من القضاء الفرنسي الذي يحقق في قضية نشر زعيمة الحزب اليميني المتطرف "صورا عنيفة" كانت بثتها، في 16 ديسمبر/كانون الأول 2015 الماضي، عبر موقعها على "تويتر"، وتَظهر فيها مشاهد إعدام الصحافي الأميركي جيمس فولي، على يد عناصر من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وبعد قرار رفع الحصانة البرلمانية عنها، سيتمكن المحققون الفرنسيون من استدعاء لوبان بقوة القانون، والاستماع إلى أقوالها في هذه القضية، التي تواجه فيها احتمال عقوبة بالسجن النافذ، قد تمتد إلى ثلاث سنوات، وغرامة مالية قد تصل إلى 75 ألف يورو، بحسب ما ينص القانون الفرنسي في بعض الحالات.
وكانت لوبان قد أثارت جدلاً ساخنا في فرنسا وخارجها، بعد نشرها صورا لإعدام الصحافي الأميركي، في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015، من بينها صورة لجثة الصحافي بعد قطع رأسه، وعلّقت "داعش هو هذا"، ثم عادت وحذفتها من حسابها على موقع "تويتر".
ودافعت عن نفسها حينها بالقول "لم أكن أعلم أن الصور هي للصحافي الأميركي جيمس فولي، وجدتها في محرك البحث غوغل. وعندما علمت أن عائلته تطالبني بسحب الصور قمت بذلك على الفور". وبررت لوبان وقتها نشر الصور بأنها كانت ردا على مقارنة كان واجهها بها الصحافي جان جاك بوردان بين حزب الجبهة الوطنية وتنظيم "داعش".
وكانت لجنة الشؤون القضائية في البرلمان الأوروبي قد قررت، الثلاثاء الماضي، رفع الحصانة عن مارين لوبان، استجابة لطلب قدمه قاضي محكمة "نانتير" في الضاحية الباريسية، على أن تتم المصادقة على القرار، اليوم الخميس. وأتى طلب رفع الحصانة في قضية "بث ونشر الصور العنيفة" وليس في قضية التورط في "توظيف وهمي" لمساعدتها البرلمانية، التي رفضت لوبان مؤخراً المثول أمام قاضي التحقيق، بشأنها.
ويأتي ذلك، في وقتٍ يسود توتر شديد بين عدة مرشحين للرئاسة الفرنسية والعدالة، بسبب الملاحقات القضائية. وكانت لوبان قد تحدّت القضاء، الأسبوع الماضي، ورفضت المثول أمام المحققين للدفاع عن نفسها، وتسجيل أقوالها في قضية الاشتباه بالتورط في قضية "التوظيف الوهمي".
وأعلنت المرشحة الفرنسية، في 24 فبراير/شباط الماضي، أنها لن تستجيب لأي استدعاء قضائي قبل نهاية الانتخابات الرئاسية، في مايو/أيار المقبل، والتشريعية، في يونيو/حزيران. وهو القرار الذي لا يستطيع القضاء أن يواجهه، إلا في حالة رفع الحصانة البرلمانية الأوروبية.
وتتهم لوبان الحكومة الاشتراكية الفرنسية باستعمال القضاء لعرقلة حملتها الانتخابية ومنعها من خوض الاقتراع الرئاسي. وصعّدت من لهجتها ضد القضاء، وذهبت حد تهديد القضاة، الثلاثاء الماضي، بالانتقام منهم في حال نجاحها في الانتخابات وتسلّمها الرئاسة الفرنسية.
واعتبرت أن القضاء بات "أداة في يد السلطة السياسية" التي توظّفه لمآرب سياسية خاصة، مضيفةً "إن دولة القانون ليست هي حكومة القضاة". وهذه التصريحات أثارت جدلا كبيرا ودفعت جمعية القضاة الفرنسيين إلى انتقادها بشدة.
كما أن الرئيس فرانسوا هولاند، ورئيس الوزراء برنار كازنوف، انتقدا بشدة هجوم لوبان على "موظفي الدولة والمؤسسات العامة".
ومن المتوقع أن تواصل لوبان حملتها الانتخابية رغم رفع الحصانة البرلمانية عنها، وحتى إن اضطرت إلى الخضوع لاستدعاء قضائي، بشأن قضية "بث الصور العنيفة".
وتتصدّر مرشحة الجبهة الوطنية، منذ عدة شهور، المرتبة الأولى بين المرشحين للرئاسيات، حسب استطلاعات الرأي. وترشح هذه الاستطلاعات لوبان للفوز بسهولة في الدور الأول من الرئاسيات، غير أنها تُجمع في ذات الوقت على أنها ستنهزم في الدورة الثانية، كيفما كانت هوية المرشح الذي ستقارعه.
لكن لوبان باتت تعتبر أنها أمام فرصة تاريخية للوصول إلى سدة الرئاسة الفرنسية، في ظل تشتت وضعف اليسار الاشتراكي، ومرشحه الشاب بونوا هامون، وأيضا في سياق تهاوت فيه شعبية المرشح اليميني المحافظ فرانسوا فيون، بسبب قضية التوظيف الوهمي لأفراد عائلته في البرلمان.